الرئيسية غير مصنف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك:ندوة «الثوابت الدينية للمملكة المغربية”

كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك:ندوة «الثوابت الدينية للمملكة المغربية”

19aeaa97 9e8b 4a33 b446 749ede2603de
كتبه كتب في 9 ديسمبر، 2024 - 2:55 مساءً

عبد الرحيم بوزنداك

في إطار برنامج الأنشطة التكوينية الموازية والتي ترومتعزيز الهوية الوطنية المغربية وترسيخ قيمها نظم ثلة من الطلبة تحت إشراف الدكتورة أميمة بونخلة يوم الجمعة 4 جمادى الآخرة 1446 الموافق ل 6 دجنبر 2024 شعبة الدراسات الاسلامية وحدة المهارات الثقافية والفنية الفصل الثالث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيكندوة علمية رفيعة المستوى عبر تقنية “زوم”، تحت عنوان “الثوابت الدينية للمملكة المغربية”، بحضور نخبة من الدكاترة والمتخصصين من مختلف المجالات. 

استهلت الندوة بكلمة تأطيرية أوضحت فيها الأستاذة المشرفة هدف هذه الندوة العلمية هو: “تعميق وعي الأجيال الصاعدة بكنوز قيمنا الحضارية وعلى رأسها الثوابت الدينية التي تشكل أساسا متينا لهويتنا الوطنية”

ff187c57 c1c4 40e8 9fbf bddaf6e9d6b0

وقد ركزت الندوة على أربعة محاور رئيسية تُبرز الركائز الدينية التي تشكل أساس الوحدة الوطنية في المغرب.

المحور الأول: تناوله الدكتور عبدالصمد بوذياب تحت عنوان “العقيدة الاشعرية في المغرب مسوغات الاختيار ومقومات الاستمرار”

استهل مداخلته بالحديث عن المذاهب الفكرية التي ظهرت في المغرب قبل العقيدة الأشعرية، بعدها تحدث عن الفترة التي ظهرت فيها العقيدة الاشعرية ورجح أنها دخلت في عهد أبي الحسن الأشعري بعد ذلك ذكر بعض أسباب اختيار المغاربة هذه العقيدة:

• لاعتمادها على نص القرآن ونص الحديث.

• لأن مترجموا الإمام أبي الحسن الأشعري أجمعوا على امامته وفضله واستقامته.

• لتكاملها مع الثوابت المغربية.

• لمرونتها وقابليتها للاجتهاد.

وفي الأخير دعى الباحثين إلى الاهتمام بمضوع العقيدةوالتراث العقدي الأشعري فهو مجال لايزال خصبا خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة بين العقيدة الأشعرية والثوابت الأخرى للملكة.

المحور الثاني: تناوله الدكتور مصطفى وهال تحت عنوان “ثوابت التدين المغربي في السلوك”

أبرز الأستاذ في البداية راهنية وأهمية هذا الموضوع، فالراهنية بالنظر للتحديات المرتبطة بالأخلاق والقيم اما الأهمية فنظرا لارتباط موضوع الثوابت بالحفاظ على استقرار الامة وامنها وخصوصيتها وحماية ثاراتها من الاستلاب الحضاري.

بعد ذلك ذكر العديد من المميزات التي كانت وراء اختيار المغاربة لطريقة الجنيد في التصوف:

• فهو يقوم على الصحو في مقابل السكر.

• له ارتباط بالكتاب والسنة.

• صاحبه لا يجعل الكرامات عمدة في الطريق إلى الله تعالى.

• ينكر على أصحاب الشطحات

• يهتم بالجانب العملي لارتباطه بالواقع.

• يحرص على الجمع ويبتعد عن تكفير الناس.

• له اهتمام بالسلوك على حساب التأليف.

ثم انتقل الى الإشارة الى بعض المراجع في هذا الموضوع، وهي:

• الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري.

• أرجوزة ابن البنا الســـرقـــســـطي

• أنوار السرائر وسرائر الأنوار “رائية الشريشي”

ووقف الأستاذ في عرضه على الدعوة الملكية في 2016 لتغيير مناهج التربية والتعليم والتي تأتي في إطار مواجهة وتجاوز تحديات العولمة التي تدعوا الى الفردانية وفقد المعنى.

تضمن هذا المنهاج كما أشار الأستاذ خمسة قيم: المحبة،الاحسان، التوحيد، الاستقامة والحرية ولبلوغها تم التركيزعلى خمسة مداخل: التزكية، الاقتداء، الاستجابة، القسط والحكمة.

ولنجاح هذا المنهاج أكد الأستاذ على ضرورة تظافر جهود جميع الفاعلين: الاعلام، الاسرة، المسجد وغيرها من المؤسسات.

المحور الثالث: تناوله الدكتور محمد أرارو تحت عنوان “المذهب المالكي مكون من مكونات الهوية المغربية، وثابت من ثوابتها الدينية والوطنية”

في بداية المداخلة أشار الأستاذ الى تميز كل مذهب عن الآخر بميزة خاصة متعلقة بالمنهج المعتمد لفهم الشريعة وهذا لا يعني أبدا انه شريعة جديدة وإنما هو طريقة في استنباط الاحكام. وهذه المذاهب الأربعة لها ارتباطات فيما بينها.

ويتميز المذهب المالكي كونه ينتمي الى مدرسة اهل الحديث بل هو “زعيمها” كما شهد بذلك الدكتور وهبي الزحيلي رحمه الله في احدى محاضراته.

