الرئيسية أخبار القضاء مداخلة عبد العزيز بعلي وكيل الملك بإبتدائية أبي الجعد حول الدفوع الشكلية في جرائم الصحافة والنشر

مداخلة عبد العزيز بعلي وكيل الملك بإبتدائية أبي الجعد حول الدفوع الشكلية في جرائم الصحافة والنشر

5BE88418 E0D3 4629 B7DB 1E4D2138B5A8.jpeg
كتبه كتب في 24 فبراير، 2023 - 11:44 مساءً

اعداد السيد وكيل الملك

لدى المحكمة الابتدائية بأبي الجعد

أكد السيد وكيل الملك في بداية كلمته على أهمية هذا اللقاء العلمي و التواصلي المتميز الذي يقارب موضوع بالغ الحساسية و الأهمية و المتعلق بجرائم الصحافة و النشر لما يثيره من جدال كبير داخل الساحة الحقوقية والقضائية و الإعلامية بالنظر لما يعرفه من تباين في المواقف نتيجة اختلاف في المذاهب الفكرية والمرجعيات الإيديولوجية والمناهج العلمية، ولا أدل على ذلك من النقاش العمومي الدائم الذي تعرفه حرية التعبير دلالة، نطاقا وحدودا ، خاصة مع انتشار الصحافة الالكترونية و ما أضحت تطرحه من تحديات كبرى في خضم التعديلات التي عرفتها المنظومتان التشريـــعية والإعلامية في خضم سنة2016 ، والمتمثلة في صدور القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر  و قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحفيين المهنيين و قانون رقم 90.13 المتعلق بإحداث المجلس الوطني للصحافة فضلا عن صدور ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة والقانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي و  القانون رقم 31.13 المنظم للحق في المعلومة والقانون رقم 13.103 الخاص بحماية الحياة الخاصة و الحق في الصورة.

موضحا أنه طبيعي والحالة هاته أن تستأثر قضايا الصحافة والنشر بشغف الممارسين والباحثين والمهتمين والحقوقيين لأنها تمثل في واقع الامر ذلك التماس بين سلطة الاعلام وسلطة القضاء وتلك الجذلية التاريخية بين الحرية والمسؤولية.

آملل أن يشكل هذا اللقاء من خلال المداخلات القيمة والمناقشات الى تسليط الضوء على أهم الجوانب المتعلقة بجرائم الصحافة والنشر والى تعميق النقاش بشأنها وتوفير أرضية علمية خصبة للخروج بتوصيات ترفع الى الجهات المختصة بما يساهم في ارتقاء بممارستنا الصحفية والقضائية الى المستوى المنشود بما يتلاءم مع الأدوار الدستورية والمجتمعية الموكولة للسلطة القضائية وسلطة الاعلام في تعزيز البناء الديموقراطي للدولة وحماية حقوق المواطنين.

وصلة بموضوع مداخلته المتعلقة بالدفوع الشكلية في جرائم الصحافة و النشر، أشار في البداية الى ملاحظة أساسية  أنه إذا كانت لنظرية الدفوع أهمية قصوى في نظام العدالة لارتباطها الوثيق بفكرة الحق في الدفاع المكرس بموجب القوانين الوطنية والمواثيق الدولية الكبرى، أحد أهم أسس ومرتكزات المحاكمة العادلة، فإنها تحتل مكانة خاصة في قضايا الصحافة والنشر، لخصوصيتها بحكم علاقتها بالعمل الصحفي في بعده المهني و بحرية الرأي و التعبير في بعدها الحقوقي والإنساني باعتبارها أهم الحقوقالاساسية للإنسان، كما هو متعارف عليه دوليا.

مضيفا أنه إذا كانت الدفوع في المادة الجنائية، تهم شكليات إثارة الدعوى العمومية وإجراءاتها المسطرية و عناصرها التكوينية وتخضع آثارها لقواعد القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية وبعض النصوص الجنائية التكميلية، فإن الدفوع في جرائم الصحافة والنشر، تتناول تحريك الدعوى العمومية وإجراءاتها بشقيها العمومي والمدني، وتعالج في إطار مقتضيات قانون الصحافة والنشر إلى جانب مقتضيات المسطرتين الجنائية والمدنية إضافة إلى نصوص قانونية أخرى، و بالتالي تخضع من جهة للقواعد المدنية و الجنائية على حد سواء.

ومن جهة أخرى، إذا كانت الأحكام العامة لنظرية الدفوع في المادتين المدنية والجنائية، لا تثير مبدئيا أي إشكال، فإن الجريمة الصحفية تطرح إشكالا حقيقيا مرتبطا بتحديد نوعية هذه الدفوع، هل هي متعلقة بالدعوى الجنائية أو المدنية أم أنها دفوع مختلطة؟

C0D3B82C 8946 4F83 AA60 F1ACC36C5BB4

ومؤكدا أن هذا الاشكال يرجع بالأساس الى صعوبة تحديد طبيعة هذه الدعوى بالنظر لما تنص عليه المادة 97 من الظهير الشريف رقم 1.16.122 الصادر بتاريخ 10 أغسطس 2010 بتنفيذ القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر من كون هل هي دعوى مدنية أم جنحية أم مختلطة؟

وموضحا أنه لإبراز الطبيعة الخاصة بجرائم الصحافة والنشر يمكن إثارة الملاحظات التالية التي تشكل قواعداستثنائية حمائية لضمان حرية ممارسة الصحافة أتى بها المشرع ضمن قانون الصحافة الحالي:

✓ حيادا عن القواعد العامة، أوكل المشرع لكل من النيابةالعامة والمطالب بالحق المدني أمر تحريك الدعوىالعمومية في جرائم الصحافة والنشر، بواسطة استدعاءمباشر اشترط فيه شكليات وإجراءات خاصة ورتبالبطلان جزاء الإخلال بهاو بالتالي فقد سوى المشرع بين النيابة العامة و الطرف المدني في تحريك المتابعة في هذا النوع من القضايا الخاصة عملا بمقتضيات المادة 97 من قانون الصحافة والنشر المذكور.

