الرئيسية آراء وأقلام عناوين فضفاضة للتشهير بالقضاة… إستخفاف أم جهل بأخلاقيات المهنة؟!!!

عناوين فضفاضة للتشهير بالقضاة… إستخفاف أم جهل بأخلاقيات المهنة؟!!!

sahafa istirzak 782022103.jpg
كتبه كتب في 2 أكتوبر، 2019 - 10:15 مساءً

عزيز بنحريميدة صوت العدالة

الاعلام رسالة قبل ان تكون فنا اصيلا راقيا ومهنة..والحديث في هذا الباب لا يستقيم ما لم نقدم ارضية صلبة للنقاش. فالخبر مرتبط أيان ارتباط بالتدقيق و التمحيص وفق معايير موضوعية عدة لا ينكرها الا جاحد، أما إن كان جاهلا بالأعراف المؤطرة للمجال الاعلامي من جهة ثانية.. فتلك طامة كبرى ليس لها نهاية.

في مقال نشر بإحدى الجرائد الوطنية المعروفة ، حمل عنوان “قاض يعربد…” تحدث صاحبه عن تسجيل الشرطة الطرقية بالرباط لمخالفة طرقية لأحد القضاة بعد ثبوت المخالفة.. وهذا أمر وارد بطبيعته، وهو جزء لا يتجزأ من الوطنية الحقة واحترام تعاليم القانون، من رجل الأمن النزيه الذي ادى عمله بكل نزاهة وصدق، ومن القاضي نفسه، الذي امتثل للقواعد القانونية بأدائه للمخالفة كمواطن بالدرجة الاولى قبل أن يكون مسؤولا بالجهاز القضائي.

ومن باب التوضيح، وهذا للاسف طبعا، أن بعض الاقلام المشغولة بمراقبة هفوات الاخرين، تتخذ من مثل هذه العثرات مادة دسمة لفتح المجال على مصراعيه، لتمويه الرأي العام وتقديم معطيات عارية من الصحة.. أو بالاحرى مردودة عليه قلبا وقالبا.

فعنوان المقال”عربدة قاض” تشهير برجل القانون وتسخير لخلفيات مدسوسة لجلب انتباه القارئ للتصفح.. ومن باب الصدق لا المزايدات نقول أن هذا الاخير تزوير للحقائق وتدليس ممنهج.

في ذات السياق، لم يشر صاحب المقال في محتوى الخبر الى ما كتب بالخط العريض، فلم يقدم اشارات لطبيعة هذه العربدة المفترضة جدلا..بل ظل مسترسلا في الحديث عن مهنة القضاء وأدوارها في المجتمع، في تأكيد ضمني منه الى محاولة إستغباء عقول القراء، متناسيا أن تحرير الخبر الموثوق فن قبل أن يكون الاعلام رسالة.

ضرب تحت الحزام..من الواجب في هذا الباب أن نذكر أو بالأحرى نشد الانتباه، أن التشهير يقتضي في هذا المجال تمييز القضايا التي تتصل بأمور ذات علاقة بالوظيفة العامة، حيث ثمة قرينة قانونية على توافر المصلحة العامة لتنوير الرأي العام بخصوصها، مع وجود حسن النية في فضح ما نعتبره جميعا مخالفا للقانون.. أما ان نتخذ من مخالفة سير خيطا رفيعا لنظم احداث عبثية، فذاك الخبن بعينه.

فقدتم البوصلة والتوجيه.. عندما نقدم خبرا على من باب التشهير بالمؤسسات العامة عموما، والقضائية على وجه التحديد فالامر يحتمل في الاصل وجهين، فإما ان الكاتب له حمولة جعلته عاجرا في الوقت الراهن عن التمييز بين مخالفة عرضية لقانون السير بسبب السرعة او ما شابه، وهذا جهل بالقانون، أو انه يتغاضى لأسباب عن عن إحترام اصول المهنة.. وتلك قصة أخرى.

في نفس السياق، بعثر كاتب المقال اوراقه في نقله للخبر، حيث خلط الحابل بالنابل، مستنجدا بحياة الناس المهنية والتي لا دخل لها في صلب الموضوع.. إذ إكتفى بنثر كلمات لا تقاس بالمقياس، ولا علاقة لها بالاعلام الحر لا من قريب أو بعيد.. فأورد في نقل خبر مخالفة مرورية عادية على الطريق بالعاصمة الرباط،والتي أدتها القاضية “أمال حماني” امتثالا للقانون، واحتراما لفصوله، وهذا فخر يحق لنا ان نشهد له لا عليه، لكنه بالمقابل وصف المشهد بطريقة عبثية مستعينا بعبارة “قاضية مثيرة للجدل”، لنتساءل جميعا ما المثير في الامر؟ وأين يتجلى هذا الجدل؟ لكنه لم يقدم توضيحا من باب المنطق واحترام القراء والرأي العام. ليعرج على ذكر حادث توقيفها لمدة ست اشهر من قبل السيد الرميد قبل سنوات مع ذكر منصبها بالمؤسسة القضائية كنائبة لوكيل الملك، للأمانة فقط.. ما علاقة كل ذلك بمخالفة مرورية؟!! مالذي يخفيه خلف السطور؟!

اذن هذه ليست سابقة فريدة من نوعها، في اتجاه التعرض للسلطة القضائية في شخص ممثليها من القضاة ووكلاء الملك وغيرهم، وكأنهم استثناء من البشر لا يرتكبون اخطاء عرضية حتى وان كانت مرورية!!! وما يفاقم هذا الوضع خطورة ،هي محاولة تكييف هذه الهفوات التي يتعرض لها اي مواطن عادي كيفما كان منصبه، لترويج ادعاءات كاذبة غير مقبولة مهنيا ممن يحملون رسالة الاعلام الحر النزيه، بعيدا عن الانتقادات الوهمية، والبعيدة عن النقد البناء..خلاصة الكلام “اوزن كلامك قبل متكتب”.

مشاركة