بقلم : الصحفية أمينة لامة
أصبح تقريبا الجميع إلا من رحم الله يعيش حياة القلق والتوتر والعصبية وعدم التسامح ، ولعل ذلك سببه عدم التغافل ، والتغافل المطلوب طبعا ، (التغافل الذكي).
فشدة التحقيق في الكبيرة والصغيرة ، كما يقال : من الحبة قبة يجعل الأمور تتصاعد والمشكل يكبر والعداوة تخلق ، ديننا الحنيف لم يغفل أبدا عن هذا الأمر بل الإسلام يدعو إلى التسامح والنسيان كما يدعو إلى التجاهل والتغافل والتماس الأعذار ، قال جعفر بن محمد :”إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره ، فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا ، فإن أصبته وإلا ، قل لعل له عذرا لا أعرفه.”
ومن أخلاق وشيم الأفاضل الكرام الأكابر العقلاء ، أصحاب الخلق العظيم والتعامل الراقي التغافل ، إذ أنه فن من الفنون الرائعة الجمال التي لايتقنها إلا كل حليم حكيم صاحب مروءة ، يتعمد ويتكلف الغفلة مع إدراكه التام وعلمه بكل ما يروج ويدور حوله ، وما غفلته إلا تكرما بل ترفعا عن سفاسف وأتفه الامور ، وتجاوزا عن الهفوات والأخطاء . التغافل للرجل والمرأة على حد سواء وهو نعمة وراحة بال ، فبين كسب القلوب وكسرها خيط رفيع إسمه الأسلوب ، أسلوب التخاطب والتسامح والتغافل والتجاهل بين الزوج وزوجته ، بين الأم والأب وأبناءهم ، بين المعلم وتلاميذه ، بين الصديق وصديقه وبين وبين …..، يقول الإمام أحمد رحمه الله :”تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل “
وهذا منهاج أصحاب العقول النيرة تجدهم لايدخلون في حرب الجدال واللغو وهدر الجهد والطاقة فيما لايفيد هدفهم في ذلك كسب القلوب عوض كسب المواقف ، أحيانا في لحظات الغضب والغليان يحاول البعض منا جرح الآخر والثأر لنفسه كيفما كان الحال المهم أنه يتصور نفسه ذلك الحين داخل حلبت الصراع يجب ومن الضروري أن يخرج منتصرا ، ليدرك آخر المطاف أنه لم يجرح ولم يؤذي إلا نفسه بفعله هذا ، مثله كمثل : الحية التي دخلت ورشة نجار فوجدت نفسها فوق المنشار ظنت أنه يهاجمها فكانت ردت فعلها أن التفت بكامل جسمها حوله ، محاولة عصره وخنقه ، وهو في كامل جموده قسمها إلى نصفين وكان هذا جزاء طيشها وحماقتها وغضبها ، بغيظنا وغضبنا لانجرح إلا انفسنا وبذلك نفقد الأحباب والأزواج والأصحاب والإخوة .
قال أحد الشعراء :
ليس الغبي بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي
الحياة إذن تحتاج إلى تجاهل وتغافل ذكي ، تجاهل كلام ، تجاهل أحداث ومواقف ، تجاهل أشخاص ، فليس كل أمر يحتاج إلى تدقيق وتمحيص وليس كل أمر يستحق الوقوف .، قال تعالى في محكم كتابه الكريم :《واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا…》
شيم الأفاضل الكرام الأكابر
كتبه كتب في 4 أغسطس، 2019 - 6:50 مساءً
مقالات ذات صلة
13 يناير، 2025
حين يضيق الأفق في مرآةٍ واسعة.
بقلم…معاذ فاروق هناك، في صمت اللحظات الثقيلة، حيث يتصارع الضوء مع امتداد الظل، تبدو الحياة كأنها ساحة لصراع أزلي لا [...]
13 يناير، 2025
فرنسا والجزائر، قضية المؤثرين،القشة التي قسمت ظهر البعير.
بقلم..عبد السلام اسريفي/ رئيس التحرير فبعدما كان يتعلق بـ”خلاف سياسي” حول موقف باريس المستجد من قضية الصحراء المغربية ومقترح الحكم [...]
12 يناير، 2025
قد نختلف.. لكن لماذا ؟؟
بقلم…محمد الموستني قد يعجز الافراد عن اداره الاختلاف في مجتمعات ينتمون اليها وتفتقد التعدديه التي تعتبر رافدا من روافد الديمقراطيه، [...]
9 يناير، 2025
” مكاسب الدبلوماسية الملكية الحكيمة تكريس لتسريع وتيرة الطي النهائي لملف النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية “
بقلم الأستاذ/ الكاتب الحسن لحويدك رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب. بناء على العديد من المعطيات ، شهدت [...]