الرئيسية آراء وأقلام الإيمان والكفر في ميزان البوز… او عندما يسرد الملحدون حكاياتهم…

الإيمان والكفر في ميزان البوز… او عندما يسرد الملحدون حكاياتهم…

FB IMG 1650377990602
كتبه كتب في 19 أبريل، 2022 - 2:21 مساءً

صوت العدالة- نورالدين بوصباع

أن يختار بعض الأشخاص والأفراد الحديث عن تجربة تحولهم من الإيمان إلى الإلحاد أو العكس الحديث عن تجربة تحولهم من الإلحاد إلى الإيمان بشكل يُغرق في الازدراء والغلو بل والتطرف أحيانا للرفع من عدد المتابعين لتدويناتهم والحصول على البوز، ظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير الأمر الذي يستدعي الوقوف عند هذه الظاهرة الاجتماعية وكشف جوانبها المختلفة.
أول شيء يجب الإشارة إليه هو أن مسألتي الإيمان والكفر هما مسألتان شخصيتين وتتعلق بالفرد نفسه وبقناعاته الجوانية وتوجهاته ورؤيته الانطولوجية، وهي بالمناسبة ليست تأشيرة للحكم على صلاح الفرد أو خطئه، أو على صفاء سريرته أو خبثها، أو علو كعبه أو دناءة قيمته، وهي زيادة على ذلك الإيمان/ الإلحاد مسألتان سياسيتين وليس دينيتين، فرمي الآخرين بالكفر أو الإيمان مرجعهما السياسة لا الدين وارتبطا دائما بالصراع حول السلطة السياسية.


ثاني شيء يجب الإشارة إليه أن مثل هذا الخطاب الإيمان/ الإلحاد ينتعش في المجتمعات الحزينة وفي المجتمعات المتخلفة التي لازالت تعيش على اجترار هذه الثنائية للامعان في تفريغ المجتمع من أسئلته الراهنة ومن قضاياه المصيرية و شغله بنقاشات جانبية لا تقدم أو تأخر شيئا من وضعه الطبقي ومن مأزقه الحضاري، ولهذا يظل خطابا تضليليا وتمويهيا وخطابا من أجل المزايدات الفارغة.
ثالث شيء يجب الإشارة إليه أن المزايدة على كل من الإيمان والإلحاد ليس هو بيت القصيد للوصول إلى الكمال الإنساني وتحقيق مقاصد الكينونة و ماهية الوجود” أنا لا يعنيني ما تؤمن به يعنيني ما الذي يمكن أن تفعله بهذا الإيمان تبني أم تهدم، تظلم أم تعدل، تسلب أم تمنح، تحب أم تكره، تحرر أم تستعبد” كما أشار إلى ذلك إبراهيم نصر الله، والعكس صحيح، أنا يعنيني أن تكون إنسانا يرقى بإنسانيته نحو الكمال والكونية بحيث لا يتعدى حدوده، ولا يُلزم الآخرين بأفكاره وعقيدته عنوة وتحت التهديد وذلك لسبب واحد هو أن هدف الدين أن تُسيطر على نفسك،ليس على الآخرين كما عبر عن ذلك الدالاي لاما، ولا يعتقد انه لوحده من يمتلك مفاتيح الجنة.


رابع شيء يجب الإشارة إليه أن الغلو والتطرف في ازدراء أي دين من الأديان بدعوى الحداثة والتنوير هو دليل قصور مادامت الحداثة نفسها لم تعد موضوعا جديرا بالاهتمام بعد أفول مضامينها الكبرى تحت مطرقة فتوحات ما بعد الحداثة وبالتالي أصبحت الحداثة ذاتها موضعا إشكاليا وإرثا رثا يجب وضعه تحت مجهر التصويب و التعديل.ولهذا حتى في الوقت الذي كنا نعتقد أن الطابع السحري للعالم قد ذهب إلى حيث لا رجعة نجد اليوم أن الدين يعود بقوة إلى الواجهة وبشكل غير مسبوق ولعل المشهد الذي مثله رفع الرئيس دونالد ترامب للإنجيل أمام كنيسة القديس يوحنا في واشنطن هو تعبير صريح على أن دور الدين اليوم أقوى ومن أي وقت مضى.


خامس شيء يجب الإشارة إليه هو أن نقد أي دين من الأديان يجب ألا يكون من زاوية تصفية حسابات شخصية أو لاعتبارت فردية بهدف الانتقام كما بتنا نرى من بعض الأفراد الذين يحولون صراعاتهم الشخصية الا مسألة ضرب لهذا الدين أو ذاك، بل يجب أن يكون بطرق عقلية ومنطقية ترتكز على نقد الشكل والمضمون، النص المؤسس والنص الثاني، الظاهر والباطن في النص الديني بعيدا عن الإسقاطات الذاتية و الأحكام المسبقة.

مشاركة