الرئيسية آراء وأقلام حينما تجهل الصحافة القانون تشوه الواقع .

حينما تجهل الصحافة القانون تشوه الواقع .

timthumb 1.png
كتبه كتب في 5 أكتوبر، 2018 - 3:45 مساءً

 

 

صوت العدالة – د.العياشي تلغرفار

 

 

كثيرة الأخبار ببعض المواقع الالكترونية التي نشرت خبرا غريبا ان لجنة تفتيش تابعة للمصالح المركزية لوزارة الداخلية استدعت (و.ر) صاحب التعرض لكي تبلغه بقرار فسخ عقد تفويت وعاء عقاري لفائدة شركة خاصة، كما تضمنت المقالات المنشورة الكثير من التهم و المعطيات الخاطئة و التي يعتبر التساهل معها و القبول بها اعتداء على حرمة النقاش العمومي و الذي ينبغي ان يحترم قيمة القارئ دون استغباء من داخل هذه الرؤية و نظرا لحجم وكثافة الأخطاء والمغالطات الواردة بالمقالين ، أقدم هذه القراءة في الموضوع حيث ان العمل الصحفي هو نشاط مؤطر بالقانون و ان النقاش العمومي يؤثر في توجهات الرأي العام ينبغي ان يحترم الحد الأدنى من المصداقية ؟؟؟ و نظرا لحجم الأخطاء الواردة في المقالين بنفس المكتوبين بنفس الصيغة وربما من نفس الجهة التي تجعل بعض المواقع الالكترونية صندوق بريد لتمرير رسائلها و تصفية حساباتها السياسية والشخصية، حاولت أن أساهم في إغناء النقاش بهذا المقال بمثابة وجهة نظر شخصية قابلة للنقاش والتداول و التصحيح و التعديل بحكم ان المقالين تضمنا الكثير من الاخطاء منها :
الخطا الاول : الجهل بمقتضيات القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، لان العقد موضوع القضية المثارة الان امام المحاكم و موضوع التفتيش من طرف مفتشي وزارة الداخلية هو عقد خاضع لمقتضيات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية , حيت ان العقد المبرم بين وزارة الداخلية و الشركة عبر الوسيط القانوني تم بموجب عقد رسمي مما يجعل فسخه من اختصاص القضاء في حالة التنازع , وان الادارة لا يحق لها إلغاء او فسخ العقد من جانب واحد و الا سنكون امام قرار معيب , التصدي له يكون امام المحاكم الإدارية حيث يوجد مجال العقار .
الخطا الثاني : الجهل بمهام واختصاص اللجان المختصة بالتفتيش
ان مهام لجان التفتيش محددة بالقانون وفق مقتضيات المرسوم رقم 100-94-2 الصادر بتاريخ 6 یونیو 1994 , حيث تتحدد المهمة في إجراء بحث موسع ودقيق حول القضية المبحوث فيها و انجاز تقارير ترفع لوزير الداخلية، بمعنى لجنة التفتيش لا يمكنها بأي حال من الاحوال- نظرا للتكوين القانوني لاعضائها- ان يقرروا في موضوع النزاع و يصدروا حكما بالفسخ , لان ذلك يشكل اعتداء ماديا على اختصاصات القضاء و مساسا بمبدأ استقلالية السلطة القضائية كما نص على ذلك الدستور المغربي .

