الرئيسية أحداث المجتمع العمل الجمعوي بسلا “حقيقة، فساد، استغلال، نجاح”

العمل الجمعوي بسلا “حقيقة، فساد، استغلال، نجاح”

IMG 20210417 WA0002.jpg
كتبه كتب في 17 أبريل، 2021 - 4:12 صباحًا


بقلم : ياسين بن ارحيل | صوت العدالة.


يعرف العمل الجمعوي بسلا ثورة في إطارها التنظيمي، خصوصا خلال فترة جائحة كوفيد 19، فإذا تكلمنا بلغة الأرقام عن الحجم الكمي لها فسنجد أكثر من 400 جمعية داخل تراب هذه المدينة،وهناك جمعيات نشيطة وفاعلة ، تمارس دورها في التأطير و التكوين والتحسيس والتنمية ، وتلعب بإتقان دور الوساطة بين المواطنين ودوائر السلطة و تشارك في اتخاذ القرارات وصنعها و بلورتها ومتابعة تنفيذها،وتمارس نوع من الرقابة الأدبية على الهيئات المنتخبة والتنفيذية و تساهم بشكل كبير في تنمية و خدمة الصالح العام.
لكن إذا تأملنا في الواقع المرير سنجد أن الحقل الجمعوي بسلا يطفلوا عليه أناس جامدين ، انتهازيين و مجردين من المصداقية و الحب لهذا الوطن، مستهترين بالقوانين ، و خادمين للصالح الخاص لا للصالح العام.
كما تدركون أيضا أن العمل الجمعوي بات يعيش انحرافات كثيرة عن تعريفه ومفهومه وعن وظائفه وخصوصياته وجوهره وأهدافه ومراميه النبيلة، من طرف جمعيات أصرت على تمييعه وإفراغه من لبه وتميزه الخاص حتى أضحى الميدان يجد نفسه وسط دوامة ، انحرفت عن مسارها ب 360 درجه وافرغت جانب كبير من محتواها الأصلي.
هكذا أصبحت بعض الجمعيات، جمعيات للفساد بامتياز يمارس فيها المفسدون هوايتهم المعهودة للكسب الغير المشروع ، والنتيجة أننا أصبحنا أمام مظهر جديد من مظاهر الفساد في المغرب يمكن تسميته بالفساد الجمعوي، حيث أن خطورة ظاهرة هذا الفساد الجمعوي الذي بدأ يستشري بسلا هو مأسسته وتحوله إلى سرطان ينهش في جسد الشباب و يزرع سلوكا انتفاعيا يضرب في صميم القيم النبيلة والأصيلة للعمل الجمعوي ويهدمها،بمباركة بعض السلطات و الساهرين على تدبير الشأن العام بسلا.
ونعلم أيضا أن هناك جمعيات تشكل أذرعا وامتدادات لهيئات سياسية تستغلها وتوظفها خلال حملاتها الإنتخابية ومعاركها الكبرى وبعد ذلك تدخل هذه الجمعيات في مرحلة السكون والركود والجمود وتغرق في سبات عميق في انتظار أن يطلب منها الإستيقاظ من النوم وفعل شيء ما من باب حشد الأنصار و الأصوات الإنتخابية لعلهم يفوزون بمقاعد انتخابية، و إذا ما نجحت خطتهم و تحقق مرادهم يهجرون العمل الجمعوي و يتواروا عن الأنظار.
وهناك كذلك جمعيات تمارس الإنحراف باحتراف ، فقد نجد الرئيس ” رئيس جمعية رياضية ….ورئيسا لجمعية المسرح …وأمينا للمال لجمعية المعاقين رغم أنه ليس بمعاق…ونائب رئيس جمعية كذا وكذا….مستشارا في جمعية كذا وكذا…….صحفي و مراسل و كذا..وكذا..ونجد جمعية ثقافية تنظم مهرجانا شعريا بالرغم من أن رئيسها لم يكتب في حياته بيتا شعريا…ونجد جمعية تعطي دروسا في محو الأمية بالرغم من كون رئيسها أميا بامتياز والأمثلة كثيرة” …
و بالنسبة لي ستضل الأسباب الحقيقية لهذه المهزلة هي سهولة تفريخ واستنساخ الجمعيات و تأسيسها من طرف أناس لا يمتون بأي صلة للعمل الجمعوي، فقط سمعوا عنه من بعيد بأنه وسيلة للتقرب من الإدارة و أداة سحرية لقضاء المصالح الخاصة و طريقة للتبجح و التمختر على الناس فأعجبوا بالفكرة و هرعوا لتأسيسها ، إضافة إلى ضعف التكوين والتأطير مما أدى إلى عشوائية القطاع الذي لن يستقيم له شأن إن استمر بهذا المسار.
ولا ننسى كذلك أن داخل الحقل الجمعوي بسلا، هناك جمعيات قديمة و فتية شبابية نشيطة وفاعلة ، تقوم بدورها بشكل فعال وجاد ، حملت أهدافا كبرى وتترجمها على أرض الواقع ، جمعيات ساهمت بشكل أو باخر في تنمية المدينة ثقافيا واجتماعيا و رياضيا و فكريا، و أعطت الكثير و الكثير في سبيل الوطن، لكنها لا زالت تعاني من عدة مشاكل تعيق مسارها التطوعي الجمعوي من بينها غياب الدعم الكافي و الإهتمام والتحفيز والتشجيع ، وضعف استراتيجيات واضحة تستجيب لمعايير عملهم و نشاطاتهم.
هذا هو الواقع المر الذي بات الجسم الجمعوي بسلا يتخبط فيه حيث يجب على كل الغيورين عليه التشمير على الساعد و الوقوف على هذا الحقل و تكنيسه من بعض الطفيليات والمتنطعين من أجل رد الإعتبار إليه وإعادته لصوابه.
و للإشارة فقط هذه السطور ليست دعوة للنفور من العمل الجمعوي أو انتقاصا من المجهودات الجبارة التي تبذلها العديد من الجمعيات الجادة و التي تقدم خدمات جليلة لساكنة مدينة سلا ، فالغرض من كتابة هذه السطور هو تسليط الضوء على بعض الممارسات المشينة و انقاد ما يمكن انقاده.

مشاركة