إعتراف لا كباقي الاعترافات!!!

نشر في: آخر تحديث:

محمد عزيز الوكيلي*

من بين كل الاعترافات التي حصل عليها المغرب، بخصوص مغربية صحرائه، جاء الاعتراف الإسرائيلي بنكهة في غاية الجدّة، وبالتالي في غاية الاختلاف والتميُّز… فكيف ذلك؟

  • أول ما يثير الانتباه في هذا الاعتراف أنه جاء بطيئاً مُبْطِئاً ليدل على أنه لم يصدر صدفةً، ولا بضربة حظ، ولم يكن مزاجياً كما جرت به العادة في اعترافات بعض الدول الإفريقية مثلاً (!!!)… وإنما جاء نتيجة اشتغال فكري وسياسي في العمق، شاركت فيه جهات عليا مختلفة رسمية، وأخرى موازية، تنتمي جميعها لمنظومة الحكم المعقدة والمتشابكة في الدولة العبرية؛
  • ثاني لافتٍ للانتباه، أن هذا الاعتراف صدر عن رئيس الحكومة الإسرائيلي السيد نتنياهو في بلاغ حكومي رسمي، وليس عن وزير الخارجية كما جرت به العادة في أغلب الحالات الأخرى؛
  • ثالث لافتٍ، هو ان هذا البلاغ شكّل في الوقت ذاته رسالة رسمية من رئيس الحكومة لجلالة الملك مباشرة، بما يجعل منه وثيقة من مستوى عال يمكن تصنيفها ضمن خانة الوثائق المتبادلة مباشرة بين قادة الدول، مما يؤهلها لترقَى إلى مَصاف المواثيق والمعاهدات الدولية؛
  • رابع لافت، وهو على قدر كبير من الأهمية، أن “الرسالة/البلاغ” حرصت على إخبار الرأي العام، في الدولتين وخارجهما، بأنّ هذا الاعتراف سيشكل فعلا وثيقة ذات بعد دولي، عن طريق إرسال نسخ منها إلى الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات الدولية وكل الجهات المعنية والمهتمة؛
  • ثم يأتي اللافت الأهم، وهو التنصيص، ضمن رسالة الاعتراف، على أن أثره سينعكس على مختلف الاتفاقات المبرمة بين الدولتين، وكذلك بين كثير من مؤسساتهما المعناة بمختلف المجالات… وبطبيعة الحال، سيأتي مجال التعاون الأمني والعسكري، بالبداهة وبتحصيل الحاصل، ليشكل التتويج الطبيعي والبديهي لآثار هذا الاعتراف.

وكما لم يرد في كثير من وثائق الاعترافات السابقة، جاء في خاتمة هذه الوثيقة أن الحكومة الإسرائيلية تدرس بجد مشروع فتح قنصلية لبلادها في مدينة الداخلة تحديدا، وهو خبر بصيغة وعد وثيق… وهو ما يعيد إلى الأذهان أن دولة إسرائيل تقوم منذ مدة غير وجيزة، في إطار اتفاق ثنائي، بالتنقيب عن النفط والغاز في مساحة بحرية تقدر بعشرات الآلاف من الكيلومترات المربعة قبالة مدينة الداخلة، والمناطق المحيطة بها إلى غاية الغويرة.

إن هذا، سيجعل من القنصلية الإسرائيلية في الحاضرة المذكورة، بالفعل، مركزا حيويا ونشيطا في وسعه تلبية حاجيات المهندسين وكبار التقنيين القادمين من إسرائيل، من المتخصصين في مجالات التنقيب المختلفة… وبالتالي ستكون تلك القنصلية أكثر عطاءً وإنتاجاً من الناحيتين الوظيفية والمهنية من القنصليات المفتوحة في إطار المساندة والدعم السياسيين والدبلوماسيين لكفاح المغرب ضد كل الخصوم العاملِين على النيل من وحدته الترابية والوطنية.

شخصيا، اعتقد أن اعترافاً بهذا الحجم، وبهذه الطريقة المتميزة، من شأنه أن يُحدث أثراً على الصعيد الإقليمي والدولي والعالمي لا يقل إيجابيةً ونفعاً عن الأثر الهائل الذي أحدثه الاعتراف الأمريكي، الصادر عن أقوى دولة في المعمور، او نظيره الإسباني، الصادر عن المستعمر السابق لأقاليمنا الجنوبية والعارف بالتالي بتاريخ المنطقة وأسسها الجغرافية والإنسانية والمجتمعية، المغربية حتى النخاهذه، ومن جديد، “ضربة معلَّم”!!!

اقرأ أيضاً: