الرئيسية آراء وأقلام قراءة قانونية الرشوة و استغلال النفوذ

قراءة قانونية الرشوة و استغلال النفوذ

E0D8B03B 0E1F 499C B4EB 4FE17B8FA485.jpeg
كتبه كتب في 13 نوفمبر، 2023 - 4:08 مساءً

تعتبر جرائم الرشوة واستغلال النفوذ من الجرائم التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام من قبيل تواطؤ الموظفون، الاختلاس والغدر، الشطط في استعمال الموظفين للسلطة ضد النظام العام، الرشوة استغلال النفوذ وغيرها من الجرائم.
وقد عمل المشرع على تنظيم جريمة استغلال النفوذ في الفرع الرابع من الباب الثالث من الجزء الأول من الكتاب الثالث وخاصة مقتضيات الفصل 250 من القانون الجنائي المغربي.
مع ضرورة التأكيد على أن قيام جريمة استغلال النفوذ يشترط فيه ركن مادي عبارة أولا عن فعل إجرامي يقوم به الجاني إذ تقوم جريمة استغلال النفوذ على نفس العناصر التي يتحقق بها النشاط الإجرامي في جريمة الرشوة والذي يتمثل ذلك في طلب أو قبول عرض أو وعد أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى، كيفما كان شكل الطلب أو القبول أو التسلم، وسواء أتم ذلك بشكل صريح، أو ضمني، مباشرة أو عن طريق وسيط.
ويعتبر الطلب أو القبول أو التسلم مكونا لجريمة تامة وليس مجرد محاولة، وذلك بصرف النظر عن قبول أو رفض هذا الطلب من صاحب الحاجة، لأن إعلان الجاني عن عزمه على اقتضاء مقابل لنفوذه يتحقق به فعلا الانحراف بهذا النفوذ والاتجار بخدمات المرافق العامة؛ التي يريد التدخل لديها لتلبية رغبة صاحب الحاجة.
وثانيا: تذرع الجاني بنفوذ حقيقي أو مزعوم بمعنى أن الجاني يعتمد في قضاء حاجة مقدم المكافأة على النفوذ الذي له على الموظف أو الإدارة المختصة.
وغالبا ما يستمد الجاني النفوذ الحقيقي من وظيفته أو مركزه أو علاقته مع الموظف المختص بالعمل أو الامتناع عنه، مما يمكنه من التأثير عليه، وفي حالة التذرع بنفوذ مزعوم لا يكون للجاني نفوذ حقيقي على الموظف المختص، وإنما يوهم صاحب الحاجة بذلك، ويكفي مجرد الادعاء الشفوي أو الكتابي لتحقيق ذلك.
على أنه يتعين أن يتم التذرع بالنفوذ لدى سلطة عامة وليس المؤسسات الخاصة أو ما شابهها.
هذا وإلى جانب الركن المادي لابد و أن يتوفر الركن المعنوي و الذي يتخذ في هذه الجريمة صورة القصد الجنائي بعنصرية الإرادة والعلم، أي العلم بكافة العناصر التي يشترطها نص التجريم، وإرادة ارتكاب السلوك الإجرامي..
مع ضرورة التأكيد على أن المشرع افرد لهاته الجريمة عقوبة خاصة هي الحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، وإذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عاما أو متوليا مركزا نيابيا، فإن العقوبة ترفع إلى الضعف (الفصل 250 ق.ج)، أما إذا كان الغرض من استغلال النفوذ هو القيام بعمل يكون جناية في القانون، فإن العقوبة المقررة لتلك الجناية هي التي تطبق على مرتكب استغلال النفوذ (الفصل 252 ق.ج).
و في المقابل تعرف جريمة الرشوة على أنها اتجار الموظف ومن في حكمه بوظيفته، أو بالأحرى استغلال السلطات المخولة له بمقتضى تلك الوظيفة لحسابه الخاص، وذلك بأن يطلب لنفسه أو لغيره، أو يقبل أو يأخذ وعدا أو يتسلم هبة أو هدية لأداء عمل من أعمال وظيفته، أو يزعم أنه من أعمال وظيفته، أو يمتنع عن ذلك العمل ولو أنه خارج عن اختصاصاته إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله.
مع ضرورة التمييز بين الراشي والمرتشي لاختلاف الأحكام المنظم لكل منهما:
فالركن المعنوي في جريمة المرتشي يتميز بخصوصية إذ تندرج الجريمة التي يرتكبها المرتشي ضمن الجرائم العمدية، والتي تستلزم توفر القصد الجنائي لدى الجاني، و عليه ينبغي أن تتجه إرادة المرتشي إلى الاتجار بوظيفته وأخذ رشوة مقابل القيام بالعمل أو الامتناع عنه وأن يعلم وقت الطلب أو القبول أو التسليم أن هذا الثمن هو مقابل قيامه بعمل معين أو الامتناع عنه بصورة مخالفة للقانون..

