الرئيسية أخبار عالمية اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. «بين خطر الكورونا وغيابٍ شبه كُلّي لوكالة الأونروا»

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. «بين خطر الكورونا وغيابٍ شبه كُلّي لوكالة الأونروا»

IMG 20200426 WA0079
كتبه كتب في 26 أبريل، 2020 - 11:25 مساءً

صوت العدالة – وكالات

حسن حسين قمبر / صحفي من البحرين / مقيم بلبنان
تعيش لبنان تحت وطأة جائحة «فيروس كورونا كوفيد 19» المستجد، كسائر دول العالم التي انقضّ عليها هذا «الفتّاك الصامت»، وقضى على ضجيج المُدن المُكتظّة بالحركة، وحوّلها إلى مُدنٍ خاويةٍ على عروشها، بعد هروب كل فوضى من الشوارع إلى المنازل جرّاء «الغزوة الكورونيّة الكُبرى المُباغتة»، التي كمّمتْ الأفواه وقيّدَتْ الأيدي بالقفازات الطبيّة، وأجبرت الناس على حمل قناني المُعقّمات بدلًا من عُلبِ المشروبات الغازيّة، لتفادي الوقوع في شباك هذا «الضيف المُرعب».
وبحسب آخر إحصائياتٍ لوزارة الصّحة اللبنانيّة، فقد تم تسجيل أكثر من «700» إصابة مؤكّدة، وشفاء تام لأكثر من «140» حالة، فيما تشهد حياة أكثر من «20» حالةٍ خطورةٍ شديدة، في ظلِّ وفاة «24» مُصابًا – بحسب إعلان الوزارة الرسميّ، ووفق القيود الرسميّة في «مستشفى الحريري الجامعي» ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة، بالإضافة إلى المختبرات الطبيّة الخاصة.
ويضمُّ لبنان مئات آلاف اللاجئين من مختلف دول العالم، نظرًا لوجود مكاتب تمثيليّةٍ لمختلف المُنظّمات الحقوقيّة الدوليّة، والهيئات التابعةِ لهيئة الأمم المُتحدة، أبرزها «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» – «الأونروا». والذين يُشكّلون نسبةً كبيرةً بين أعداد اللاجئين في لبنان من مختلف الجنسيّات. إذ يبلغ عددهم أكثر من «275 ألف لاجئٍ فلسطيني»، بحسب إحصائيات مكاتب القوى والفصائل الفلسطينيّة في لبنان. ويقبع هذا العدد الكبير من اللاجئين الفلسطينيين في حوالي 12 مخيّمًا موزّعين على الأراضي اللبنانيّة، وأبرزها «مخيّم عين الحلوة جنوب لبنان، ومخيّم برج البَراجْنة ومخيّم صبرا في بيروت».
ويعيش اللاجئون الفلسطينيون ظروفًا اقتصادية وصحية في ظل تقصيرٍ ملحوظ من «وكالة الأونروا»، حسبما يُفيد «عضو لجنة العلاقات في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان – هيثم أبو الغزلان». وأصبحت الأوضاع أشدّ صعوبة مع جائحة «فيروس كورونا»، وقلة المساعدات وارتفاع نسبة البطالة، وتوقف أغلب المؤسسات والقطاعات عن العمل، نتيجة انعكاس الأزمة الاقتصادية في لبنان، وصعوبة إجراءات وزارة العمل اللبنانيّة، مما ضاعف صعوبة أوضاع اللاجئين.
ويُضيف، رغم ذلك توجد جهود فردية ومن بعض المؤسسات والفصائل الفلسطينية التي تعمل على التخفيف قدر الإمكان من تداعياتها وتأثيراتها على المخيمات، ومخاوف وتحذيراتٍ شديدةٍ من انتقال الفيروس بين المخيّمات، وتداعياته على الأهالي نتيجة الاكتظاظ السكاني والتداخل الحاصل. ونطالب «وكالة الأونروا» بالقيام بدورها المنوط بها كجهة غوث وتشغيل لللاجئين الفلسطينيين، وتفعيل التعاون والتنسيق المشترك «فلسطينيًا – فلسطينيًا، وفلسطينيًا – لبنانيًا»، لجهة تنسيق جهود مواجهة «جائحة كورونا» وتداعياته، وتنسيق الجهود الإغاثية لإيصالها لمستحقيها. وفي هذا الإطار ساهمت «حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين»، بإطلاق «حملة آمنون»، لتعقيم المخيّمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، لمنع وصول الفيروس إليها.
