الرئيسية آراء وأقلام من تداعيات كورونا: موسم الهجرة إلى الجنوب.

من تداعيات كورونا: موسم الهجرة إلى الجنوب.

IMG 20200331 WA0306
كتبه كتب في 31 مارس، 2020 - 10:05 مساءً


بقلم : ذ. عبد المجيد فنيش.

صوت العدالة

كثيرة هي حسنات كورونا، خاصة في ما ارتبط بعلاقة الإنسان بنفسه و بمحيطه الصغير في ظل أيام الحجر..

إنها حقا لحظات مكنتنا من القبض على أشياء غالبا ما كانت تنفلت من بين الأصابع، و كأنها سوائل زئبقية.

ومن الحالات التي أراها قد انفلتت مني على بعد أكثر من ثلاثة عقود عن لقائي الأول بها، الرواية التي أعلنت ميلاد أشهر أديب سوداني في العصر الحديث، إنه الطيب صالح ، وأما الرواية فهي التحفة

  • موسم الهجرة الى الشمال*.

في هاته الرواية – التي ترجمت إلى عشرات اللغات- ، يصول بطلها سعيد محمود في ديار الغرب الأوروبي ، مستثمرا فحولته الأفريقية العربية الزنجية، متنقلا بين أبهى قينات وحسناوات بلاد العجم المقبلات بشغف قاتل على الاعتصار بين دراعي الفاتح السوداني الأكبر.

اليوم الثلاثاء 31 مارس 2020, تحضر أمامي بكل التفاصيل مشاهد تلك الرواية التي أرخت لتمظهر متميز في الاصطدام الماتع والممتع الناتج على الهجرة من جنوب الكرة إلى شمالها.

لقد حضرت رواية الطيب صالح أمام عيني، وأنا اتأمل في خبر تناقلته بعض وسائل الإعلام ، مفاده أن عددا من الشبان المغاربة المقيمين في اسبانيا ، فروا من جحيم كورونا في اتجاه المغرب مستعملين القوارب المطاطية التي ربما كان بعضهم قد امتطاها منذ أمد للوصول إلى ذاك الشمال.

وهكذا انقلبت كل الثوابت بسبب كورونا، و هكذا أضحى الحريك صوب الاتجاه الذي كان منطلقا.

أتذكر جيدا أنني قرأت كثيرا من شهادات اوروبيين ، و أساسًا من اسبانيا أيام الفقر الايبيري، و كيف أنهم كانوا يتسابقون نحو الإقامة في المغرب، و كيف انهم كانوا يقومون بمهن ما كان المغاربة يرضونها لأنفسهم رغم الحاجة.

لقد كان أهل الشمال هنا، و التحق أهل الجنوب بالشمال، و ها هم الآن بعض الجنوبيين يعودون إلى نقطة منطلق الرحلة.

وهكذا مرة أخرى يستطيع هذا الكوفيد أن يبعثر كل الأوراق وأن يخلخل كل الحسابات التي أنجزتها عقول أنبغ الناس من خلال الحواسيب الأكثر دقة من الدقة نفسها.

نحن الآن أمام مشهد امتزجت فيه كل مدارس و ألوان التعبير منذ الكلاسيكية إلى مابعد ما قد يكون بعد الحداثة.

فبالأمس كانت قوارب الهجرة نحو الشمال، و قد تمت تسميتها * قوارب الموت* و ها نحن اليوم أمام نفس القوارب، و لكن من الشمال إلى الجنوب، و قد أطلقت عليها اللحظة اسم- بفضل جائحة كورونا – قوارب النجاة.

إنها تجليات التشبث بالقشة مخافة الموت، ففي البارحة كان البعض يركب الموج من أجل ضمان حياة في نعيم الشمال، و اللحظة يتم ركوب نفس الموج للعودة إلى الوطن الذي فيه على الأقل الدفء الحميمي القادر على تبديد هواجس الموت، بسبب فيروس حجمه أصغر من نقطة ماء واحدة من ماء البوغاز الفاصل بين الشمال والجنوب ، بأكثر من مليون مرة.

