أنس خالد | صوت العدالة
في كل موسم صيفي، تعود إلى الواجهة موجة الانتقادات التي تطال المقاهي والمطاعم المنتشرة على طول كورنيش السعيدية، والتي يُتهم بعضها بـ”احتلال الشاطئ” ومنع المواطنين من الاستفادة المجانية من رمال البحر. إلا أن هذه الصورة التي يتم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون منقوصة، وتتجاهل جوانب مهمة ترتبط بالتنظيم، التشغيل، وتحسين جاذبية المدينة.
المقاهي والمطاعم المنتشرة على طول الشاطئ لا تكتفي بتقديم خدمات غذائية، بل تسهر على نظافة الفضاء المحيط، تشغيل حراس للأمن، توفير مظلات ومقاعد نظيفة، إضافة إلى خلق أجواء راقية للعائلات والسياح.
بعض التدوينات تتحدث عن “احتلال غير قانوني” لرمال البحر، لكن الواقع يشير إلى أن أغلب هذه المشاريع تعمل بناءً على رخص مؤقتة موسمية تمنحها السلطات المختصة، وتؤطر استعمال الفضاء العمومي ضمن شروط محددة.
وفي هذا السياق، يقول أحد أصحاب المقاهي:
“نحن نشتغل برخص قانونية وندفع مقابلها مبالغ مهمة، ونوفر فضاء نظيف وآمن للعائلات، ونشغل عشرات الشباب من أبناء جهة الشرق.”
موسم الصيف يشكل الفرصة الوحيدة للعديد من أبناء السعيدية ووجدة والقرى المجاورة للحصول على شغل مؤقت، سواء كنادلين أو منظفين أو عمال خدمات. هذه الفضاءات تُشغّل مئات الشباب خلال أشهر الصيف، في ظل غياب بدائل حقيقية للتشغيل.
يقول أحد العمال الموسميين:
“لولا هذه المقاهي، لكنت اليوم عاطلًا عن العمل. نحن لا نحتل الشاطئ، نحن نُحسن استغلاله.”
من المهم التذكير أن الشاطئ لم يُغلق في وجه المواطنين. فما زالت هناك مساحات حرة، ومن أراد الاستمتاع بالرمال دون أداء مقابل، فهو قادر على ذلك. لكن من يختار الجلوس في مكان مهيأ بخدمة ومظلة وراحة، فمن الطبيعي أن يؤدي مقابلًا لهذه الخدمة، كما هو معمول به في أغلب المدن الساحلية داخل المغرب وخارجه.
هل نحاسب المقاهي لأنها نظّمت الفضاء وأوجدت فرص الشغل؟ أم نحاسب أنفسنا لأننا لم نطالب بتوازن بين الشاطئ المجاني والاستثمار المنظم؟
مقاهي ومطاعم الكورنيش ليست خصمًا، بل هي جزء من الحل. ما نحتاجه فعلًا هو رقابة عادلة وتطبيق واضح للقانون، دون شيطنة الاستثمار، أو تبخيس جهود شباب يسعون إلى العيش الكريم.