الخطأ الثالث : الجهل الصارخ بمقتضيات اقرار الصديق حيث اعتبرت المقالات المنشورة أن رئيس المجلس الجماعي اولاد بوعلي الواد قام بواسطة عقارية غامضة باسم المجلس الجماعي و بوثائق مشبوهة، وهو أمر يشكل مفارقة غريبة كيف يعقل لمواقع الكترونية المفروض فيها نشر وقائع ومعطيات صحيحة ان تقوم بنشر أمور خاطئة بالرجوع إلى القانون المنظم لأراضي الجموع لان عملية تفويت أراضي سلالية -خاضعة لسلطة وزارة الداخلية وفق احكام قانون 27 أبريل 1919 – الى الخواص يتم وفق مسطرة الوسيط القانوني او اقرار الصديق , حيث سبق ان قامت وزارة الداخلية بتوجيه دورية تحت رقم 404 بتاريخ 11 غشت 1993 إلى الولاة وعمال أقاليم المملكة بالإضافة إلى المدير العام للجماعات المحلية DGCL تناولت موضوع الطلبات المقدمة من طرف المؤسسات العمومية، الجماعات المحلية والدولة في شأن اقتناء العقارات الجماعية بهدف إحداث مشاريع تنموية .
فالقرار الصديق هو إجراء قانوني يتم من خلاله تفويت اراضي سلالية للخواص عبر وساطة مؤسسة عمومية , و هذه الطريقة هي التي تعتمد عليها العمران لاقتناء اغلب الاراضي الجماعي عبر وساطة الوكالة الحضرية , غير ان هذه العملية مشروطة باربعة شروط اولا انجاز مشروع متفق عليه و يقدم خدمات و ظيفية في المجال الذي سينجز فيه، ثانيا لوسيط يستفيد من مبلغ 2 في المئة من قيمة التفويت، ثالثا أن مدة حيازة العقار ينبغي ان لا تتعدى 48 ساعة ورابعا ان يتم اعلان المشتري الحقيقي في العقد الأول بين وزارة الداخلية والمؤسسة العمومية / الوسيط .
غير انه بالرجوع الى المقالات المنشورة فتعكس حجم الجهل بالمقتضيات القانونية المنظمة لعملية الاقتناء بواسطة اقرار الصديق او الوسيط القانوني حيث استنكرت الجمعية الحقوقية ان تقوم جماعة قروية بعيدة عن مجال العقار المراد اقتناؤه و تفويته با 40 كلمتر عنها , وهو معطى يكشف مدى الهشاشة القانونية لجمعيات تمارس العمل الحقوقي عبر بوابة الجهل و عدم المعرفة و هو ما يطرح سؤال مصداقية الفعل الحقوقي، لأن المشرع لم يشترط العنصر الجغرافي لصحة الاقتناء عبر مسطرة إقرار الصديق , وانما كل مؤسسة عمومية لها الحق في ممارسة هذا الحق .
الخطأ الرابع : الجهل بمقتضيات تزوير محرر رسمي لان اطلاق اتهام ثقيل من عيار تزوير محررات رسمية يعكس حجم الاستهانة بالموضوع و التعامل الأدبي مع تهم ثقيلة أحاطها المشرع المغربي بمجموعة من الضمانات الاساسية نظرا لخطورة نتائجها، فبالرجوع الى مقتضيات الفصل 531 من القانون الجنائي فان . “تزوير المحررات هو تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون” بمعنى ان الضرر فى جريمة التزوير فى الورقة الرسمية يتحقق بمجرد تغيير الحقيقة فيها لما فى ذلك من العبث بحجيته و قيمتها التدليلية ، بمعنى أن التزوير هو تغيير حقيقة الوثيقة المزورة بما ينتج عنها ضرر ا , و بالرجوع الى وقائع الموضوع فإن المجلس الجماعي اولاد بوعلي الواد استصدر قرارا باقتناء و تفويت وعاء عقاري وفق منطوق المقرر الصادر بتاريخ 6 ابريل 2016.

 

