الرئيسية أحداث المجتمع  كلمة السيد الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بالبيضاء خلال إفتتاح السنة القضائية 2018 بمحكمة الاستئناف بالبيضاء 

 كلمة السيد الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بالبيضاء خلال إفتتاح السنة القضائية 2018 بمحكمة الاستئناف بالبيضاء 

IMG 20180215 WA0288
كتبه كتب في 15 فبراير، 2018 - 10:59 مساءً

كلمة السيد الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بالبيضاء خلال إفتتاح السنة القضائية 2018 بمحكمة الاستئناف بالبيضاء

بسم الله  الرحمـــان الرحيـــــــــــــم
الحمد لله  رب العالمين والصلاة والسلام  على أشرف المرسلين
❖ السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية
والرئيس الأول لمحكمة النقض ،
❖ السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض
ورئيـــس النيابــــة العــامــــة ،
❖ السيد وزير العدل ،
❖ السيد الوالي ،
❖ السيد النقيب ،
الرصفاء الأعــزاء ،
الحضور الكريم كل بصفته ومن موقعه ،
لم أكن أدري أن هذا الصرح بأسواره الباردة ، وقاعاته الرمادية المصطالة
بلهيب مرافعات وأحكام الإعدام ، ستغدو اليوم شاعرية وردية ، وغيض التعجب لما
تطلعت لهاماتكم التي شارفت عنان السماء ، بما تتقلدونه من مهام جسام تكفون بها
الفرض وتعمرون بها الأرض .
ولن يستسيغ هذا الصرح أن أستعير قريض كثير والمتنبئ أو لغة هوارنلأرحب بكم طالما أنكم تستغرقون المقام والمقام ، ولعل كلم النبع الأزلي السرمدي
لرب العزة يفيكم حقكم ، فأقول لكم : ” طبتم فادخلوها آمنين ” .
حضرات السادة والسيدات ،،
إننا اليوم نعقد هذه الجلسة في ظل السلطة القضائية بعد أن استوفت الهيكلة
والتأسيس ، وكانت في مستوى تطلعات أمير المؤمنين نصره الله  ، وهي مرحلة
انتقالية مرت في سلاسة وانسياب بفضل قامات هم رجالات المرحلة بامتياز وهم
السادة :
الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة ووزير
العدل .
حضرات السيدات والســـــادة ،،

