الرئيسية غير مصنف الإعاقة والتربية الجنسية في المغرب: بين غياب الإدماج وإنتاج الوصم الاجتماعي

الإعاقة والتربية الجنسية في المغرب: بين غياب الإدماج وإنتاج الوصم الاجتماعي

WhatsApp Image 2025 06 28 at 18.45.28
كتبه كتب في 28 يونيو، 2025 - 7:21 مساءً

زينب الجعنين : باحثة في سوسيولوجيا التربية

تعد التربية الجنسية من المواضيع الأكثر حساسية،والتي يحيط بها الكثير من التردد والريبة ويحوزها الغموض والسديمية داخل السياق المغربي، حيث يطغى عليها طابع التحفظ الاجتماعي والديني، ما يجعل الحديث عنها ضمن الفضاءات التربوية والتعليمية محاطا بعدة محاذير أخلاقية وثقافية. وإذا كان هذا الحظر يشمل عموم المتعلمين، فإنه يصبح أشد وطأة وأكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بالأشخاص في وضعية إعاقة، الذين يجدون أنفسهم في موقع تهميش مضاعف، سواء على المستوى المؤسساتي أو الرمزي.

فالمنظومة التربوية في المغرب لم تتمكن بعد من إدماج التربية الجنسية بشكل ممنهج وشامل في المناهج الدراسية الموجهة للمتعلمين في وضعية عادية، فكيف يمكن التفكير في إدراجها ضمن البرامج المخصصة للمتعلمين في وضعية إعاقة؟ هذا السؤال يعكس خللا بنيويا عميقا في تصور الفاعلين التربويين لحقوق الفرد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بذوي الإعاقات الجسدية أو الذهنية

من المنظور السوسيولوجي، يعكس هذا الغياب استمرار تمثلات اجتماعية نمطية ترى في الشخص المعاق كائنًا غير مكتمل، منزوع الرغبة والحق في العاطفة والحياة الجنسية. هذه التمثلات تنتج ما يمكن تسميته بـ”اللااعتراف الجنسي”، أي رفض المجتمع الاعتراف بحق هؤلاء الأفراد في التعبير عن ميولاتهم الجنسية أو حاجاتهم العاطفية، وهو ما يكرس دونيتهم ويؤسس لواقع من الإقصاء الرمزي والاجتماعي.

أما من الناحية السيكولوجية، فإن حرمان الأشخاص في وضعية إعاقة من التربية الجنسية السليمة يفضي إلى نتائج وخيمة على مستوى الهوية النفس-جنسية، ويساهم في تراكم مشاعر الخجل، الذنب، والانغلاق. كما أن غياب هذا التمكين المعرفي والوجداني يجعلهم أكثر عرضة للتحرش، الاستغلال، أو الاعتداء الجنسي، وتعميق العقد النفسية لديهم ،في ظل جهلهم بحدود الجسد، وغياب لغة للتعبير
عن الرفض أو الإبلاغ عن الانتهاك.

إن هذا الوضع يبرز جليًا مدى هشاشة المقاربة التربوية الحالية، التي تفتقر إلى العدالة في التوزيع المعرفي، ولا تأخذ بعين الاعتبار التنوع البشري في الحاجات الجسدية والعاطفية. كما يكشف عن سطوة الثقافة الأبوية، التي تخضع الجسد – خاصة جسد المعاق – لمنطق الرقابة والوصاية، وتتعامل معه كجسد خارج عن “الطبيعة” ومثير للقلق الاجتماعي.

وتفضي هذه المنظومة المغلقة إلى إعادة إنتاج الوصم الاجتماعي المرتبط بالإعاقة، عبر تعزيز صورة الشخص المعاق كغير قادر على الحب، أو الزواج، أو تكوين أسرة، ما يرسخ في اللاوعي الجماعي رؤية تمييزية تسلبه إنسانيته الكاملة. وفي ظل هذه الظروف، فإن غياب التربية الجنسية ليس فقط قصورًا معرفيًا، بل هو شكل من أشكال العنف الرمزي الممنهج.

ولذلك، فإن إدماج التربية الجنسية في مسارات تأهيل الأشخاص في وضعية إعاقة يجب أن ينظر إليه كحق أساسي، وليس كمجرد خيار تربوي. ويتطلب ذلك إرادة سياسية واضحة، وتكوينا متخصصا للفاعلين التربويين، وانخراطا أسريا ومجتمعيا في خلق بيئة دامجة، تقر بالحق في الاختلاف، وتحارب التمييز بدل إعادة إنتاجه.

مشاركة