وباستحضار المسطرة و شكليات استصدار المقررات الجماعية و المحددة بشكل مسطري ودقيق وفق مقتضيات القانون التنظيمي 113/14 لاسيما المواد : 33- 34 – 38- 39-40-41 -420-47 و 49 منه، حيث ان اعداد جدول الأعمال يتم من طرف الرئيس بتعاون مع أعضاء المكتب ويتم ارساله الى عامل الاقليم 20 على الأقل قبل انعقاد الدورة وفق مقتضيات المادة 39.
وفي حالة تعرض عامل الإقليم على نقطة من نقط جدول الأعمال يتم تطبيق مقتضيات المادة 41 , و بعد موافقة سلطة اوصاية على جدول الاعمال يتم ارسال جدول الاعمال الى اعضاء المجلس عشرة أيام قبل انعقاد الدورة ، و اثناء مناقشة أي نقطة يشترط تحديد وبدقة عملية التصويت من خلال ذكر أسماء الأعضاء الموافقين والمعارضين و الممتنعين عن التصويت و هذه العملية تتم تحت مراقبة ممثل السلطة المحلية تحت طائلة البطلان، وهنا يطرح السؤال , مجلس صوت على مقرر وقعه من له الصفة و السلطة المحلية هي صاحبة الاختصاص في التدقيق و مراقبة عملية التصويت و التأكد منها . فكيف يتم تزوير مقرر يكون بالتصويت العلني عبر رفع اليد، وفق منطوق الاتهام فان كان هناك تزوير كما يقول الأعضاء فإن المزور هو ممثل السلطة المحلية و الذي زور عملية تصويتهم , لان بعد عملية التصويت ينجز ممثل السلطة المحلية تقريرا وصفيا للوقائع الدورة و بتحديد كافة التفاصيل من صوت و من لم يصوت و من امتنع , لذا ووفق ما سبق فان التاكد من حدوث التزوير من عدمه يكفي الرجوع ال محضر السلطة المحلية الخاص بالدورة موضوع مقرر التفويت .
كما ان القانون يمنح للاعضاء حق المطالبة بنسخة من المقرر المصادق عليه , مما يجعل الصمت لكل هاته المدة امرا غريبا، غير ان الاشكال العميق كيف لعضوين لم يحضرا الدورة ان يقدما شكاية مفادها أن المحضر شابه تزوير ؟؟؟
الخطأ الخامس: الجهل باختصاصات من له الصفة .
اعتبرت الشكاية ان مجموعة من المسؤولين النافذين تورطوا في التأشير على وثائق التفويت والتجزيئ في ضرب صارخ للقوانين الجاري بها العمل مما مكن المنعش العقاري من مراكمة مداخيل بالملايير في ظروف غامضة , الأمر يبدو غريب و مقزز لأن من وقع على عقد البيع هو وزير الداخلية انسجاما مع القانون بناء على مسطرة الاقتناء بعد موافقة مجلس الوصاية . فاصبح من يمارس اختصاصاته مزورا , الامر غريب و يطرح إشكالات حقيقية حول خلفيات شكايات غير مدروسة تساهم في إهدار الجهد و اضاعة الكثير من الفرص وخلق الاحتقان .
الخطأ السادس : الجهل بمقتضيات المادة 265 من المسطرة الجنائية لان الشكاية طالبت الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش بفتح تحقيق مع عمال وهو موظفون سامون خاضعون في حالة اجراء تحقيق الى مقتضيات المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية بناء على ملتمسات الوكيل العام بمحكمة النقض . و هو معطى يكشف من جديد حجم الهشاشة و التكوين في مجال تكييف الشكايات ورفعها .

الخطأ السابع : الجهل بمقتضيات قانون 27 أبريل 1919
اعتبر المقال أن المشتكين هو المالكون الحقيقيون لموضع النزاع و هو مخالفة صريحة لمقتضيات القانون المنظم للأراضي السلالية حيث الولاية عليها تعود لوزارة الداخلية اما السلاليون فلهم حق الانتفاع و حق الزينة و المنافع السطحية، ويبدو ان موضوع البوكرينية و ما رافقه يشكل إطارا مناسبا لدراسة أشكال تأثير منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية في توجيه الراي العام المحلي ، التأثير يصبح مكلفا حين يتم نشر وترويج معطيات مخالفة للقانون و الواقع مما يفرض ضرورة التدخل لحماية الفضاء العمومي من نشر كل ما يؤدي إلى تحريف قوانين الدولة و بنا يسمح بتكوين رأي عام عقلاني .

قراءة حول مقال مثقل بالأخطاء , اتمنى ان يكون التفاعل معه على قاعدة الواقع و القانون .

مشاركة