الرئيسية آراء وأقلام “الطنز العكري”…

“الطنز العكري”…

13920702 1572199499748440 7344000998534638288 n.jpg
كتبه كتب في 3 سبتمبر، 2016 - 12:49 صباحًا

لطنز العكري”…

..لا أدري لماذا راودتني فكرة البحث في كلمة لا يعرفها إﻻ الراسخون في علم المفردات العامية المغربية و يتأفف من ذكرها المتشدقون و “المتمدنون” و المتأثرون بلغة عمي سامي ممن ينادون على كريم بkarim……و قلت أنه قد يكون لهذه الكلمة التي تبدو عنوان”التاعروبيت” أصل في اللغة العربية الفصحى…ثم حسمت في أمر هذه الكلمة فوجدت أن اللسان الدارج كان متفوقا على لسان من ينادي على كريم ب karim و على زكرياء ب zak….كان لسان من يقولون عنه “عروبي” لسانا عربيا لا عوج فيه…

“فالطنز ” إسم و مصدر لفعل “طنز” أي سخر و استهزأ و “الطناز” هو شديد الطنز و يعني الساخر ،و “طنز به” أي سخر منه ، و لذلك فللطنز أصل في اللغة العربية ..و في نوادر العرب يقال هؤلاء قوم مطنزة “بفتح الميم و تسمين الطاء و فتح الزي” إذا كان لا خير فيهم ،هينة أنفسهم عليهم…و أما تطانزوا فسخر بعضهم من بعض………
… و هذا حال من يسألك كبش العيد و هو مليء و هو يعلم أنك تجر وراءك “يأجوجا و مأجوجا “من أهلك و بنيك و فصيلتك التي تأويك..كل منه ينتظر أن “تنفحه”بشيء. و رغم علم “الطناز” بذلك فهو لا يهتم بل لا يجد حرجا أن يسألك إلحافا….و كما تجد “طناز “العيد،تجد” طناز” الدخول المدرسي..و “طناز”المأدبات”و “طناز” الإتكال عليك في كل شيء ؛فلا يدخل يده في جيبه و إنما في جوفه و كأنك ملكت مال قارون !!! و هناك “طناز” المدح بما ليس فيك فتراه يذمك بمدحك و “طناز” الخدمة و هذا نوع “أنيق” حيث لا يسألك مالا لأنه مليء بل يسألك أن تبحث لنفسك كيف يفصلوك عن العمل أو كيف تسجن و متى تريد أن تسجن أو متى تمرغ إسمك في الوحل إن استجبت لطلب هذا “الطناز” و هذا أضعف الإيمان في “عقيدة الطنازين”…!!!

و لهذا فالطنازون أنواع و الطنر مراتب و أشكال و ألوان حتى قالوا “بالطنز العكري”..و ليس معنى هذا أن هناك “الطنز” ” الوردي” و “الطنز البني” أو” الأبيض” و إنما للاستدلال على أن هناك “الطنز “الخفي الذي قد يفلح صاحبه في “طنزه” و هناك “الطنز””المفضوح”أو المبالغ فيه الذي يعتقد معه “الطناز”أنه أذكى منك ؛فيستبلدك و لا يعلم أنه قد دخل روضة “فليو”… فيظن أنه سينجح في الطنز عليك فيقولون لذلك أن طنزه “عكري” أي مفضوح ،،إما لأنك جربته يوما أو لأنك كنت ضحية طنز قديم ، أو لأن الله نجاك من الطنازين…و ليت الطناز يقلع عن طنزه الذي يبدو أنه ألفه فصار لا يستطيع أن يعيش بدونه.. و يا ليته يعلم أنك أذكى منه أو أنك كنت ضحية طنز و قد تعلمت الدرس…فتراه يعاود طنزه و لا يمل ،فصعب عليه أن يفارق الطنز و شق عليه ذلك بل عز عليه أن يعيش بدون طنز و قد يترقى في طنزه فيصبح طنزه “عكريا” و يفتضح أمره ،و يعلم به الأقصى و الأدنى و من عرف الطنز و من لا يعرفه..و لو لم” يترق ” الطناز و أبقى على طنزه القديم لما “استفاق”به الناس…و ذلك لأن الطنازين نوعان رئيسيان:طنازون طماعون و طنازون “قنوعون “..فالأولون مفضوحون لان طنزهم أصبح “عكريا” و الآخرون لازالوا يحومون بين ظهرانينا في انتظار أن يفتضح طنزهم ،و لقد علمت منهم الكثير على الرغم من أن طنزهم لا لون له و لم يرق إلا أن يصبح “عكريا” ..لعنه الله من طنز و قلل من أصحابه و تاب عن الباقي..إنه سميع مجيب الدعاء.
و هكذا يتبين أن لللطنز أصل في لغتنا العربية و أنه لم يأت من فراغ….

سعيد الناوي .غفر الله له

مشاركة