وماذا بعد !؟!؟

عبد المجيد فنيش.

كثيرة هي حسنات كورونا، خاصة في ما ارتبط بعلاقة الإنسان بنفسه و بمحيطه الصغير في ظل أيام الحجر..

إنها حقا لحظات مكنتنا من القبض على أشياء غالبا ما كانت تنفلت من بين الأصابع، و كأنها سوائل زئبقية.

ومن الحالات التي أراها قد انفلتت مني على بعد أكثر من ثلاثة عقود عن لقائي الأول بها، الرواية التي أعلنت ميلاد أشهر أديب سوداني في العصر الحديث، إنه الطيب صالح ، وأما الرواية فهي التحفة

  • موسم الهجرة الى الشمال*.

في هاته الرواية – التي ترجمت إلى عشرات اللغات- ، يصول بطلها سعيد محمود في ديار الغرب الأوروبي ، مستثمرا فحولته الأفريقية العربية الزنجية، متنقلا بين أبهى قينات وحسناوات بلاد العجم المقبلات بشغف قاتل على الاعتصار بين دراعي الفاتح السوداني الأكبر.

اليوم الثلاثاء 31 مارس 2020, تحضر أمامي بكل التفاصيل مشاهد تلك الرواية التي أرخت لتمظهر متميز في الاصطدام الماتع والممتع الناتج على الهجرة من جنوب الكرة إلى شمالها.

لقد حضرت رواية الطيب صالح أمام عيني، وأنا اتأمل في خبر تناقلته بعض وسائل الإعلام ، مفاده أن عددا من الشبان المغاربة المقيمين في اسبانيا ، فروا من جحيم كورونا في اتجاه المغرب مستعملين القوارب المطاطية التي ربما كان بعضهم قد امتطاها منذ أمد للوصول إلى ذاك الشمال.

وهكذا انقلبت كل الثوابت بسبب كورونا، و هكذا أضحى الحريك صوب الاتجاه الذي كان منطلقا.

أتذكر جيدا أنني قرأت كثيرا من شهادات اوروبيين ، و أساسًا من اسبانيا أيام الفقر الايبيري، و كيف أنهم كانوا يتسابقون نحو الإقامة في المغرب، و كيف انهم كانوا يقومون بمهن ما كان المغاربة يرضونها لأنفسهم رغم الحاجة.

لقد كان أهل الشمال هنا، و التحق أهل الجنوب بالشمال، و ها هم الآن بعض الجنوبيين يعودون إلى نقطة منطلق الرحلة.

وهكذا مرة أخرى يستطيع هذا الكوفيد أن يبعثر كل الأوراق وأن يخلخل كل الحسابات التي أنجزتها عقول أنبغ الناس من خلال الحواسيب الأكثر دقة من الدقة نفسها.

نحن الآن أمام مشهد امتزجت فيه كل مدارس و ألوان التعبير منذ الكلاسيكية إلى مابعد ما قد يكون بعد الحداثة.

فبالأمس كانت قوارب الهجرة نحو الشمال، و قد تمت تسميتها * قوارب الموت* و ها نحن اليوم أمام نفس القوارب، و لكن من الشمال إلى الجنوب، و قد أطلقت عليها اللحظة اسم- بفضل جائحة كورونا – قوارب النجاة.

إنها تجليات التشبث بالقشة مخافة الموت، ففي البارحة كان البعض يركب الموج من أجل ضمان حياة في نعيم الشمال، و اللحظة يتم ركوب نفس الموج للعودة إلى الوطن الذي فيه على الأقل الدفء الحميمي القادر على تبديد هواجس الموت، بسبب فيروس حجمه أصغر من نقطة ماء واحدة من ماء البوغاز الفاصل بين الشمال والجنوب ، بأكثر من مليون مرة.

وماذا بعد !؟!؟

مشاركة