صوت العدالة- عبد الكبير الحراب
تتواصل أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء فصول واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وتشعباً في السنوات الأخيرة، والمتعلقة بالدكتور حسن التازي، الجراح التجميلي المعروف، وعدد من المتابعين معه، من ضمنهم مونية بنشقرون التي ترافعت عنها المحامية فاطمة الزهراء الإبراهيمي في جلسة الجمعة، مقدّمة دفوعاً تضع الكثير من الإجراءات المتخذة في مهب التشكيك القانوني.
ركّزت المحامية الإبراهيمي مرافعتها على الطعن في مشروعية المسطرة التي تم اعتمادها في مرحلة البحث التمهيدي، متسائلة حول مصداقية الأدلة قائلة: “هل أصبحت الشرطة القضائية تصنع الأدلة؟”، وهي عبارة تكشف عن رغبة الدفاع في نزع المصداقية عن الأساس الذي بُني عليه الملف منذ بدايته.
مطلب تعيين خبير قضائي مستقل اعتبرته الإبراهيمي أساسياً لتحليل وتفكيك الوقائع، خاصة أمام ما وصفته بـ”الفراغ القانوني” في عدد من المعطيات التي بُني عليها قرار الإحالة الصادر عن النيابة العامة.
أحد المحاور المركزية في مرافعة الإبراهيمي هو الجدل حول الطبيعة القانونية لنشاط المصحات الخاصة. فالدفاع اعتبر أن تصنيف المصحة كمؤسسة ذات طابع تجاري لا يستقيم، بالنظر إلى أن الفعل الطبي تحكمه أخلاقيات المهنة وليس منطق السوق.
بهذا الطرح، تسعى الإبراهيمي إلى تفكيك تهمة “تزوير الفواتير”، معتبرة أن الوثائق الطبية لا تدخل ضمن الوثائق التجارية، وأن الاتفاق على أتعاب الطبيب شأن ثنائي بين الطبيب والمريض، لا علاقة لبنشقرون به، خصوصاً أنها ليست طبيبة ولا جزءاً من الإدارة.
الدفاع عن مونية بنشقرون لم يتوقف عند الإجراءات أو الإطار القانوني فقط، بل طال جوهر الأفعال المنسوبة إليها. فالإبراهيمي استحضرت المادة 73 من قانون ممارسة الطب، مشيرة إلى أن القسم المهني الذي يؤديه الطبيب لا علاقة له بالقانون الجنائي.
كما ركزت على تصريحات الدكتور التازي نفسه، الذي قال إن مصحته كانت ملجأً إنسانياً لفئة لم تجد باباً آخر سوى باب التضامن، وهو ما تراه هيئة الدفاع دليلاً على غياب النية الإجرامية، وتالياً غياب الركن المعنوي في جريمة الاتجار بالبشر.
طرحت الإبراهيمي تساؤلات جوهرية حول الأساس الذي بُنيت عليه تهمة النصب، لا سيما في حق بنشقرون، وتساءلت: “هل لها علاقة مباشرة بالمحسنين؟ هل تواصلت معهم؟ ما الفعل المادي الذي يربطها بالاحتيال؟”.
بهذه الأسئلة، تحاول الدفاع تفكيك الأركان القانونية لجريمة النصب، وإبراز أن المتابعة تفتقر إلى ما يربط المتهمة بالفعل الإجرامي من قريب أو بعيد، معتبرة أن المحكمة الابتدائية وقعت في خلط بين المسؤوليات.
يبدو من مرافعة المحامية أن الملف قد يشهد تطورات جديدة على مستوى الاستئناف، خاصة إذا استجابت المحكمة لدفوع تتعلق بالإجراءات، وهو ما قد ينعكس على البناء القانوني للتهم. الدفاع ختم مداخلته بالمطالبة ببراءة موكلته، والتأكيد على أن ما وُصف بجرائم كان، في نظرها، فعلاً إنسانياً صرفاً، لا يمكن تأويله خارج سياقه الأخلاقي والمهني.