الرئيسية سياسة المشاركة الجمعوية و السياسية للشباب

المشاركة الجمعوية و السياسية للشباب

IMG 20201025 WA0036.jpg
كتبه كتب في 25 أكتوبر، 2020 - 1:45 مساءً

بقلم : هاني مراد
فاعل جمعوي و سياسي / صوت العدالة


يعتبر الشباب المغربي من أذكى و أنشط الشباب العالمي، و هذه الفئة العمرية هي ركيزة المجتمع و مستقبله و في بلدنا تمثل نسبة مهمة تتطلع إليها معظم الدول الغربية التي تعاني من الكهولة، إلا أن الشباب في بلدنا و في المجتمعات العربية بصفة عامة يعاني العديد من المشاكل و الصعوبات. المشاكل المتعددة مثل البطالة و الانقطاع عن التعليم و غياب الفرص تؤرق الشباب خصوصا في السنوات الأخيرة و تزايد هذا الوضع حدة بسبب وباء كورونا الذي تسلط على كل دول العالم. قوارب الموت أصبحت تعتبر الحل الوحيد و الأخير لشباب متدمر يائس يشكو الإهمال و التهميش في بلد يزخر بالخيرات و يقوده ملك همام لطالما خاطب المسؤولين و مدبري الشأن العام بالاهتمام بالشباب و اليافعين و جعلهم صلب المشاريع التنموية و الاجتماعية. و بفضل نداء صاحب الجلالة و خطاباته للعناية بهذه الشريحة، تحققت بعض المطالب و أصبح الحديث عن جعل الشباب صلب النموذج التنموي الجديد و خلق فرص جديدة و إشراك الشباب في السياسة و المؤسسات الدستورية، لكن هذا التقدم لا يرقى إلى المستوى المطلوب، إذ أننا نجد اليوم شباب يحلم بالهجرة للضفة الأوروبية لتحسين وضعه المادي و الاجتماعي، و نجد كذلك شباب مثقف و يتوفر على وضع مستقر مادي و اجتماعي و متخرج من معاهد عليا و يحلم رغم ذلك بمغادرة البلاد في إطار هجرة الأدمغة لا لشيء و لكن للبحث عن العيش في وسط متحضر لا يوجد فيه الفساد و يعترف بالكفاءات و يقدر مكانتها و يعطي فرصا لتطوير و تنمية القدرات.

