في تدخل له خلال المناظرة الوطنية الأولى حول “تدبير منازعات الدولة والوقاية منها”، التي نظمت اليوم الثلاثاء بالرباط، كشف وزير العدل عبد اللطيف وهبي، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه الكاتب العام للوزارة، عن خلل واضح في تدبير منازعات الدولة، مشيرا إلى أن الوكالة القضائية للمملكة لا تتابع سوى ثلث هذه الملفات.
وأوضح وهبي أن المحاكم الإدارية تسجل سنويا ما يقارب 60 ألف قضية مرفوعة ضد مؤسسات الدولة، بينما لا يتم تكليف الوكالة القضائية للمملكة سوى بمتابعة حوالي 20 ألف ملف، وهو ما وصفه باختلال واضح في مسار الدفاع عن مصالح الدولة، ويستدعي إصلاحا عميقا لمنظومة تدبير المنازعات العمومية.
وأكد وزير العدل على ضرورة إرساء سياسة وطنية متكاملة في هذا المجال، تقوم على الاستباق والتنسيق بين مختلف مرافق الدولة، مع تعزيز قدرات الجهاز المكلف بمتابعة القضايا، سواء على المستوى الداخلي أو أمام هيئات التحكيم الدولية، بما يضمن حماية المصالح العامة وتقليص الخسائر المالية المرتبطة بهذه المنازعات.
وعبّر وهبي عن أسفه لما تتحمّله الدولة من أعباء مالية سنوية ضخمة نتيجة تزايد القضايا المرفوعة ضدها، مرجعًا ذلك إلى توسّع أنشطة الهيئات العمومية، وغياب آليات فعالة لرصد المخاطر القانونية، بالإضافة إلى ضعف ثقافة الوقاية القانونية داخل المؤسسات.
وأوضح أن تدبير هذه المنازعات لا يؤثر فقط على ميزانية الدولة، بل ينعكس سلبا على ثقة المواطنين والمستثمرين في الأداء المؤسساتي، ويؤثر على مناخ الاستثمار، خاصة في ظل السياق العالمي الراهن، الذي يتطلب بيئة قانونية مستقرة لجذب رؤوس الأموال وتحقيق التنمية المستدامة.
من جهتها، تعمل وزارة العدل، وفق وهبي، على تطوير أدوات المواكبة القانونية للإدارات العمومية، من خلال تسريع ورش الرقمنة، وإرساء المحكمة الرقمية، وتعزيز التكوين في مجال منازعات الدولة. كما أشار إلى مشاريع قانونية قيد الإنجاز، من ضمنها تعديل قانون المسطرة المدنية، ومرسوم خاص بلائحة المحكمين، ومسودة قانون جديدة لتوسيع صلاحيات النيابة العامة في القضاء الإداري.
وختم وهبي كلمته بالتأكيد على أن هذه المناظرة يجب أن تشكل نقطة انطلاق لتأسيس رؤية وطنية موحدة لتدبير منازعات الدولة، داعيا إلى جعلها فضاء لتبادل الأفكار بين ممثلي المؤسسات العمومية، والخبراء، والمهنيين، بهدف الوصول إلى حلول عملية توازن بين الحفاظ على المشروعية وترشيد الإنفاق العمومي.