الرئيسية أحداث المجتمع تقرير عن ندوة تفاعلية عن بعد

تقرير عن ندوة تفاعلية عن بعد

IMG 20200619 WA0349
كتبه كتب في 19 يونيو، 2020 - 6:31 مساءً

في إطار الأنشطة العلمية عن بعد نظم كل من المركز الدولي للدراسات والبحث العلمي المتعدد التخصصات فرع طانطان وجمعية نادي الموظف بها وبتعاون تقني مع فضاء  المعلومة القانونية على الفيسبوك يومه الخميس 18 يونيو 2020 على الساعة السابعة مساء ندوة علمية تفاعلية عن بعد في موضوع: “الإدارة العمومية بالمغرب ومطلب الإصلاح: المداخل والرهانات”، بمشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين الجامعيين وأطر إدارية. والتي خصصت لمناقشة هاجس إصلاح الإدارة العمومية،  فبالرغم من خضوع هذه الأخيرة لمحاولات إصلاح وتجارب تحديث مبتكرة في مجالات عديدة، ظلت تصرفاتها ومنجهية اشتغالها وتدبيرها عرضة للانتقاد.

لذلك كله، سعى منظموا هذا النشاط العلمي إلى تشخيص مكامن الضعف ومواطن الخلل في إداراتنا من جهة، وكذا دعوة هذه الأخيرة عبر مخرجات هذه الندوة لإعادة النظر في فلسفة اشتغالها، وتكييفها مع التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية، وتحديدا في زمن استثنائي كما هو حالنا اليوم مع جائحة كورونا كوفيد 19.

اللقاء العلمي قسم إلى جلستين علميتين، وعرف مشاركة وازنة من أهل الاختصاص في التدبير الإداري، تقدمهم الدكتور محمد اليعكوبي أستاذ القانون العام سابقا ومحامي بهيئة الرباط حاليا، الدكتور عبد الحافظ أدمينو أستاذ بكلية الحقوق السويسي بالرباط ورئيس شعبة القانون العام بها، والدكتور عبد الخالق علاوي أستاذ بكلية الحقوق السويسي بالرباط ومسؤول سابق بوزارة الوظيفة العمومية، والدكتور محمد محاسيني أستاذ بكلية الحقوق بأكادير، والدكتور الحسن الراشدي أستاذ بكلية الحقوق أيت ملول بأكادير، والأستاذ مصطفى كرامي الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية لقطاع العدل بطنطان، وقد أدار الجلستين معا كل من الدكتور يونس الشامخي أستاذ بكلية الحقوق بمراكش، والأستاذة ماجدولين أزهر باحثة بكلية الحقوق بالمحمدية.

 في هذا الإطار سعت جل مداخلات السادة الأفاضل إلى مناقشة رهانات الإدارة المغربية ومداخل إصلاحها بشكل مستفيض، كاشفين في الآن نفسه ما تعيشه من تناقضات ومفارقات في كثير من المناحي: الهيكلية، القانونية، المسطرية، المالية، البشرية، السلوكية..الخ والتي شكلت ولا تزال عائقا في جعل الإدارة العمومية مساهما فاعلا في عمليات التنمية الشاملة.

وفي سياق آخر؛ تساءل بعض المتدخلون عن طبيعة حياة الوظيفة العمومية ببلادنا إرتباطا ببعض النظم المقارنة، متسائلين كذلك عن هوية الوظيفة العمومية التي نريدها لبلدنا سواء على مستوى نظامها أو مجال تطبيقها، في ظل غياب تصور واضح وشامل لإصلاحها، والذي اعتمد غالبا على المقاربة الجزئية، في استبعاد تام للمقترب الشمولي، الشيء الذي طرح مشكل التعدد، وهو أفرز نوعا من الطائفة المهنية.

ومن جانب آخر تباحث السادة المتدخلون في جل المفارقات التي تطغى على المقترب الإصلاحي للإدارة العمومية؛ سواء فيما يخص التوازي بين ظاهرتي الدمقرطة والبرقطة، أو تضاد القانون واللاقانون، و صراع المساواة وحق الإختلاف، وتناقض المشاركة واللامشاركة.

