انس خالد/ صوت العدالة
استفاق مرتادو شاطئ السعيدية، صباح اليوم الخميس، على مشهد صادم يثير الغضب والاستياء: رمال “الجوهرة الزرقاء” وقد تحولت إلى مكب نفايات بعد ليلة من الاحتفالات بمهرجان الشواطئ. لكن الفرح لم يدم طويلاً، إذ ترك وراءه أكواماً من القنينات البلاستيكية، الأكياس، بقايا الطعام، والكراسي المكسرة، متناثرة على طول الشاطئ، في صورة مخزية تطرح أكثر من علامة استفهام حول غياب المسؤولية والوعي البيئي.
السعيدية، التي تراهن عليها الدولة كوجهة سياحية كبرى في الصيف، وجدت نفسها في قلب فضيحة بيئية جديدة. فبينما كان المنظمون يفاخرون بالبرمجة الفنية والنجوم الصاعدين، كان الشاطئ يُهان بطريقة صارخة، ليجد الزوار أنفسهم أمام فضاء ملوث، لا يليق بمدينة يُفترض أن تحمل لقب “عاصمة السياحة الصيفية”.
السياح الأجانب والمغاربة على حد سواء، عبروا عن صدمتهم من المشهد، معتبرين أن ما وقع يضرب في العمق سمعة السياحة الوطنية ويظهر ضعف التنسيق بين الجماعة الترابية والجهات المنظمة في تدبير الفضاء العمومي.
ما يثير التساؤل هو غياب أي خطة واضحة للتدبير البيئي الموازي للمهرجان. أين كانت حاويات الأزبال الكافية؟ أين هي حملات التحسيس بضرورة الحفاظ على نظافة الشاطئ؟ ولماذا لم تُعبّأ فرق النظافة مباشرة بعد نهاية السهرة؟
هذا الإهمال جعل المشهد في صباح اليوم وكأنه ساحة حرب انتهت لتوها، بدل أن يكون شاطئاً يُفترض أن يستقبل آلاف المصطافين في أجواء نظيفة وصحية.
المفارقة أن المهرجان يُنظم بشراكة مع فاعلين اقتصاديين كبار، ويتغنى بشعارات التنمية المستدامة ودعم السياحة المحلية. غير أن ما تركه من أثر واقعي يناقض تماماً تلك الخطابات، ويكشف أن البريق الإعلامي غلب على أبسط شروط التنظيم المسؤول.
الجدل اليوم في السعيدية لا يخص المهرجان وحده، بل يمتد إلى المسؤولين المحليين الذين سمحوا بمرور حدث ضخم دون مراقبة بيئية حقيقية. فهل يعقل أن يُصرف الملايين على حفلات موسيقية بينما تُترك الرمال غارقة في القمامة؟ وهل سيتم محاسبة الجهة المنظمة، أم أن الأمر سينتهي كالعادة بحملة تنظيف صورية لإطفاء الغضب؟
الفاعلون الجمعويون والمهتمون بالبيئة دعوا إلى التعامل الصارم مع مثل هذه الأحداث، وفرض غرامات على كل من يسيء للفضاء العمومي. فالسعيدية ليست ملكاً لمهرجان عابر، بل رئة سياحية للمغرب الشرقي بأكمله، ومسؤولية الحفاظ على صورتها النظيفة تقع على الجميع.