في مثل هذا اليوم من سنة 2016 جلست منكم مكاني هذا ، لأعلن افتتاح السنة
القضائية حينها ، وفي ذات الأن كان حفل تنصيبـي ، وكان لي أن أعرض خطة
عملي بهذه المحكمة الضخمة ، وانساب مني العنان على غير روية حتى قيل لي
أني رفعت السقف عاليا ، ولم يسقط في يدي أو تبط ذلك ما بخبيئتي من همة ، لأنيكنت أدرك عن مراس ما أنا مقبل عليه من أمر جلل ، خصوصا وأن هذه المحكمة
كانت مصنفة رسميا من الإدارة المركزية ضمن الخانة السوداء ، ولما خبرت مظانها
عند بداية إشتغالي ، وقفت على أنها ترزخ تحت وطأة مخلف تعقد بفعل إكراه السنين
وشضف الإجراءات ، فضلا على نكوص في التحديث تعثر معه أي تضمين أوتحيين أو مواكبة أي برامـج معلوماتية ، هذا مع اهتراء البنية التحتية إن لم نقل
متردية حد الإسفاف ابتداء من الحفظ إلى قسم التنفيذ الزجري إلى توجيه الملفات
لمحكمة النقض .
فعقدنا العزم مع مجموعة من القضاة والموظفين على وضع خطة عمل تعتمد
الأساليب الحديثة في الإدارة ، واعتمدنا آليات ، وحددنا أهدافا :
فعلى مستوى خطة العمل والأساليب الإدارية الحديثة ، اشتغلنا مثلا وفق السياق العام للدولة الذي تبنى آنذاك التحديث والاجال المعقولة ، وإدراكا منا لحجم هذهالمحكمة تجنبنا النمطية في العمل ، واعتمدنا االاشتغال بطريقة أفقية عوض الطريقةالعموديـة التي تركـز الإختصاصـات في يد المسـؤول القضائي ، وتم تفويضاختصاصات الرئيس الأول لرؤساء الغرف ” نواب الرئيس الأول حاليا ” ، بحيث يعتبر كل رئيس غرفة رئيسا أولا في غرفته ويتتبع القضايا من تسجيلها إلى توجيهها لمحكمة النقض ، ويعقب ذلك اجتماع دوري مع الرئيس الأول لرأب الثغرات وتبديدالإشكالات تعترض . كما تم الإشتغال بطريقة مرحلية وتجزيئية ، إذ في علمالإدارة أن أي عمل مهما كبر وعظم يغدو صغيرا إذا تم الإشتغال عليه بطريقة
جزئية وعلى مراحل ، فبدأنا مثال بالتحديث ، ثم هيكلة البنية التحتية للمحكمة ، ثم القضـاء على المخلـف ، إلى غير ذلك حتى انتقلنا في نهاية المطاف إلى الكيف .
وعلى مستوى آليات العمل ، اعتمدنا ما وفرته الإدارة المركزيـة من برامج رسمية
، وإدراكا منا أنها وإن كانت توفر المعلومة القضائية في حينها ، فإن مواكبة الملفات
ومراقبة سيرورتها من تسجيلها إلى حكمها إلى توجيهها لمحكمة النقض ، لابد فيه
من اللمسة البشرية للمسؤول والعاملين معه ، فأحدثنا قسما لتدبير النجاعة القضائية، يشتغل فيه مهندسون وتقنيـون وموظفـون ، يضيق المقام عن الإستفاضة في دقائق متعلقاته ، ولكنه يراقب الأجال التي يعتمدها القاضي في تصريف ملفاته ، وكاتب الضبط في آماد إجراءاته ، ابتداء من أمد الإستدعاء إلى توجيه الملفات لمحكمة النقض ، ويخول مراقبة حتى الملفات المزمنة ومدى تصفيتها من طرف كل قـاض، والخبـرات ، بل وحتى نسبة القضايا المنقوضة لدى كل غرفة ، وكذا مراقبة مدىالتقيد بأوقات الجلسات ، وهذا البرنامج يخول المسؤول القضائي ورئيس كتابة الضبط مواكبة العمل يوميا بأقل جهد والتدخل في الحين للتوجيه والملاحظة ، وتجمعكل هذه المعطيات في نشرة قضائية يطلع عليها القضاة والموظفون ، بحيث أضحى العمل بالمحكمة كمرآة ، وقد القى هذا البرنامج استحسانـا من طرف اللجنـة الأوربية
للنجاعـة القضائية ” Cepej La. ”
