عطر أفروديت

FB IMG 1624960008223 1.jpg
كتبه كتب في 25 أغسطس، 2021 - 8:40 مساءً


بقلم هند بومديان

أريد أن أقفز بضع سنوات إلى الوراء، و ألون الأسود بالأحمر …
أُريد أن أكتب لو أمكن , و لكن , لقد مللت من نفسي، و من الحروف الثائرة , هل سأستمر بالثرثرة عن الحياة ، و عن ذاتي ، و الأشياء ؟
ثم أغمرها بالضياع، و أبتسم ، و الحنين في الدروب سائر ….
كُل شيء مُمِل , بل و في قمة الملل تكرار الأفكار , تكرار الأحلام , تكرار الفشل ، تكرار الضياع ، لقد تعبت من الملل , و أتمنى لو أستطيع ضبط نفسي بعيدًا عن الإلهاء ، و حرق الوقت , أليس هذا حُلم كل إنسان ؟
أن تكون قادرا على البهجة بالأشياء، تلك التي ذكرتني في شتائي , بشكل مستمر ، و الشوق إليها في اللحظ الغائر ، حين ينطقنا الزمن ، و يحطمنا الحلم ، و يجردنا الخيال من واقعنا المرير، ف تشل أناملنا للحظة..
انتبه إلى همس العواطف..
إلى وشوشة الصمت ، و هو يماشي جدائل الفرح بداخلي…
ف أتحسّس دفئا بروحي، يزهر في الظلام…
ليحمل الحاضر على أمواج بحر غارق في الحلم…
تارة …
يضيق صدري ، و نسائم البوح كالعطر الحائر تطرز وشاح القوافي ، تبهت رغبتي، و تفشي في القلب أسرارا، و شتاءا ، و بركانا في مقام الذاكرة.
يتناغم على جوانب قدري، فلماذا تُصِر أرواحنا على الاعتياد و الملل، لتتراقص الملائكة فوق خمائل النبض، ف ترسم لوحة سريالية فوق جدران الأماني.
فعلا برود الرغبات ألم مزعج، خاصة إن سرقتها من كف افروديت ، تلك التي جمعت شتاتي ، و أتقلت رأسي، و سرقت ملامحي، ثم دفنتني في حقيبة الوقت ، و خبأت خلفها وجهي ، لتنقش إحساس الأوركيد، و تسرج لي كف الحلم ، ف تخط بيد الزمان طيف اللقاء، و العطر يعبث بثغر الوقت، ليتخذ يراعا من الياسمين، و ربما يعشعش فوق أهداب القدر، ليحاور شباك الزمن ف تبكينا الهموم، وترثينا النجوم
لتنزف الأحلام، و قد ألقت بظلالها على حفنة من الذين لا يقدرون الحب المكتنز، في خبايا الروح …
يا أيتها الألقة كالكوكب الدري ، كيف أكتب و رب الكون حروف الليل ؟
لا يُمكنني أن أموت من الألم ، من الحزن ، أو من أي شيء ..
فيصير الموت مباحا ، يوم لا يكون له سبب ، غير هذا ، يُعد شيئا مثيرا للشفقة ، فلنستحق موتنا…
ك استحقاق السلام ،
فعلا نستحق الموت ، حين يكتمل الحلم لا الحياة …
ما الذي قتل الحلم ؟
لا شيء .. لم يهرب عبثا الى الموت ، بل صافحه ، و عاد مسرعا يُعاقب نفسه بالصمت، بل و يهديها إيَّاه، عندما استحقَّته …
لقد نجح فعلا ، في استحقاق الصمت، قبل أن يخطفني الضياع …
كيف نرسم صمتا ، في طيّه معنى الهمس ..؟
لا يمكن ….
و قد شاهدتني هناك بين طبقات السماء، ك وهجة مشتعلة تحترق من قربها الشمس، وسائر النجوم،
حاولت الاقتراب مني كثيرا، لأحظى بهدنة ، أو لحظة ، أحترق فيها كما تحترق أجنحة الفراشات الرقيقة في الهواء …
إلا انني فشلت …
أسأل عن أناس أحبهم ، رغم أني روضت شفاه الحروف على النار ، فيومياتهم ، و وسواس أحلامنا، و أقدارنا ، حتى و إن ختمت فم المكاتيب، بثرى اللقاء ، و ألقيت بجسدها ألف مرة في الهاوية،
أسأل عن الأشياء التي فقدتها، ف أعلنت الهروب مني، لتسأل عن طرقاتها، فتنبثق ريح عاتية تغطي الزمان، و المكان.
عشت طويلاً في فراغي، حتى غدوت متناثرة الاجزاء…
لكن السؤال يظل ، كيف نجني الدفء من غابة تحترق ؟
ونحن الغرباء، و الزهاد، اصحاب الرسائل المستعجلة، يبرز ضعفنا أمام ناظرينا، و تعاتبنا سنين، و مشاعر أخفينا معالمها، تحت ستائر زيف حروفنا.
تذكرت ذات وجع، كيف بلحظة أصبح اليراع عرجونا، و تاه…
و كيف نترفّق بقلب يخفق استجابة للنداء، و على ضفاف عيون البدر، حروف موشومة بعطر السماء..
لينطق عندها الصراخ، و ينطق الألم،
تنقل السحاب من مكان الى مكان، تبصر الأسى خلف ملامح باهتة، و من زمان الى زمان، لترتعش الأطراف، و تطبق شفاه صمت، و دون جدوى اللحاق بك ابدا، و كان الأحرى أن تنزل الكلمات مضمار الرقص، لتبدأ أمسيات الرثاء، و الهجاء رحلتها، نحو المجهول، و القوافي هي الأخرى عاتبت كل الألوان، و اختارت لون الحداد، و لم يبق إلا عطر اللحظة، لأرسم من الكلمات دفئ الشمس، و على ضفاف عينيها أرسم حلم نرجسة، لتذبل الأماني ، و تضيق دائرة الكتمان .