IMG 20201025 WA0035


وعي الشباب اليوم و نماء إدراكه و تطور وسائل التواصل الاجتماعي و الربط الشبكي جعله يجسد أسباب المشاكل التي يتخبط فيها مثل ضعف جودة التعليم، غياب الاستثمار الذاتي و التكوين البشري، ضعف التأطير و التهميش الحكومي لخلق فرص الشغل لسنوات خلت، و بالتالي أخذ الشاب المغربي بزمام الأمور بيده و طالب أثناء حراك الربيع العربي بالتعديلات الحقوقية و الدستورية و التي استجاب لها عاهل البلاد و جعل قاطرة التطور في وطننا رهينة بمكانة الشباب و جعلها من الأولويات.
من ركائز إدماج الشباب في تقرير مصيره و المشاركة في تدبير الشأن العام، الانخراط السياسي و الجمعوي. العمل الجمعوي يعلم روح التضحية كما يربي على احترام المسؤوليات و معرفة الحقوق، تواجد الشباب اليوم في العمل الجمعوي في تحسن نوع ما بعد أن كان قويا في الماضي و يرجع السبب في تمييع العمل الجمعوي و انحرافه عن مساره الرئيسي و تحويله لمصدر استرزاق البعض و هذه العقلية أصبحت تطغى على بعض الجمعيات بل و تربى في الشباب. إذ أن العمل التطوعي في إطار الجمعية أصبح منقرضا و يقابل بالأداء المادي. صحيح أن الشاب له متطلبات و التزامات عائلية و في حاجة للمساعدات و لكن دور الجمعية متجسد في قانونها الأساسي و دورها الاهتمام بالأهداف التي أنشأت من أجلها كنشر الثقافة و التنمية الاجتماعية و الرياضية و الاقتصادية بهدف غير ربحي. فالانخراط الجمعوي هو بمثابة تكوين و تنمية لذات و إغناء قدرات الشباب و فرصة للممارسة الحقوقية و تعلم المهارات و الأخلاق و الواجبات و الحقوق، لذا ينبغي الانخراط بكثافة في المجتمع المدني بغرض التمرس و التعلم أولا و المساهمة في التغيير ثانيا.
أما العمل السياسي و الذي يعتبر العدو القاتم للشباب و منفرا لهم هو الحل الأنجع لتغير وضع شبابنا اليوم. غالبية الشباب، إن لم يكن جلهم فقدوا الثقة في السياسة و عزفوا عنها و ذلك لعدة أسباب فصلت و نوقشت في العديد من الندوات و البرامج و الكتب كما قدمت حلول كثيرة لم تساعد على حل هذا المشكل. لكن السنوات الأخيرة و بعد دستور 2011 و بعناية ملكية شجعت مشاركة الشباب و لم تعد تعتبر هذه الفئة مصوتة فقط بل أصبحت مشاركة في الشأن العام. فشلت العديد من الأحزاب في مواكبة هذا التطور التاريخي و لم تلعب حتى دورها التأطيري بفعل تكريس منطق الأعيان و تفضيل أصحاب المال و الأعمال على إعطاء فرص لشباب كفؤ، و قد يتدمر شبابنا ذوي الكفاءات برؤيتهم لشاب يقود حزبا أو رئيس دولة في إحدى الدول المتقدمة بينما في وطننا لا تعطاهم فرصا أو يجدون مسارات طويلة بيروقراطية لبلوغ مهام تسيرية حزبية أو تفضيل الأعيان أو وجوه مألوفة عمرت طويلا و لا تتغير أبدا و تطبيق أفضلية العلاقات و القرابة في أحقية الفرص مما يكرس العزوف. اليوم، نحن أمام منعرج تاريخي، لأن الحل الوحيد لمعالجة مشاكل الشباب هو مشاركة الشباب أولا كمدبري السياسات العمومية و المحلية بالترشح في مختلف المستحقات لإيصال صوت الشباب لمراكز القرار و النضال من داخل المؤسسات. و ينبغي في هذا الصدد من جهة الغاء كل اللوائح الريعية و الفئوية و حث الشباب على نهج سياسة القرب و التجذر مع المواطن و الاحتكاك مع المشاكل اليومية لهذه الفئة حتى يتضح تصور المطالب و تسجيلها و من جهة على الأحزاب تفضيل الشباب و دعمهم على الهرولة نحو الأعيان و الامكانيات المالية للضفر بالمقاعد على حساب التضحية بالكفاءات و الشباب. و ينبغي على الشباب كذلك تغيير سلوكهم الانتخابي بعدم المقاطعة و العزوف بل المشاركة و تشجيع من يحمل همهم و يثقون فيه سالكين بذلك سبل نزيهة للقطع مع الاستغلال المالي و الوعود الكاذبة. فغير ذلك، و بالمقاطعة و العزوف ستبقى دار لقمان على حالها و لن تتغير وجوه أخلفت وعدها أو لم تحقق المنتظر منها و لم تخلق مناخا ديمقراطيا و اجتماعيا و اقتصاديا للشباب.

هاني مراد
فاعل جمعوي و سياسي
مواليد : 05 ماي 1987
بداية الدراسة بجامعة الأخوين لإفران
حاصل على الإجازة في الإقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية
حاصل على ماجستير في الإقتصاد و التسيير في الولايات المتحدة الأمريكية

IMG 20201025 WA0030 1
مشاركة