الرئيسية آراء وأقلام اللامركزية في ظل الجهوية الموسعة

اللامركزية في ظل الجهوية الموسعة

DAHBI.jpg
كتبه كتب في 6 يناير، 2017 - 11:38 مساءً

اللامركزية في ظل الجهوية الموسعة

من نواقض الفعل الديمقراطي ومعاول تهديمه بالمغرب: استمرار ظاهرة الفساد السياسي والإداري بصوره المتعددة، والتي تأخذ أشكالا مختلفة من قبيل الرشوة أو نهب المال العمومي وظاهرة الريع الاقتصادي بالمغرب. فحسب مجموعة من المؤشرات والإحصاءات الرسمية، فإن تكلفة الفساد بمختلف تجلياته، كالرشوة و استغلال النفوذ، و الإثراء غير المشروع، والاختلاس، و الوساطة،و المحاباة، وتضارب المصالح، و الابتزاز ، وغيرها تفوق اثنين بالمائة من الناتج الوطني الإجمالي. ومما يؤكد بالملموس اختلال نمط الحكامة الاقتصادية والحكامة السياسية في تدبير المرفق العمومي وخدمة الصالح العام، مع هيمنة و سيادة مفاهيم الريع و الاحتكار و التركيز الاقتصادي وغياب تام لمبادئ الشفافية والمحاسبة ومعظم مبادئ الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، التي تطرقت إليها الوثيقة الدستورية، مع غياب مطبق للمراقبة السياسية والشعبية للمواطن. قرارات المجلس الدستوري، وسؤال النقاش الدستوري والسياسي صدر عن المجلس الدستوري، بتاريخ 29/07/2015، ثلاثة قرارات متعلقة بالجماعات الترابية (الجماعات والعمالات والأقاليم والجهات)، قضى بموجبها بأن إيداع مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب مطابق للدستور، بناء على أحكام الفصل 85 من الدستور. كما أن كيفية التصويت على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات وإجراءات التداول والتصويت عليه، مطابقة للقانون بناء على أحكام الفصل 85 من الدستور. أما في ما يتعلق بالفقرة الأخيرة من المادة 54 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات غير مطابقة للدستور، كما اعتبر المجلس الدستوري البند الأخير من المادة 121 المتعلقة بالشروط التي يجب على الجمعيات استيفاؤها لتقديم العرائض غير مطابقة للدستور. هذه القرارات الأخيرة للمجلس الدستوري، وغيرها تجعل الوثيقة الدستورية تحمل عدة قراءات وتفسيرات دستورية وسياسية، لذلك فالمشكل يبقى دائما مطروحاً في القرارات التي أصدرها المجلس الدستوري خصوصا مع اللغة الغامضة والعامة والفضفاضة التي صيغت بها القوانين التنظيمية. أضف إلى ذلك، الإشكال القانوني المتعلق بعدم تطابق إحالة القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات والجماعات الترابية الأخرى مع القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، ثم خصوصا الإشكال القانوني المتعلقة بالفصل 146 من الدستور،الذي ينص على انه: “تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية الأخرى لشؤونها بكيفية ديمقراطية،…“ والواقع أن المشرع نظم الجماعات الترابية في ثلاث قوانين تنظيمية رغم أن النص الدستوري تحدث صراحة عن قانون تنظيمي واحد للجماعات الترابية. وعلاوة على ما سبق، هناك الإشكال القانوني المتعلق بالفتح الاستثنائي الجديد للتقييد في اللوائح الانتخابية من 10 يوليوز إلى 21 غشت 2015 ودستوريته، خصوصا أن الفتح تم ببلاغ لوزارة الداخلية، مع أن الأجل الاستثنائي الجديد للتقييد في اللوائح الانتخابية العامة يجب أن يتم بمرسوم صادر عن رئيس الحكومة باقتراح من وزير الداخلية. وعموما، فمفهوم الجهوية والمجال كانا دائما ولا يزالان ولمدة طويلة يمثلان أحد الاهتمامات الكبرى للأجهزة المركزية. ولعل الهاجس السياسي – الأمني هو الذي كان وراء الاهتمام بالمعطى المجالي، بحيث كان يتم الحرص دائما على الخضوع المادي للسلطة. وبالتالي فالمجال الترابي ظل، ولايزال، رهينة ميزان القوة بين مركز يهيمن عليه الهاجس الأمني والتحكم وضبط المجالات الترابية،وبسط نفوذ سلطة تنفيذية معينة وتجديد شرعيتها السياسية، ومحيط محلي يحاول أن يتخلص من هيمنة المركز عبر التمرد والانتفاضات والحركات الاحتجاجية. وهكذا، فإن نهج استراتيجية تنظيم المجال السياسي، بصفة متكررة، تحقق مكسبا مهما للسلطة بحيث تؤدي مثل هذه الاستراتيجية إلى تجديد آليات الضبط وإنتاج النخب السياسية، كما أن هذه المنهجية تمكن السلطة السياسية في استبدال الزعامات القديمة بالنخب العصرية الحديثة، مما يمكنها من ممارسة السلطة بشكل عقلاني. إن أزمة السياسات العمومية في المغرب، تعكسها هيمنة المقاربة الأمنية –السياسية المركزية على حساب البعد التنموي الجهوي، التي تعطي لسلطات الوصايا المعينة (العامل-الوالي …) حكماً حقيقياً على المستوى الجهوي، ومن ثَمّ تُبقي للمجالس المحلية المنتخبة دورا صوريا واستشاريا في تحقيق التنمية المحلية. ختاما نقول، إنه رغم تضخم الخطابات السياسية حول الجهوية (الجهوية السياسية، الجهوية الموسعة، الجهوية المتقدمة…) فإن السلطة المركزية لا تسمح بوجود فاعلين محليين يناط بهم تفعيل التنمية المحلية للجهة، إذ ليس هناك رغبة للفاعل المركزي في اقتسام السلطة مع المحيط المحلي خوفا من فقدان هيمنته، لتظل السلطة المركزية بعد ذلك فاعلا حقيقيا ومتحكما في كل المبادرات المحلية والوطنية. يتبع ……

مشاركة