الرئيسية آراء وأقلام من وحي أزمة كورونا هل تساهم أزمة كورونا في تغيير القيم الإنسانية ج1

من وحي أزمة كورونا هل تساهم أزمة كورونا في تغيير القيم الإنسانية ج1

IMG 20200324 WA0247
كتبه كتب في 24 مارس، 2020 - 9:22 مساءً

بقلم : ذ. مصطفى أمجكال – فاعل جمعوي

صوت العدالة

عام كورونا ، هكذا سوف يؤرخ لسنة 2020 عند سكان الكرة الأرضية قاطبة ، فهو عام التغيير بامتياز ، عام الصدمة التي هزت عروش  الدول العظمى و أركان الاقتصاد العالمي القوي و السياسات الدولية و المصالح المتبادلة . 

سنة 2020 سنة الصحة العالمية ، إنها سنة الحرب ضد عدو خفي لا تراه العين المجردة ، عدو أزهق عشرات الالاف من الأرواح في غضون اشهر قليلة أمام انظار الأطباء و المتخصصين و ارباب المختبرات الطبية و شركات الأدوية العالمية . فمنذ اللحظات الاولى التي تناسلت فيها أخبار العدو القاتل بالصين ، أخذ العالم بأسره يترقب ما سوف تسفر عنه الاجراءات المتخذة من طرف الصين وهي واحدة من اقوى الاقتصادات العالمية و المتقدمة جدا في مختلف المجالات الصناعية و خاصة الطبية و الصحية .. لكن كورونا كان أقوى من كل التوقعات و سرعان ما بسط نفوذه على العالم في تحدى صارخ وقوي لكل الانظمة  الصحية العالمية و مخترقا كل الحدود الجغرافية و مناطق العبور و الجمارك و متحديا كل الاجهزة الاستخباراتية القوية .

كورونا عدو قوي ، هذه حقيقة أدركها العالم حين وجد نفسة مرغما على الدخول الى المنازل كحل وحيد للحد من انتشار الوباء و حصر العدوى في انتظار ما تسفر عنه الابحاث العلمية داخل المختبرات الطبية العالمية التي تعمل ليل نهار من أجل لقاح فعال يخرج العالم من جائحة عمت العالم . 

إن هذه الجائحة العالمية جعلت من عاداتنا و تقاليدنا و معاملاتنا تتغير رأسا على عقب ، أو ربما يمكن القول أنها جعلتنا نستفيق نحو أنفسنا بشيء من الوعي ، وعي صحي و مجتمعي و إنساني تضامني ، وعي سياسي و اقتصادي و أخلاقي .. حيث صرنا ننظر بعين الحقيقة  للحياة ، فهل تساهم أزمة كورونا في تغيير القيم الإنسانية العالمية ؟؟

لعل كل المتتبعين لمجريات الأحداث العالمية اليوم يرى بعين البصيرة تغيرات جدرية على أكثر من صعيد ، و سوف أحاول من خلال هذا المقال استعراض وجهة نظري المتواضعة كفاعل جمعوي وسياسي و كرب أسرة كان للحضر الصحي الاثر البالغ في رسم مجموعة  من الملاحظات الأسرية والتي بكل تأكيد سوف تكون لها الاثار الايجابية على المستوى القريب و البعيد .

ما بعد كورونا  ، للصحة المقام الأول و  النصيب الأوفر في دائرة الاهتمامات الانسانية جمعاء ، فعلى المستوى السياسات الحكومية الدولية و الوطنية سوف يكون لقطاع الصحة  الحيز الأكبر من النقاش و الاهتمام ، فالجميع اليوم أدرك أنه مهما بلغت منظوماتنا الصحية من التطور و القوة تبقى غير كافية في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم و الذي من شأنه أن يخلق ازمات صحية عالمية تجتاح القارات بسرعة متناهية . 

لن أناقش موضوع كورونا من منظور الصراع الدولي بين القوى العظمى ، فذلك موضوع مستنزف للطاقة الفكرية دون التوصل إلى اليقين نحو أي طرح مهما بلغت ادلته و شواهده ، لكن اليوم يبقى الواقع سيد الموقف و الذي يحكي أزمة لم يشهدها العالم منذ عقود . اليوم كورونا ارغمت العالم على التفكير الجدي في السياسة الصحية كأولى الاولويات ، و الدليل الاكبر هو أننا نستطيع توقيف التعليم و التجارة والمساجد و المقاهي و كل شيء .. لكن لن نستطيع توقيف الاطباء و الممرضين الذين يواجهون اليوم الأزمة في الصفوف الامامية من الحرب ضد فيروس كوفيد 19 .

واقع الصحة  في ظل أزمة كورونا يجعلنا نعري واقع التعليم بكل شفافية و جرأة و نضع الاسئلة الجوهرية الدقيقة : هل منظومتنا التعليمية تستجيب للتحولات العالمية اليوم في شتى المجالات ؟ هل يستطيع  تعليمنا اليوم بسياساته الراهنة أن ينتج لنا جيلا من المفكرين و الباحثين و المخترعين و ارباب البحث العلمي في مجال الطب والادوية و مهندسي السياسات العمومية التي تواكب التطور العالمي ؟ هل يستطيع تعليمنا اليوم أن يصنع نخبة سياسية قوية يراهن عليها مستقبلا في بناء المغرب الحديث ؟

إننا من خلال نظرة واقعية و موضوعية  عن التعليم اليوم سندرك مدى التعثر و التأخر والشلل الذي اصاب  المنظومة التعليمية ككل سواء منها الخاص أو العام ، و الامر لا يحتاج إلى تفصيل أكبر ، فالعبرة بالنتائج لا بالوسائل .

 أزمة كورونا اليوم غيرت الحياة رأسا على عقب ، و لعل أكبر مظاهر هذا التغير هو الجدية في التعامل مع الواقع و الأحداث ، فمنذ أن استشعر المواطن الخطر المحدق بحياته و عائلته من جراء انتشار فيروس كورونا حتى قطع مع مظاهر الهزل نحو الجد و مع التفاهة نحو التعقل و المعقول ، وقد راينا كيف تهاوت قنوات العبث و تعالت أصوات الحكمة و الوطنية ، و كيف تعالمت الدولة بالصرامة اللازمة مع الاستهتار بحياة المواطنين و مصلحة الوطن .

يتبع …..

مشاركة