الرئيسية آراء وأقلام الهضرة بزاف والسكات احسن في مساءلة الذات والتاريخ

الهضرة بزاف والسكات احسن في مساءلة الذات والتاريخ

FB IMG 1600939372424.jpg
كتبه كتب في 4 أكتوبر، 2020 - 1:58 مساءً

بقلم ذ. :نورالدين بوصباع

دائما في خضم الانثروبولوجيا الثقافية يتعمق السؤال حول تشكيل وبنية العقل المغربي عبر صيرورته وسيرورته التاريخية وكيف شكل هذا الوعي بنية لا تاريخانية ساهمت في تكريس الجمود وعمقت الاستمرارية، فالبنية الثقافية أو الخطاب التداولي وما يحبل منه من مضامين سلبية ومن أساليب انهزامية ترسخت في العقلية المغربية واصبحت جزء من تفاعله مع ذاته مع العالم ومع الحياة هي من تشكل عامل ارتكاس بنيوي شامل يشل فينا حرية المبادرة للتغيير ماضيا وحاضرا ، فالانسان المغربي الذي طبع مع الفساد و استمرأ الظلم ولم يعد يهتم بالشأن العام وانزوى في قلعته وفي قوقعته منعزلا يتجرع الخيبة والمرارة ويعاتب القدر الذي لم ينصفه، هو إنسان لم يفهم سياق الخطاب السلبي والانهزامي الذي يتمثله بشكل جمعي قهري والذي ينغرس في وعيه الشقي والذي يجعله يطلب السلامة والنجاة على حساب الجرأة على قول الحق و مجابهة فساد الواقع.فأن نردد بدون وعي” الهضرة بزاف والسكات احسن” أو ” للي خاف انجا ” و” خلي هداك الجمل بارك” و ‘‘ اديها فسوق راسك‘‘ وأن نصمت حيث يجب أن نتكلم أو نحتج، أو نسكت حيث يجب أن نعبر عن سخطنا وعدم رضانا على مختلف السياسات اللاشعبية التي أفسدت الحجر والشجر فهذا يعني شيئا وحيدا ألا وهو التسليم بالأمر الواقع، وانتظار حلول السماء” الراجا ف الله” و” هاد الشي للي اعطى الله” و ” ربي يخلص” و” حسابنا لهيه” أي أن الحساب هناك في السماء وبعد الموت.
الانثروبولوجيا الثقافية تمدنا بعناصر مفيدة لفهم طبيعة تفكيرنا الذي يغلب عليه الخنوع و الطاعة العمياء ويسيطر عليه الخوف والرهاب، وهذا ما يجعلنا قاصرين في فهم دينامية التغيير و أسس الإصلاح لأننا بكل بساطة شربنا عبر تاريخنا جرعات زائدة من الهزائم النفسية من خلال التنشئة الاجتماعية القهرية ومن خلال التعليم المؤدلج ومن خلال الخطاب الديني الارتكاسي ومن خلال الإعلام الموجه لخدمة الرأسمال القائم على الاستهلاك.
الحفر العميق في الانثروبولوجيا الثقافية في المغرب و مساءلة مجمل خطاباتنا الشفهية يضعنا أمام حقيقة ذواتنا التي تمت مصادرتها إن كبتا أو قمعا، وتاريخنا الذي تم تزويره أمام أعيننا إن غصبا أو قهرا، و حياتنا التي تم إفراغها من مضامينها إن تزييفا أو تدجينا.
ما ذا تبقى من كينونتنا المهدورة ومن تاريخنا المخصي يحتاج ومنذ اليوم إلى مساءلة وعينا الشقي وتفكيك اخطابنا التداولي السلبي التي نتداوله يوميا وأن نتخطاه لبناء خطاب أكثر جرأة و اكثر فعالية، فبيننا وبين العالم المتحضر ونحن سنوات ضوئية من التخلف والقهر والفساد والاستبداد وسرقة المال العام وقهر كينونة الإنسان.

مشاركة