في تطور لافت قد تكون له تداعيات على مستوى الأمن الإقليمي، تشير مصادر متقاطعة إلى انطلاق ما يشبه عملية أمنية دقيقة في مخيمات تندوف الواقعة جنوب غرب الجزائر، يُعتقد أنها تستهدف تطهير المنطقة من أسلحة إيرانية المصدر وصلت إلى أيدي جبهة البوليساريو، أو فصائل مسلحة تنشط في محيط المنطقة.
تندوف في قلب معادلة جيوسياسية معقدة
لطالما شكلت مخيمات تندوف محورًا للتوتر المزمن بين المغرب وجبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر. غير أن المعطى الجديد هذه المرة يتمثل في البعد الإيراني المحتمل، الذي إن تأكد حضوره، فسيعني انخراط طهران في بؤرة توتر إضافية على أطراف الساحل والصحراء.
بحسب معطيات تداولتها وسائل إعلام ومصادر استخباراتية غربية، فإن تهريب أسلحة متطورة عبر شبكات إيرانية – بعضها يمر عبر ليبيا أو الساحل الإفريقي – قد بلغ مستويات مقلقة في الشهور الماضية، خصوصًا في ظل التقارب الحذر بين إيران وبعض الفصائل غير النظامية في شمال إفريقيا.
مؤشرات على الأرض
مصادر محلية من داخل تندوف تحدثت عن تحركات غير معتادة لقوات أمنية، بعضها جزائري، بالإضافة إلى تقييد تنقلات قيادات من جبهة البوليساريو في الأيام الأخيرة. كما أُفيد بعمليات تفتيش دقيقة لبعض المواقع والمخازن، وسط تكتم رسمي جزائري واضح، وغياب لأي تعليق مباشر من إيران.
وفي الوقت ذاته، لم تصدر تأكيدات رسمية من طرف المغرب، إلا أن الرباط كانت قد حذّرت مرارًا من محاولات إيران زرع عدم الاستقرار في غرب إفريقيا، عبر دعم شبكات تسليح لمجموعات انفصالية أو إرهابية.
أبعاد إقليمية ودولية
إن صحّت الأنباء عن تورّط إيراني في دعم البوليساريو بالسلاح، فهذا سيثير حفيظة المغرب، وسيزيد من توتر العلاقات بين المغرب والجزائر ،أمام قلق أوروبي وأمريكي من تمدد النفوذ الإيراني في منطقة تعتبر هشة أمنيًا ومفتوحة على التهديدات.
كما قد تؤثر العملية – في حال استمرارها وتوسّعها – على جهود وساطة الأمم المتحدة في ملف الصحراء، وتزيد من تعقيد المساعي الأممية لإيجاد حل سياسي مقبول من الطرفين، رغم أن الملف قد حسم على مستوى العالم،وما هي الا شهور وسيغلق الملف بشكل نهائي ويتم اعلان البوليساريو منظمة إرهابية.
هل من دلائل حاسمة؟
حتى الآن، تفتقر المعلومات المتداولة إلى تأكيد رسمي من طرف مستقل، لكن تكرار الإشارات إلى أسلحة إيرانية خفيفة ومتوسطة تم ضبطها في المنطقة يزيد من وجاهة هذه الفرضية، خصوصًا في ظل سجل طهران الحافل بمدّ حلفائها في الشرق الأوسط بالسلاح والتدريب، كما هو الحال مع حزب الله والحوثيين وحماس.
في انتظار توضيحات رسمية، تبقى عملية “تطهير تندوف من السلاح الإيراني” – إن ثبتت – مؤشرًا على تحول نوعي في الصراع الإقليمي، حيث تنتقل المنافسات من التصريحات إلى الأذرع المسلحة والمواجهات الأمنية غير المباشرة. ومهما كانت خلفيات العملية، فإن المنطقة تدخل مرحلة جديدة من الحذر والتوجس، في ظل شبكة متداخلة من المصالح والأجندات الإقليمية المتشابكة.