وعلى صعيدٍ مُتّصلٍ ومنذ الأيام الأولى لتفشّي وباء «فيروس كورونا»، دعت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» الدولة اللبنانية ووكالة «الأونروا» إلى تنسيق الجهود لمواجهة الفيروس في ظل الاكتظاظ السكانيّ في المخيّمات، وضرورة مد الاستراتيجية الصحية والإغاثية للدولة اللبنانية وبما تشمل المخيمات واللاجئين الفلسطينيين، كما يُشير «عضو المكتب السياسي للجبهة – علي فيصل».
ولفت فيصل أنّ الجبهة اعتبرت «وكالة الأونروا» معنيّة بوضع الواقع الصحيّ لللاجئين الفلسطينيين، بنظامه وبنيته المتهالكة أمام الأمم المتحدة، ودق ناقوس الخطر أمام الدول المانحة لدفعها نحو تبني تمويل هذه الخطة – حسب تعبيره. إذ سعت الوكالة إلى طمأنة اللاجئين بجهوزيّتها لهذه التطوّرات، بتطبيق خططها الصحيّة من خلال عدد من المراكز الصحية، التي يشتمل برنامجها الصحي على تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، سواءً الوقائية أو العلاجية لللاجئين الفلسطينيين، كما يعتمد على تقديم الإحتياجات المتعلّقة بالأمراض غير السارية والحالات المزمنة، كالسكّري وارتفاع ضغط الدم وغيرها، وهذه المراكز ليست مهيئأة للتعاطي مع هذ الوباء المستجد، وبالتالي لا يمكن وضعها ضمن النظام الصحي المطلوب – على حدّ وصفه.
وتلعب صعوبة الأوضاع الماليّة للوكالة دورًا كبيرًا في عدم القدرة على مواجهة هذا الفيروس، بسبب طبيعة النظام الصحي الذي تنتهجه الوكالة، وعدم طلب المساعدة اللوجستية والفنية والمالية من بعض منظمات الأمم المتحدة، خاصة منظمة الصحة العالمية، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن – بحسب فيصل.
ودعا لوضع خطّة طوارئ صحيّة عاجلة لمواجهة هشاشة البرنامج الصحيّ لوكالة «الأونروا»، التي تُعتبر مؤسسة رائدة في مجال خدمات الطب الوقائي، ولديها من الخبرات التي يمكنها التعامل مع تداعيات الفيروس ومستجدّاته، مع إبقاء منسوب الخطر حاضرًا بشكلٍ دائمٍ نظرًا لطبيعة النظام الصحي الضعيف، سواء في لبنان او لدى الوكالة الغوث – حسب رأيه.
وتم إجراء الفحوصات المخبرية لكل الحالات المشتبة فيها في المخيّمات، وجاءت النتيجة بعدم وجود إصاباتٍ بين اللاجئين الفلسطينيين، حسبما يؤكّد «اللاجئ الفلسطيني – فؤاد عثمان» في مخيّم عين الحلوة، والذي يضمُّ قرابة «ثمانين ألف» لاجئٍ فلسطيني.
ويلفت عثمان إلى أنه بدأ العمل في المخيّم على خطّةٍ تحمل ثلاثة اتّجاهات للحد من انتشار الفيروس، أبرزها الإلتزام بتوجيهات منظّمة الصحة العالمية ووزارة الصّحة اللبنانية، باعتماد مبدأ «العزل العائلي» في المخيّم لكل أسرة، بعدم الخروج إلا في حالات الضرورة، والعمل على تنظيم منع التجمّعات والإختلاط في الأماكن العامّة، واعتماد نظام التعقيم بشكلٍ دائمٍ من قبل المؤسسات الصحيّة، والمبادرات الفردية وبعض الجهات السياسية، بالإضافة إلى اعتماد نظام التوجيه عبر المطبوعات والمنشورات اليوميّة من وزارة الصحة.
وأكّد أنّ الوزارة والقوى السياسيّة الفلسطينيّة وبعض المؤسسات الصحيّة أجرت سلسلة لقاءاتٍ مشتركة مع «وكالة الأونروا»، وتم الإتفاق على مع الوكالة على تجهيز «مبنى سبلين» الخاص لسكن الطلاب لاستقبال الحالات المشتبه فيها وحجرها، بالإضافة إلى وضع خطّة طوارئ في حال وقوع إصاباتٍ بالفيروس بين اللاجئين، إلا أن الوكالة ما زالت تعمل ضمن النظام الصحيّ الروتينيّ، مما يتطلب إعادة النظر في أسلوب الوكالة بتحمّلها المسؤوليّة في هذا الإطار – على حدّ وصفه.
