الرئيسية آراء وأقلام الجزائر ابتليت بأشباه المسؤولين

الجزائر ابتليت بأشباه المسؤولين

Screenshot 20200809 1338402.png
كتبه كتب في 29 ديسمبر، 2020 - 11:42 صباحًا

بقلم : عبد السلام اسريفي / رئيس التحرير

بهذه الجملة لخص الحقوقي الجزائري” أنور مالك” الوضع بالجزائر،على إثر تقديم الإذاعة والتلفزة الجزائرية حوارا مع شخصين تم إلقاء القبض عليهم بالمناطق الحدودية بتهمة تهريب المخدرات،في تزوير ظاهر وبشكل ينم عن وجود نوايا للمسؤولين بالشقيقة لتغليط الرأي العام المحلي وتقديمه على أن المغرب عدو للجزائريين.

السيناريو الجديد الذي يقف وراءه العسكر وينفذه الاعلام المدفوع،يترجم الى أبعد مدى ضعف الدولة وقصر نظر المسؤولين،وأطماعهم في المنطقة،خاصة بعدما اعترفت أغلب الدول الافريقية بمغربية الصحراء،وفتح بعضها قنصليات لها بالعيون والداخلية والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء،وما سيتبع ذلك من استثمارات مهمة بالمنطقة ،ستمتد أكيد الى جنوب القارة،وعن طريق المغرب،الذي سيلعب دور المشرف ،وهو ما يقلق العسكر الجزائري،الذي يطمح الى تقوية نفوذه بافريقيا وتغييب المغرب،خاصة بعد التهافت الافريقي والعالمي وسعي البعض لتوطيد العلاقات مع الرباط،نظرا للوقع الاستراتيجي للمملكة واستقراره السياسي،وانفتاح شعبه على كل الثقافات.

انفتاح المغرب على افريقيا،وانتشاره في جذوره الافريقية،عطل مصالح كثيرة للعسكر الجزائري،الذي يعتبر افريقيا سوقا سهلة ومهمة،ويمكن التحكم فيها بمعزل عن باقي التحولات الجيواقتصادية العالمية،لذلك، فهو يرى دخول المغرب لهذه السوق،سيؤثر عليه بشكل كبير،وبالتالي سيقلص من دوره في المنطقة،خاصة بعد سقوط الأنظمة التي كانت تناصره وتحمي مصالحه،نظام القذافي على وجه الخصوص.

فالعسكر الجزائري لا يريد علاقةً مع إفريقيا تقوم على الاحترام المتبادل والنفع المشترك، إنما يريد علاقة تقوم على المصالح والنفع الخاص، وحيث تكون مصالحه تتوجه علاقته. فمنذ عقود والعسكر ينهب خيرات إفريقيا، ثم يعيد بيعها لها بأسعار باهظة وأثمانٍ عالية، بما يرهق السكان ويدمر اقتصاد البلاد، ويفرض عليها تبعية وتخلفا، ويرتب عليها ديوناً تفقدها استقلالها وتجبرها على بيع مؤسستاها العمومية الاستراتيجية إلى الشركات الخاصة.

غير أن المغرب في شراكته الاقتصادية مع إفريقيا اختار نهجا تنمويا في إطار التعاون جنوب-جنوب، وعلى أساس المصالح المشتركة التي تعود بالنفع على المغرب وشركائه الأفارقة، من خلال شراكة تضامنية ومتوازنة رابح-رابح. وهذا ما أكد عليه الملك محمد السادس في خطابه يوم الأحد 20 غشت 2017 بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لثورة الملك والشعب.

وخير مثال على هذا التوجه الملموس، المشاريع التنموية الكبرى التي سبق أن أطلقها الملك محمد السادس في عدد من الدول الإفريقية بمنطق النفع المشترك للشعوب الإفريقية، وكذا إنجاز برامج التنمية البشرية لتحسين ظروف عيش المواطن الإفريقي. كما تكللت هذه السياسة الجديدة والعقلانية للملك محمد السادس برجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، والموافقة المبدئية على انضمامه للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، في إطار تحقيق اندماج اقتصادي إقليمي من أجل مستقبل إفريقيا.

والشعب الجزائري الذي يعاني الفقر والعوز لسنين طويلة بسبب حكم العسكر القائم على التضييق وخنق الحريات والتجويع لضمان استمراريته ،مغيب عن الصورة بشكل خطير،فلا هو قادر على ضمان قوت يومه ولا هو قادر على التعبير عن رأيه ،وسبق للبنك الدولي أن قدم تقريرا يفيد أن  أكثر من 193 ألف عائلة فقيرة بالجزائر خلال عام 2015، بعد أن كان العدد نحو 162 ألفا عام ‫2014، وأضاف أن الجزائريين ينفقون 44% من ميزانياتهم السنوية على تلبية حاجياتهم الغذائية‫،ناهيك عن الوضع الصحي المتردي ،خاصة في ظل فيروس كورونا،حيث دقّ صيادلة الجزائر ناقوس الخطر بعد أن توسّعت قائمة الأدوية المفقودة إلى 227 دواء، وما فاقم من الخطورة، تزامن الندرة مع الأزمة الصحية التي تعيشها البلاد كباقي دول العالم جراء كورونا، ما يجعل مصير المرضى مجهولاً والوضع الصحي يزداد تأزماً.

كل هذه الأسباب تجعل من العسكر الجزائري آلة معطلة،تنفث الغبار وتنتظر المساعدة من عابر سبيل،لكن،في ظل التطورات الأخيرة،مرض الرئيس “تبون”،وظهوره في وضع لا يطمئن،وتراجع مداخيل الجزائر الخارجية،وتوقف الاستثمارات بسبب عدم الاستقرار السياسي،والضغط الذي باتت تفرضه جبهة البوليساريو على الجنرالات،والانتشار السريع للمغرب بافريقيا،أمام مطالب داخلية بالاهتمام بالأوضاع الاحتماعية،جعل النظام الحالي المريض يحاول تصدير أزمته خارج الحدود،وذر الرماد في عيون الجزائريين،وجعلهم يقتنعون أن الأزمة سببها العدو،الذي هو في نظرهم المغرب،هذا في الوقت الذي يطالب المغرب بقتح الحدود واستئناف العلاقات والتعاون في كل المجالات،لكن،يظهر،أن العسكر،يستفيد من الأزمة ،بل يختبئ من ورائها،ويراكم الأموال على حساب العشب ولقمة الخبز،التي قد تجعل الجزائري ينتظر لساعات في طابور طويل.

فالأزمة بالجزائر سببها نظام مفلس،لعب كل أوراقه،ولا زال يدور في حلقة مفرغة،ويرمي بالجمر خارج الحدود علها تحرق الجيران وترفع عنه العيون والضغط، لكن،الوضع يزداد تأزما وتراجعا خطيرا، حيث يعتمد قانون المالية 2020 على سعر برميل النفط ما بين 50 دولار كأقل تقدير و 75 دولار كأكبر تقدير، أما الأسعار الحالية فهي لا تصل حتى إلى ثمن إنتاج البرميل في الجزائر ألا هو 23 دولارا، مما سيؤدي بنا بالطبع إلى تفاقم عجز الميزانية والميزان التجاري وتآكل سريع لاحتياطات العملات الأجنبية وانخفاض ملحوظ في الاستثمارات وفقدان الوظائف وارتفاع التضخم، وما يترتب على ذلك من انخفاض قيمة الدينار المنخفضة أصلا.

مشاركة