✓ ومن الناحية العملية يلاحظ أنه نادرا ماتقدم النيابة العامة على متابعة الصحفيين، ممايجعل معظم القضايا تحال مباشرة على القضاءمن قبل الطرف المدني، دون أن تسبقها مرحلةالبحث التمهيدي، بحيث أضحى هذا الأخير منالناحية العملية هو المحرك الرئيسي للدعوىالعمومية، ويكفي الاستدلال بالمعطيات الصادرةعن الجهات الرسمية ، فمن أصل 106 قضيةمسجلة برسم سنة 2012، حركت النيابة العامةالمتابعة في ملف واحد فقط، بحيث أضحتالنيابات العامة تقرر حفظ الشكايات المقدمة فيمواجهتهم بعلة أن بإمكان الطرف المتضرر رفعدعوى مباشرة أمام المحكمة المختصة عملا بأحكام الفصل 97 من قانون الصحافة والنشر. 

8E31B7F9 0C33 46C7 8F87 93DBFCEC7B39

ولعل التبرير الذي تتبناه النيابات العامة لموقفهاالمبدئي الرافض للبحث في الشكايات، كلما وجهتضد صحفيين هو نتاج سياسة جنائية، ترى أنه منغير المستساغ أن تقف الدولة ضد الصحفيين حتىلا يقال إنها تضيق على حرية الصحافة ومن خلالهاعلى حرية التعبير التي تشكل إحدى دعائمالممارسة الديمقراطية الصحيحة، موضحا انه هذا التوجه يجد سنده القانوني في الفصل 97 من قانون الصحافة و النشر المذكور.

ü لم يحدد قانون الصحافة والنشر شكلا معيناللاستدعاء المباشر يمكن اعتماده، سواء من قبل النيابةالعامة أو الطرف المدني عند تحريك المتابعة، والواقع أنهيصعب اعتماد نموذج معين. ففي فرنسا ومصر مثلايأخذ الاستدعاء المباشر شكل محضر يوقعه المعنيبالأمر ويضمنه بيانات معينة ويبلغه العون القضائي،كما يشار فيه إلى أنه قد أنجز بناء على طلب الطرفالمدني. 

أما بالنسبة للمغرب، فإن الاستدعاء المباشر يقدم فيشكل عريضة أو مقال يحرره المتضرر أو من ينوب عنهويضمنه بيانات خاصة، يتم تبليغه إلى المطلوب فيالدعوى )المتابع).

ü إن طبيعة الجريمة الصحفية النابعة من خصوصيةالعمل الصحفي المتصل بحرية التعبير، اقتضت أن تفردلها جل التشريعات قواعد خاصة، سواء فيما يتعلقبإجراءات البحث أو شكليات المتابعة – تقنية الاستدعاءالمباشر- أو قواعد الإثبات أو الاختصاص أو آجال البت أو المحاكمة أو طرق التنفيذ… التي ينبغي أن تشكلضمانة للصحفي لا تقييدا لحرية ممارسته لمهنته.

وتحقيقا لهذه الغاية أخذ المغرب على غرار بعض الدولبتجربة القضاء المتخصص في قضايا الصحافة حتىيكون قادرا على الإلمام بطبيعة المادة الصحفيةوخصوصيتها ومستوعبا للعمل الصحفي و إكراهاته. ويمكن أن نذكر من بين تلك القواعد الاستثنائية التي يحرص القضاء على تفعيلها تفعيلا سليما، ما يلي:

1/ عدم جواز إيقاف أو اعتقال المشتبه فيهم بموجب قانون الصحافة والنشر.

2/ إذا طالبت النيابة العامة بإجراء بحث تعين عليها أن تحدد في طلبها بيان ووصف الوقائع التي ستشكل موضوع البحث وإلا ترتب عن ذلك بطلان المتابعة. 

3/عدم إمكانية تطبيق مسطرة الإكراه البدني في قضايا الصحافة والنشر في حالة العجز عن الأداء المثبت بالوسائل المقررة قانونا.

4/ إسناد النظر في المخالفات لمقتضيات قانون الصحافة والنشـر إلى المحكمة التي يوجد بدائرة نفوذها المقر الرئيـسي للمطبوعات الوطنية أو الصحف الإلكترونية أو محل الطبع عند إثارة مسؤولية الطابع أو سكنى أصحاب المقالات أو مقر المكتب الرئيسي في المغرب بالنسبة للجرائد الأجنبية المطبوعة بالمغرب.

5/ اعتماد التراتبية التسلسلية في تسطير المتابعات للمتهمين باعتبارهم فاعلين أصليين للأفعال وذلك وفق ما يلي:

 مديرو النشر كيفما كانت مهنتهم أو صفتهم؛

 أصحاب المادة الصحفية إن لم يكن هناك مدراء للنشر؛

 الطابع ومقدمو الخدمات إن لم يكن هناك مدراء النشر وأصحاب المادة الصحفية؛

 المضيف إن لم يكن هناك مقدمو الخدمات؛

 الموزعون والبائعون والمكلفون بالإلصاق إن لم يكن هناك أصحاب المطابع ومقدمو الخدمات.

108fda7a f3d0 47b2 814f d42e8d17c1b1

2

مشاركة