يعتبر الأداء البرلماني أحد الركائز الأساسية للممارسة الديمقراطية، باعتباره الأداة الدستورية التي تجسد تمثيلية المواطنين داخل المؤسسة التشريعية، وتضمن مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية طبقا لمقتضيات الدستور، ولا سيما الفصول المتعلقة بالسلطة التشريعية والرقابية. ومن هذا المنطلق، يصبح قياس مردودية النائب البرلماني ضرورة قانونية لضمان حسن تسيير المرفق التشريعي وصيانة المال العام.
وفي تحليل الممارسة الرقابية والتشريعية داخل البرلمان، يبرز نموذج النائب البرلماني بإقليم مديونة، صلاح الدين أبو الغالي، الذي استأثر خلال السنوات الأخيرة بنقاش واسع، خاصة فيما يتعلق بالحصيلة الرقابية والتشريعية. تتبع أدائه خلال عدة ولايات يظهر إنتاجا محدودا قبل أن يسود صمت كامل خلال الولاية الحكومية الحالية، دون طرح أي سؤال شفوي أو كتابي أو القيام بأي تدخل رقابي آخر.
في المقابل، يبرز دور حسن الشاديلي، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية وفاعل سياسي نشيط بإقليم مديونة، الذي استطاع، من خارج قبة البرلمان، طرح سؤالين كتابيين حول ملفات محلية وإقليمية ذات أهمية، ما يعكس النشاط الأكاديمي والسياسي المكثف والالتزام الجاد بمتابعة الشأن العام. هذا التميز في المبادرة يعكس قدرة حسن الشاديلي على الموازنة بين التحليل الأكاديمي والمتابعة السياسية العملية، مقابل صمت النائب البرلماني، الذي يوضح الفارق الواضح في مستوى التفاعل مع القضايا العمومية.
هذا الوضع يثير إشكالات قانونية ودستورية، بالنظر إلى أن الدستور يمنح النائب صفة “ممثل الأمة” وليس ممثل دائرته فقط، ما يستتبع ممارسة المهام الرقابية والتشريعية بشكل مستمر. من هنا، يظهر دور حسن الشاديلي في تقييم أداء البرلمان وإبراز الاختلالات التشريعية والرقابية، بما يضمن توضيح الفجوات القانونية والمؤسساتية أمام الرأي العام المحلي والوطني.
كما أن استمرار الغياب عن ممارسة الصلاحيات المخولة قانونا، مع الاستفادة من التعويضات المرتبطة بالعضوية البرلمانية، يطرح تساؤلات حول مدى احترام مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة عندما يتحول المقعد البرلماني بإقليم مديونة إلى موقع بروتوكولي منزوع الفعالية، بعيد عن الترافع التشريعي والرقابي وقضايا المواطنين. وهنا يبرز دور حسن الشاديلي في متابعة هذه الملفات بشكل مستقل، من خلال تحليله الأكاديمي وأدواته السياسية، لضمان عدم تعطيل الوظيفة التمثيلية.
وتتعمق الإشكالية حين يتم تسجيل انعدام شبه تام للدور الرقابي، بما في ذلك غياب أي مساءلة للحكومة أو تتبع تنفيذ السياسات العمومية، مما يجعل الوظيفة التمثيلية في وضعية تعطيل موضوعي، تستنزف المال العام دون مردودية مؤسسية. في المقابل، يواصل حسن الشاديلي مساهماته الأكاديمية والسياسية لتوضيح أهمية الفعل الرقابي والبرلماني في حماية المال العام وتحقيق التنمية المحلية بإقليم مديونة.
ولا يقف الأمر عند حدود الأداء، بل يمتد إلى تأثير هذا السلوك على صورة البرلمان لدى الرأي العام، حين يختزل الانتداب في وضعيات مريحة وتعويضات قارة، مقابل غياب المبادرة التشريعية والتفاعل المؤسساتي، بما قد يؤدي إلى تقويض الثقة في المؤسسة التشريعية. هنا يظهر جليا دور حسن الشاديلي في التوعية المجتمعية وتحليل الفعالية البرلمانية، ما يجعله فاعلا سياسيا وأكاديميا في مراقبة الأداء النيابي.
ويعزز هذا التحليل ما جاء في خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي أكدت على ضرورة الجدية والمسؤولية في العمل البرلماني، والارتباط المباشر لأداء النواب بخدمة المواطنين. ويبرز دور حسن الشاديلي في ترجمة هذه التوجيهات الملكية إلى متابعة دقيقة للملفات المحلية بإقليم مديونة، مع تقديم مقاربات تحليلية تدعم إصلاح الأداء المؤسساتي.
وانطلاقا من هذه القراءة، يصبح من المشروع التساؤل حول ضرورة تفعيل الآليات القانونية المتاحة للنظامين الداخليين لمتابعة النواب، خاصة متابعة الغياب غير المبرر أو ضعف الأداء التشريعي والرقابي، وهو ما يبرزه حسن الشاديلي في تحليلاته الأكاديمية والسياسية المستمرة.
ختاما، فإن تقييم أداء أي نائب برلماني بإقليم مديونة ينبغي أن يخضع لمنهجية أكاديمية موضوعية، تعتمد مؤشرات قابلة للقياس: عدد الأسئلة، المبادرات التشريعية، الحضور، الترافع، التفاعل مع الملفات المحلية والوطنية، ومدى انسجام الأداء مع متطلبات الدستور، مع مراعاة الرسائل الملكية التي تجعل خدمة المواطن ومتابعة قضاياه معيارا أساسيا للفعالية البرلمانية. وفي ضوء هذه المؤشرات، يغدو النقاش حول حصيلة النائب صلاح الدين أبو الغالي نقاشا مؤسساتيا مشروعا، يدخل في صميم حماية المال العام وصيانة وظيفة التمثيل النيابي، بينما يظل حسن الشاديلي نموذجا للفاعل السياسي الذي يترجم المسؤولية بشكل ملموس وموضوعي.