وهناك برامج أخرى محلية من ابتكار الخلية التقنية تعنى بالتبليغ وغيره ،
هذا الأخير الذي أضحى محل خلية للتتبع تحت إشراف قاض من قضاة المحكمة .
وتوج كل ذلك بتقنية المحاكمة عن بعد التي وإن كانت حاليا تفتقر للإطار القانوني
، إلا أنها لا تعتمد إلا بموافقة الدفاع والمعتقل ، وقد أسهمت إلى حد كبير في تخفيف العبء من إكراه تنقيل ما لا يقل عن 400 معتقل يوميا جل ملفاتهم غير جاهزة .
وكان من نتائج هذا العمل الجماعي أن بوأ محكمة الإستئناف بالدارالبيضاء المرتبة
الأولى على الصعيد الوطني إذ بلغت نسبة المحكوم من المسجل نهاية سنة 2016
: 125 ، % علما بأن المتعارف عليه أن بلوغ نسبة 104 % فقط يجعل المحكمة في وضعية مريحة ، وهذا حسب المعايير المعتمدة من طرف اللجنة الأوربية للنجاعة
القضائية ، وكلما ارتفعت هذه النسبة فوق المائة فتعني القضاء على المخلف ، ونسبة
125 % تعني أنه تم القضاء على المسجل خلال السنة بكامله وصفي المخلف بنسبة
25 ، % وسنة 2017 بلغت نسبة المحكوم من المسجل 115 % وهي نسبة جد جيدة
لأن المخلف تقلص إلى حد كبير ، وبالمقابل اشتغلنا هذه السنة على الرائج ككل إذ
ارتفعت نسبة المحكوم من الرائج إلى 81 ، % بعد أن كانت 74 % سنة 2016 و
60 % سنة 2015 ، وهذا يعني أن الملفات الرائجة تقلصت إلى حد كبير ، كما أن
عدد الملفات المحكومة من طرف كل مستشار بلغ 434 قرارا سنة 2017 ، بعد أن لم يتعد 429 قرارا سنة 2016 ، و385 قرارا سنة 2015 ، وهذا يفسر قلة الملفات
حاليا بالمحكمة ، إذ بعد أن كانت الغرفة الإجتماعية مثلا لوحدها تضم رائجا يتجـاوز 15000 ملفـا سنة 2016 ، أضحى يـروج بها فقط 3491 ملفـا ، وأن المحكمة ككللا يروج بها حاليا إلا 13149 ملفا ، وهو العدد الذي كان بالغرفة الإجتماعية لوحدها وأكثر ، بل إن غرفة حوادث السير يروج أمامهاحاليا110ملفات فقط، وأن الهيئات المدنية لا  يتعدى عدد الملفات الرائج أمام كل واحدة منها 300 ملف أو أقل ، وأنالرائج لدى كل مستشار يقل عن 100 ملف ، وهذا أدى إلى التأخيـرات لا تتجاوز
الشهر أو 21 يوما على أبعـد تقديـر ، وإذا تعلق الأمر بالجواب أو التعقيب فلا تتعدى
التأخيرات أسبوعا إلى 15 يوما ، هذا بعد أن كانت الملفات بهذه المحكمة تروج مرة
واحدة أو مرتين في السنة . وقد تم القضاء على الملفات المزمنة ما قبل 2014 إلا بعض المتعثر منها لعلة إيقاف البت أو في إطار العقل الجنائي ، بل إن بعض الهيئات
تحكم ملفات 2017 ولم يتبق لديها إلا ما تعلق بسنتي 2016 و 2017 ، وإن قلة
الملفات مكنتنا من الإهتمام بالكيف ، إذ تم عقد عدة موائد مستديرة لتوحيد العمل
القضائي أولا على مستوى محكمة الإستئناف ، ثم على مستوى محاكم الدائرة ، الكل على ضوء التوجه الرصين لمحكمة النقض ، وانكبت خلية من خيرة القضاة لتجميع ذلك في مجلة صدر عدده الأول مطلع سنة 2017 ، والثانية مطلع هذه السنة وتعنى بنشر قرارات محكمة الإستئناف وما يقابلها من عمل لمحكمة النقض إن نقضا أو رفضا ، حتى يستشعر القاضي أن معيار الصواب هو مدى الإلتزام بالتوجه الرصين لهذه المحكمة العليا ، وقد عرف العدد الجديد فتح نافذة على الإصدارات الأدبية والفنية للقضاة ، وأخرى على أعالم القضـاة الذي بصموا التاريـخ القضائيالمغربـي .
وفيما يخص التحديث فقد بلغ التضمين والتحيين 100. %

