الرباط ـ عبد السلام اسريفي| رئيس التحرير
في تطور غير مسبوق في مسار الصراع الإيراني–الإسرائيلي، وجهت إسرائيل، في اليوم الأول لهجومها على إيران، ضربة دقيقة ومباغتة استهدفت البنيات البشرية قبل البنيات التحتية، في عملية تعكس مستوى متقدماً من التنسيق الاستخباراتي والاختراق الأمني العميق.
فبحسب مصادر متقاطعة، استهدفت الضربة الأولى شقة سرية كانت تضم عدداً من العلماء النوويين وقادة كبار في الحرس الثوري الإيراني، في ضربة وصفت بـ”القاتلة”، لم تأتِ فقط لتدمير منشأة أو قاعدة عسكرية، بل لتوجيه ضربة مباشرة إلى العقول المدبرة للمشروع النووي الإيراني.
الهدف: شلّ المشروع النووي من الداخل
الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: تجريد إيران من نخبها العلمية والعسكرية التي تشكل العصب الحي لتطوير برنامجها النووي. إذ لا يمكن تعويض الكفاءات البشرية بنفس سرعة إصلاح البنية التحتية، وهو ما يشير إلى تحول في العقيدة العسكرية الإسرائيلية تجاه إيران، حيث لم تعد الضربات تقتصر على المواقع، بل تستهدف المفاتيح البشرية الاستراتيجية.
اختراق استخباراتي عميق… وفشل أمني إيراني
النجاح في رصد موقع اللقاء السري وتنفيذه بدقة، يكشف عن اختراق استخباراتي إسرائيلي واسع داخل العمق الإيراني، ويُسائل كفاءة الأجهزة الأمنية الإيرانية، التي فشلت في كشف الخلايا التجسسية أو تأمين النخب العاملة في البرنامج النووي. هذا الفشل يفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول مدى هشاشة المنظومة الأمنية الداخلية لطهران.
تداعيات استراتيجية: إيران أمام سيناريو العراق؟
الضربة لم تكن فقط لإحداث خسائر آنية، بل لتوجيه إيران نحو زاوية استراتيجية حرجة: شلل مؤقت في مشروعها النووي، فقدان الكفاءات، وانكشاف أمني، كل ذلك ضمن خطة يبدو أن هدفها الأبعد هو دفع إيران إلى حرب استنزاف طويلة، تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها التقليديون، على غرار ما حدث مع العراق.
تاريخياً، كانت الحروب ذات الكلفة البشرية العالية مدخلاً لإعادة تشكيل الأنظمة، وهو ما يبدو أن إسرائيل تراهن عليه، من خلال إنهاك النظام الإيراني ودفعه إلى القبول بشروط تفاوضية قاسية، أو حتى التمهيد لتغييرات سياسية عميقة تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط.
السيناريو القادم: مزيد من التصعيد؟
مع استمرار الضربات التي استهدفت لاحقاً مواقع استراتيجية وبنى تحتية عسكرية، بات من الواضح أن إسرائيل لا تتحرك بشكل منعزل، بل كجزء من تكتيك إقليمي أوسع لضرب قدرات إيران وتقليص نفوذها، ليس فقط في الداخل بل في المنطقة ككل.
ويبقى السؤال المطروح: هل سترد إيران برد تقليدي؟ أم ستبحث عن تصعيد يغير قواعد اللعبة؟ ما هو مؤكد حتى الآن أن الشرق الأوسط مقبل على مرحلة إعادة ترتيب النفوذ، قد تكون بوابة لمرحلة جديدة من التحالفات والخصومات.