 أما بالنسبة للراشي و استنادا إلى الفصل 251، فإن الركن المادي في هذه الجريمة يتخذ ثلاث صور:

-استعمال العنف أو التهديد: -تتحقق هذه الصورة بقيام الجاني باستخدام العنف أو الإكراه أو التهديد لإجبار الموظف على القيام بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه عمل يدخل في إطار وظيفته، مع التأكيد على أن المشرع لم يحدد وسائل العنف أو التهديد ولا درجتها وقد يكون الإكراه ماديا أو معنويا.
-تقديم الوعد أو العرض، تتحقق هذه الصورة بقيام الراشي بإغراء الموظف للاتجار بالوظيفة المسندة إليه، إذ مجرد تقديم الوعد أو العرض يعتبر كافيا لقيام الجريمة في جانب الراشي بغض النظر عن قبول الموظف المختص بالعمل أو الامتناع للوعد.
–الاستجابة لطلب الرشوة، على خلاف تقديم الوعد أو العرض، فإن الراشي لا يقوم بعرض الرشوة من نقود، أو أي مقابل، ولكنه يقبل ويستجيب لطلب المرتشي، إذ تقوم الجريمة باستجابة الراشي لطلب المرتشي لأنه باستجابته لطلب الموظف فإنه يشجعه على الاتجار بوظيفته.
أما فيما يتعلق بالركن المعنوي في جريمة الراشي، فتعتبر الجريمة التي يرتكبها الراشي جريمة عمدية لذلك ينبغي توفر القصد الجنائي لديه، ويتحقق ذلك باتجاه إرادته إلى إحداث الفعل المادي وتحقيق النتيجة الإجرامية، وأن يكون عالما بأنه يتجه بفعله إلى موظف عمومي أومن في حكمه من جل القيام بعمل أو الامتناع عنه، عن طريق العنف والتهديد أو من خلال تقديم وعد أو عرض أو هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى، أو الاستجابة لطلب رشوة مع علمه بطبيعة هذا الطلب.
وانطلاقا مما سبق يمكننا ان نرصد أهم أوجه الاختلاف بين الجريمتين كالتالي:

  • صفة الفاعل في الجريمتين : جريمة الرشوة كما هو معلوم من جرائم ذوي الصفة ، فلابد ان يكون المرتشي موظفا او من في حكمه طبقا للفصل 248 من القانون الجنائي المغربي او عاملا او مستخدما او موكل بأجر كما هو منصوص عليه في الفصل 249 من القانون الجنائي المغربي.
    أما في جريمة استغلال النفوذ فالصفة ليست عنصرا لقيام الجريمة، فيجوز ان يكون مستغل النفوذ فردا عاديا من الناس، ومع ذلك فصفة الموظف العمومي تعد ظرفا مشددا في هذه الجريمة …
  • طبيعة المقابل في الجريمتين : اذا كان المرتشي يطلب او يقبل او يتسلم المكافأة مقابل خدمة يقوم بأدائها مباشرة لصاحب الحاجة، لكونها تدخل في نطاق اختصاصه الوظيفي ، فإن مستغل النفود لا يقوم بقضاء حاجة صاحب المكافأة مباشرة ، لأنها خارجة عن اختصاصه ، وانما يباشر نفوذه على الشخص او الهيأة المختصة لتلبية رغبة صاحب الحاجة فاذا كان المرتشي يتاجر بعمله الوظيفي ، فإن مستغل النفوذ يتاجر بنفوذه الحقيقي أو المزعوم على الجهة المختصة بالعمل الوظيفي.
مشاركة