انتقل الأستاذ بعد ذلك الى التعريف بالإمام مالك فهو الملقب بإمام دار الهجرة وعالم المدينة كما عرف معنى المذهب لغة واصطلاحا: وهو ما ذهب اليه الامام مالك رحمه الله من الأحكام الاجتهادية استنتاجا واستنباطا واتبعه على ذلك تلاميذه وعلماء مذهبه.

وللمذهب المالكي عدة مدارس: المدرسة المدنية، المصرية، العراقية، المغربية والتي تأسست بالقيروان ثم بقرطبة بالأندلس لتنتقل بعد ذلك الى المغرب الأقصى. ودخوله إلى المغرب تحقق عن طريق الكثير من العلماء.

بعد ذلك تطرق الى أسباب اختيار المغاربة هذا المذهب وذكر بعضها على الشكل التالي:

• شخصية الامام مالك: مكانته العلمية والأخلاقية والارتباط الوجداني بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

• ملاءمة المذهب لطبيعة أهل المغرب فمن أصول المذهب عمل أهل المدينة.

• السلطة تبنت المذهب رسميا.

• قوة فقهاء المذهب ورجالاته.

• سعة أصول المذهب وكثرة قواعده.

وختم الأستاذ عرضه بأقوال لعلماء معاصرين: العلامة مصطفى بن حمزة الذي دعى الى اعتماد المذهب من خلال الرجوع الى الأصول بغية انتاج ثقافة ومعرفة منفتحة ومتسامحة فيها اعتدال ووسطية، كما استشهد بالدكتور أحمد الريسوني الذي قال في كتابه نظرية المقاصد بأن المذهب المالكي هو مذهب المقاصد فالشاطبي مالكي المذهب.

بالإضافة الى ذلك خلص الى ما يلي:

• يجب اعتماد المذهب المالكي باعتماد اصوله لإيجادحلول للقضايا المعاصرة وهو مجال خصب للبحوث.

• استثمار خصائص المذهب في دراسة جديدة.

المحور الرابع: تناوله الدكتور سعيد الطالبي تحت عنوان ” إمارة المؤمنين”

وقد تطرق فيه الأستاذ إلى مفهوم امارة المؤمنين، التأصيلالشرعي لها، ديناميتها الواقعية ثم التحديات التي توجهها.

فإمارة المؤمنين تعني في المعني الاصطلاحي القيام على شؤون الرعية بما يصلح دنياهم وأخراهم. وأول من لقب بهذا اللقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويعتبر أعلى منصب في نظام الحكم الإسلامي.

وترتكز امارة المؤمنين من ناحية الانعقاد الشرعي على ركيزتين، الأولى هي البيعة الشرعية والثانية أهل الحل والعقد أي اهل الاختيار وعلى رأسهم العلماء ولها خاصية الاستمرار في الزمن للحفاظ على الكليات الخمس للدين.وتمتاز إمارة المؤمنين بالمغرب بالدينامية الواقعية حيث ان المغرب يمتاز بنظام ملكي دستوري (الفصل 3/41 و42 من دستور 2011) وله مؤسسات دستورية تهم الشأن الديني والدنيوي وعلى رأسها أمير المؤمنين ملك البلاد.  

انتقل بعد ذلك الى بعض التحديات التي تواجه إمارة المؤمنين. فبعد التأكيد على ان امارة المومنين لها مكانتها في القوانين الدستورية العالمية ذكر بعض التحديات منها:

• مجال الحريات: إمارة المؤمنين لا تعارض الحرية المطلوبة وإنما تعارض الحرية وتريد تهذيبها المطلقة شأنها شأن كل العقلاء في العالم كله قال تعالى “لا إكراه في الدين”

• الديموقراطية: هي آلية من الآليات لتدبير الشأن اليومي الحديث للافراد والجماعات وليست عقيدة (الفصل 3 من دستور 2011)

• علمنة الدولة:الدولة المغربية ليست علمانية وكون دينها الرسمي الإسلام لا يمنع مواطنيها غير المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية.

• مناصرة القضايا العادلة: امارة المؤمنين تناصر القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية كما تقف سدا منيعا ضد فصل المغرب عن صحراءه.

• الحكم الثيوقراطي: امير المؤمنين لا يدعي العصمة وهذا موافق للشرع الحنيف.

خلاصة الندوة:

الثوابت الدينية الثلاثة في المغرب (المذهب المالكي، التصوف السني الجنيدي، والعقيدة الأشعرية) تشكل أساسا متينا لهويتنا الوطنية ولها دور محوري في بناءها.

هذه الأسس ضمنت للمغرب وحدته الفكرية وخصوصيته وحمت ثاراته من الاستلاب الحضاري كما ساهمت أيضا في استقراره الاجتماعي عبر التاريخ

إضافة إلى ذلك، تمثل إمارة المؤمنين الإطار الجامع الذي يوحّد المغاربة ويصون هويتهم، حيث تجمع بين الشرعية الدينية والتدبير السياسي، مما جعلها رمزاً للأصالة والاستمرارية في مواجهة التحديات.

هذه الأسس وجب الحفاظ عليها من خلال معرفتها والعمل على التعريف بها واحترامها والدفاع عنها.

هذا الانسجام بين الدين والواقع في المغرب يعكس نموذجاً فريداً يُبرز كيف يمكن للموروث الديني أن يكون أساساً للاستقرار والتنمية في عالم يشهد تحولات مستمرة.

هذه الركائز هي مجال خصب للدراسة والبحث على الطلبة الاهتمام والعناية به.

مشاركة