كل هذا في لحظة ؟
فعلا كل هذا في لحظة ، تتبعثر الكلمات في أرجاء المكان ، ونسائم ذكرى تهب على الحلم، تبصر الدمع ثم تتوارى خلف العبرات، حاملة حقائبها الراقدة على خد الدروب، فتتأجج المشاعر، و تبكي بحرقتها لتنكسر أقفاص القلوب ، و يعتصرها الألم لتغزل حروفا من خيوط القمر، و من فتات أنفاس الشموع، أرسل اثيرها عبر نجمة تائهة، تبحث عن غفوة في زمن آخر، فتتحول الكلمات إلى غصة شائكة، نبتلعها فتدمي حلوقنا ، ف إذا بها ك طوفان قادم من المجهول.
أحياناً، يعتصر قلبي الألم ليبرق من خلف أعين ذائبة، وحينها لابد للصمت ان ينطق، حين يختنق التفكير، فتتسع دائرة الشك، تزاحمها الحسرة، على وريقات أكلها الزمن، لتتحول الدموع إلى بركان، يشق طريقه على الوجنتين، فيحيل تعبي إلى أرض صلدة، تشكو من الدمار، تحكي عنها الألسنة، و لا يرد صداها حدود الوقت.
نسأل عن أرواحنا فلا نجدها ؟
نسأل عن صمتنا، فينطق الصمت، و تنطق الجدران، و تهمس أرواحنا ببطء، كي لا تبكينا السنين، و لا تبكي ذواتنا لتخبرنا الدموع بقصة أسانا…
لا وجود ل جواب في فيافي السكوت ، عندما ينطق الصمت ل تتكلم خلجاتنا، و ينطق الصمت، و لكن بصمت.
فيبقى الحلم صُدفتي في هذا العالم، ربما من قبل كان الإشتهاء يحوم كطير في سماء الضياع.
ربما باث المكان فاتحا ذراعيه، لعناق مُشتهى.
ربما عربة الوقت، تجرها خيول الإنتظار.
طريقها شوق لاينتهي،
نصفه ألف صدفة، لا تفي حق الحياة،
مثل حروف قصيدة.
و نصفها الآخر يقرؤه الزمان بفرح ، وهي تبكي بين السطور…

مشاركة