وبموازاة ذلك برزت تحرّكاتٌ واسعة النطاق «لحركة حماس» مع بقيّة الفصائل الفلسطينيّة في هذا الصدد، حسبما يؤكّد «أمين سر تحالف القوى الفلسطينية وممثل الحركة» في لبنان – «الدكتور أحمد عبدالهادي». فقد تم عقد اجتماع مركزي فلسطيني في السفارة الفلسطينية في بيروت، في 16 مارس/ آذار الماضي، بحضور السفير الفلسطيني «أشرف دبّور»، وأمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان «فتحي أبو العردات»، كما حضر الإجتماع مدير «وكالة الأونروا» في لبنان «كلاوديو كوردوني»، لمناقشة سبل مواجهة «فايروس كورونا»، وطُرق الوقاية منه في المخيّمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان.
وأكّدوا على ضرورة التنسيق مع الجهات اللبنانيّة الرسميّة المعنيّة ووكالة «الأونروا»، باعتبارها الجهة المسؤولة بشكلٍ أساسيّ عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقد تم الاتفاق على تشكيل «لجنة طوارئ مركزية دائمة» ضمّت المجتمعين في السفارة، بالإضافة إلى مندوبٍ عن وزارة الصّحة اللبنانيّة.
وأشار عبدالهادي إلى أنه تم تشكيل لجنة «تنسيق ميدانية برئاسة وكالة الأونروا»، وتضمُّ المؤسسات الصحية والطبية العاملة في الوسط الفلسطيني، ويقع على عاتقها وضع خطة عمل شاملة لمواجهة «فيروس كورونا» والتعامل مع تداعيات انتشاره، ووضع البرامج اللازمة للوقاية منه في المخيمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان، بناء لتوجيهات «لجنة الطوارئ المركزية»، وتحت إشرافها.
ولفت إلى أنّ وفدًا فلسطينيًّا اجتمع مع «وزير الصّحة اللبناني الدكتور حمد حسن» منتصف مارس/ آذار الماضي، لوضع خطّةٍ تنسيقيّة فلسطينيّةٍ ولبنانيّة لمواجهة الفيروس، وبالتعاون مع الوزراة والصليب الأحمر اللبناني، والهلال الأحمر الفلسطينيّ، وأفضى الاجتماع إلى استعداد الوزارة للتعاون والتنسيق الكامل مع القوى والفصائل الفلسطينيّة في لبنان، وفرز مندوب عنها في لجنة الطوارئ المركزية، بالإضافة إلى دعم المؤسسات الصحيّة الفلسطينيّة بما يتوفر للوزارة من مواد ومستلزمات لها علاقة بالوقاية، ومساعٍ للضغط على المؤسسات الدوليّة المعنية بالشأن الفلسطيني، للقيام بواجباتها داخل الأوساط الفلسطينيّة – بحسب عبدالهادي – والذي نفى وجود أي إصاباتٍ في أيٍ من المُخيّمات الفلسطينيّة في لبنان.
ورغم تصاعد وتيرة الإستعدادات منذ بدء أزمة تفشّي «فيروس كورونا كوفيد 19»، واعتماد الفصائل الفلسطينيّة على «وكالة الأونروا» والاتفاق معها على تقديم وتأمين المساعدات اللازمة لللاجئين الفلسطينيين وفق خطة الطوارئ المُتّفق عليها مع الفصائل، إلا أن الوكالة حتى الآن لم تُحرّك ساكنًا إزاء هذا الملف، رغم تجاوزها المُهَل الزمنيّة التي طلبتها، مما دفع «تحالف القوى الفلسطينيّة في لبنان» إلى إصدار بيانِ إدانةٍ لسلوك الوكالة، واتّهامها بتعمّد التسويف والمماطلة والتقصير في تحمّل مسؤولياتها، بتنفيذ الوعود بتأمين الأموال اللازمة للمساعدات المالية المقترحة لمواجهة المعاناة جرّاء الأزمة الإقتصادية والمعيشيّة الراهنة، والتلويح بتصعيد الخطوات الإحتجاجية من قِبَل «تحالف القوى الفلسطينية»، في حال عدم استجابة «إدارة وكالة الأونروا في لبنان» لمطالب التحالف بتنفيذ برامج إغاثة معيشيّة واقتصادية وصحيّة عاجلة ودون تسويفٍ ومماطلة – بحسب البيان الصادر في 9 أبريل/ نيسان الجاري.

مشاركة