وتطور العمل بقسم التبليغ إذ ارتفعت نسبة االستدعاءات المبلغة إلى 76 % في
المادة المدنية ، كما تطورت مداخيل التنفيذ الزجري من : 672.952.3 درهم سنة
. 2017 سنة درهم 5.427.692,00 إلى 2015
ومن نافلة القول ، فأعلن أن محكمة الإستئناف أضحت محكمة نموذجية ، ومحكمة
صغيرة بحكم حجم القضايا الرائجة بها .
أما فيما يخص المحاكم الابتدائية ، فقد أبدى مسؤولوها تجاوبا عميقا وانبروا للرقي
بالعمل خاصتهم ، نذكر من ذلك تطور نشاطهم مقارنة بالسنة المنصرمة .
فمثــــال :
– أصدرت المحكمة الزجرية هذه السنة ما مجموعه 745.111 حكما بخالف السنة
الفارطة التي اقتصر فيها إنتاجها على 96971 حكما ، أي بزيادة 774.14 حكما .
– أما المحكمة الإبتدائية بالمحمدية فارتفع نشاطها هذه السنة إلى 183.28 حكما
أي بزيادة 1471 حكما مقارنة بالسنة المنصرمة .
والمحكمة الإبتدائية بابن سليمان ارتفع نشاطها هذه السنة إلى 19659 حكما أي
بزيادة 2057 حكما مقارنة بالسنة الفارطة .
وحافظت كل من المحكمة المدنية والمحكمة الإجتماعية على نفس نشاطها .
كما أن التنفيذ الزجري بدوره عرف تطورا ملموسا :
فمثــــال :
* بالمحكمة الزجرية : كانت المداخيل سنة 2015 : 669.891.15 درهم ،
وارتفعت سنة 2017 إلى 413.541.16 درهم .
* أما بابتدائية المحمدية : فكانت المداخيل سنة 2015 : 130.445.3 درهم ،
. درهما 2.632.793 : 2017 وسنة
* وبابتدائية ابن سليمان : كانت مداخيلها سنة 2015 : 00,613.382.1
درهما ، وارتفعت سنة 2017 إلى 00,947.192.2 درهم
.
حضرات السيدات والسادة ، انطلاقا من ثقافة الإعتراف ومن باب نسبة الفضل
لأهله ، فلست صاحب هذا الإنجاز .. بل إن صناعه ومهندسوه هم السادة القضاة
الأفاضل وجنود الخفاء السادة الموظفون الذين أبانوا عن تجاوب لا نظير له ،
واستماتوا في صمت النساك للإرتقاء بعمل اتخذوه تحديا ومصيرا ، حتى سووا تليده
بحديثه ، وإني إذ أنوه بهم فلن أبخس سلفي من المسؤولين السالفين جليل أعمالهم ،
إذ منهم من برع في التأسيس اإلداري ، ومنهم من ارتقى بالنقاش القانوني ، وأتممنا
أنا والعاملين بهذه المحكمة ما بدأوه وأسسوه فجزاهم الله  الجزاء الأوفى .
حضرات السيدات والسادة :
إن هذه المناسبة ليست إستقصاء لما فات بقدر ما هي استشراف لما هو آت ، وتعودنا أن نضعخارطة طريق وخطة عمل للعمل خلال السنة الجديـدة وأن يكون عملنا في إطار السياق العام كما أسلفت ، وخطة عملنا لهذه السنة لن تحيد عن توجه محكمة النقض ، وسنعمل في إطار
الشعار الذي افتتح به السيد الرئيس الأول هذه السنة القضائية ، فقد اختار سيادته أن يكون
القضاء قويا منصفا وفعالا :
– فالقــوة تعني تكريس مبدأ استقلال لقضاء في سنام تجلياته وذلك بتوفير الجو المريح
للقاضي ليشتغل بعيدا عن أي تأثير أو أهواء ، واعتبار أن قوة القضاء من مصلحة المواطن
وتخدم أمنه القضائي .
– وقضاء منصف : فيه تكريس مبدإ دستوري ، حين حث على الحكـم العـادل ، ولا يتأتى ذلك لأن بضمان الكفاءة عن طريق التكوين المستمر ، واعتماد التوجه الرصين لمحكمة النقضفي أفق توحيد العمل القضائي .
– وقضاء فعال وفي ذلك أكثر من إشارة : كالنجاعة واعتماد المعلوميات ، والتحديث في
العمل القضائي ، وتقليص آجال البت عن طريق تحديد سقف العمر الإفتراضي للقضايا .
إذن هذا الشعار هو في حد ذاته خارطة طريق وخطة عمل متكاملة .

كما سنعتمد أيضا في خطة عملنا ما تمخض عنه الإجتماعان اللذان عقدهما الرئيس المنتدبللمجلس الأعلى للسلطة القضائية مع المسؤولين القضائيين – من ذلك – :
– الإشراف التام على المحاكم الإبتدائية وتتبع عملها وتقييمه ،
– ثم إذكاء وإشاعة روح التعاون بين مكونات المحكمة من قضاء جالس وواقف وكتابة للضبط
في أفق تحقيق المصلحة الأولى وهي خدمة المواطن ،
– وتقليص آجال البت مع عدم إغفال كيف يقتفي أثر محكمة النقض ،
وغيرها من التوصيـات .
وختاما فإن تيسير أي عمل إنسانـي ونجاحه هو تكريس لتدبير رباني لقاعدة
التقدير والهدي ، فتدبير البشر هو هدي منه تعالى ونجاحه هو من محض تقديـره
عز وجل ، هذا لأقول أن لله الأمر من قبل ومن بعد ، وما توفيقـي إلا بالله عليه
توكلت وإليه أنيب * صدق الله  العظيم * .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

مشاركة