- الجزء الأول
كتبه مصطفى امجكال
بين الفينة و الأخرى في بلدنا العزيز تثار الزوبعة في فنجان الساحة السياسية و الفكرية و الدينية، فتتحرك الأقلام و ترفع الأعلام و تدق طبول الحرب و تحفر الخنادق و تبدأ أكبر عملية تصفية للحسابات بين كل الأطراف ، حيت يدعي الجميع الحقيقة ، بينما يتيه المواطن المسكين في أودية الحياة السحيقة.
خرج بلافريج عند فيدرالية اليسار بتصريح حول الحريات الفردية و خرج المعترضون كما هي العادة يدافعون عما يعتقدون أنه الصواب و الحق ، و تزامن هذا مع قضية الإجهاض و هاجر الريسوني و العفو الملكي عنها مؤخرا وخروجها من السجن و ما صرحت به حول ما قاله الدكتور الريسوني عن الحريات الفردية . كل هذا و ذاك أشعل فتيل الحرب و حشد كل فريق أتباعه يناصرون و ينتصرون و يعلنون التضامن و التآزر و يوقعون العرائض ، فانغمس الكل في موضوع الحريات الفردية بين الضحية و الجلاد . لكن المواطن البسيط يسأل هؤلاء جميعا : من الضحية و من الجلاد ؟
الضحية في اعتقادي هو الشاب الذي لم يتعلم اوصل النقد العلمي منذ نعومة أظافره و وجد نفسه ضحية الأيديولوجية تتلاعب به يمينا و شمالا، هذا يقول له فلان ضال وجب زجره و قتله فيسارع إلى التنفيذ كأقرب وسيلة الى الله و الجنة. و الضحية أيضا في الطرف الآخر ذلك الشاب الذي صورو له أن الحداثة و التقدم في معادات كل مظاهر التدين و زرعوا في خلده محاربة كل كلام تضمن قال الله و قال رسوله .. فصار كل متدين إرهابي ، وكل ملتح داعشي ، و كل محجبة او منتقبة اخوانجية متطرفة. ..
لقد نجح زعماء الطائفتين في صناعة القطيع و تربية الاتباع و المقلدة ، يحاربون بهم في كل الجبهات و يحركونهم في كل الاتجاهات. فكيف بالله عليكم يا أولي الألباب يمكن لمجتمع كيفما كان أن يعرف معنى الحوار وفيه زعماء و اتباع من هذا النوع و هذه الفصيلة؟ !
الضحية هو الفكر الديني نفسه الذي لم يستطع لحد الساعة أن يجد له أرضية للحوار بين كل الأطراف رغم كل الشعارات البراقة التي يرفعها الدعاة و المشايخ ، بالفعل انها شعارات جميلة و رنانة ، لكن تنزيلها سقيم و فاشل ، و يظهر ذلك عند أول جدال حيت تنتشر مصطلحات : كافر ، زنديق ، ضال ، مخنث، ديوث ….تؤثث فضاء الحوار و منصات التواصل الاجتماعي.
و في المقابل، لا يزال أرباب الفكر التقدمي الحداثي ينظرون للأحداث و الوقائع من برجهم العاجي المتعالي الذي يرى كل خطاب تراثي رجعية و تخلف . فصار هذا الفكر ضحية في حد ذاته حيت يرى الحقيقة عنده لا عند غيره ، و مهما حاول الإدعاء فواقع النقاش العمومي هو المرآة الكاشفة لحقيقة الفكر و جوهره و ليس الشعارات .
في عودة سريعة لموضوع الحريات الفردية و كمتتبع للأحداث و ملاحظ دون أي ميل لطرف على حساب الآخر، و ان كان كلامي هذا سيغضب بعض الأطراف، لكن يبقى الرأي عندي يقبل النقاش والحوار في حدود الأدب و المسؤولية .
موضوع الحرية الفردية يرتبط اساسا بموضوع التفرقة بين التحريم و التجريم و هنا لابد من وقفة تأمل عميقة جدا في المفاهيم و التطبيقات
اولا : الحرام هو النهي الذي يعاقب فاعله و يثاب تاركه ، هذا تعريف الحرام من الناحية الأصولية . يبقى مفهوم العقاب في التعريف هل هو عقاب أخروي ام دنيوي ؟
من خلال التعريف أيضا لابد أن يكون العقاب أخروي كما أن الثواب أخروي أيضا، فالذي يترك شرب الخمر مثلا طاعة لله يجازيه الله بالأجر وحسابه عند الله في الجنة ، انا الذي يشربه فإثمه على نفسه و جزاءه عند الله في الآخرة.
لكن متى يتحول الجزاء من أخروي إلى دنيوي ؟
إذا تعدى الفاعل و تجاوز مسألة الحرام في ذاته إلى آثار سلبية على الناس والمجتمع هنا يصير العقاب بين يدي السلطة الدنيوية التي يبث فيها القضاء ، أن كان حدا فحد و ان كان تعزيرا أو أحكاما أخرى تراها المسطرة القانونية فيكون الحكم بحسب الحالة و درجتها .
لماذا هذا التفريق و ما مصدره ؟
هذا ما سأحاول طرحه في الجزء الثاني من المقال بإذن الله .
الحرية الفردية بين التحريم و التجريم
كتبه كتب في 24 أكتوبر، 2019 - 9:37 مساءً
مقالات ذات صلة
13 يناير، 2025
حين يضيق الأفق في مرآةٍ واسعة.
بقلم…معاذ فاروق هناك، في صمت اللحظات الثقيلة، حيث يتصارع الضوء مع امتداد الظل، تبدو الحياة كأنها ساحة لصراع أزلي لا [...]
13 يناير، 2025
فرنسا والجزائر، قضية المؤثرين،القشة التي قسمت ظهر البعير.
بقلم..عبد السلام اسريفي/ رئيس التحرير فبعدما كان يتعلق بـ”خلاف سياسي” حول موقف باريس المستجد من قضية الصحراء المغربية ومقترح الحكم [...]
12 يناير، 2025
قد نختلف.. لكن لماذا ؟؟
بقلم…محمد الموستني قد يعجز الافراد عن اداره الاختلاف في مجتمعات ينتمون اليها وتفتقد التعدديه التي تعتبر رافدا من روافد الديمقراطيه، [...]
9 يناير، 2025
” مكاسب الدبلوماسية الملكية الحكيمة تكريس لتسريع وتيرة الطي النهائي لملف النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية “
بقلم الأستاذ/ الكاتب الحسن لحويدك رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب. بناء على العديد من المعطيات ، شهدت [...]