وحاولت هذه الإضاءات أيضا إيجاد أجوبة للإشكالات الجوهرية التي تطرحها عملية إصلاح الإدارة العمومية، حيث قدم السادة الأساتذة  تصورات مختلفة واستنتاجات متعددة، أجمعت كلها على ضرورة تطوير الإدارة لآليات اشتغالها على أساس نموذج مغربي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية الوطنية والمحلية، ومستحضرا البيئة المغربية. ويشتغل كذلك بمفهوم التدبير العمومي الحديث، ويوفر مقومات عملها من موارد بشرية ومالية وعلمية وتكنولوجية حتى تكون مواكبة للمستجدات الدولية، ومستجيبة لمتطلبات التحديث والتجديد، وتكون أداة محورية في خدمة التنمية، ترتكز أساسا على قيم الحكامة المتمثلة في الفعالية والنجاعة والجودة وألية التعاقد والتدبير المندمج والقائم على النتائج  وعلى قواعد الرقابة الحديثة المبنية على التقييم والتدقيق والافتحاص.

ولأن إصلاح الإدارة العمومية لا يجب أن يكون بمعزل عن إصلاح الوظيفة العمومية نادى المحاضرون إلى حتمية إصلاح هذه الأخيرة على أساس مقاربة شاملة تتماشى مع المقتضيات الدستورية والمستجدات القانونية.

وفي ظل النمو المتسارع  سواء في المجالات العلمية المعرفية، وكذا التقنية والمعلومات، وانتشار شبكة الانترنت في زمن الثورة الرقمية دعا المتدخلون إلى المضي قدما نحو التأسيس لنموذج الإدارة الالكترونية القائم على المرتكز التكنولوجيا، وإعادة النظر في شكل الخدمات  المقدمة من طرف أجهزة الخدمة العمومية ليصبح التحول نحو الحكومة الالكترونية نموذجا جديدا، يطرح كبديل للأشكال التقليدية القائمة. وخاصة فيما يرتبط بخدمات  الجمهور. وهو ما سيضفي طابع المرونة على الإجراءات الإدارية والتنظيمية، واستخدام نظم المعلومات الإلكترونية لتبسيط عملية المشاركة و التحاور لإعداد السياسات، وتحديد الأولويات والاستراتيجيات الحكومية، بما يضع حد للتعتيم والسرية، ويضفي قدرا من الشفافية على تلك الأعمال والمهام كخطوة هامة في تفعيل المساءلة والمحاسبة والرقابة داخل الأجهزة الحكومية.

وإذا كان السادة المتدخلين قد استشفوا خيرا في مشروع مرسوم رقم 2.20.343 المتعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة، إلا أنهم ألحوا على تحديد الإدارات والأعمال التي يجب أن تكون محل عمل عن بعد، بالإضافة إلى تحديد الأطر الإدارية والتقنية التي سيشملها هذا المشروع، دون ترك سلطة تقديرية واسعة للمسؤولين، مما سيتناقض مع فلسفة المشروع. كما أن هذا  النوع من العمل لا يجب أن يفهم على أنه امتياز أو إجازة. وبالتالي؛ وجب خلق توازن ما بين مصالح الإدارة وآلية العمل عن بعد كمقترب تحديثي.

وفي ذات الصدد، أجمع كل المتدخلون على أن الحكومات التي نجحت في تدبير جائحة كورونا ومحاصرتها والتخفيف من تداعياها الاقتصادية هي من سعت قبل الأزمة إلى بلورة مشاريع الحكومات الإلكترونية والانتقال من الإدارة التقليدية إلى  الذكية.

اللقاء العلمي عرف تفاعلا كبيرا من المشاهدين والمهتمين من أساتذة وطلبة باحثين على فضاء صفحة المعلومة القانونية بالفيسبوك، وذلك في جو من النقاش  الهادئ والمسؤول.

التقرير من إعداد:

 ذ. جامع الدهيوير، باحث في القانون العام بجامعة القاضي عياض بمراكش.

منسقي اللقاء:

 د. بدر بوخلوف، باحث في المالية العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش

 ذ. فيصل كرمات، مستشار بمركز سوس ماسة للدراسات القانونية والاجتماعية.

مشاركة