شهد رواق الملتقى الثقافي بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، مساء السبت 19 أبريل 2025، ندوة نوعية نظمتها رئاسة النيابة العامة تحت عنوان “حماية الأمن الاقتصادي: البدائل والتجليات”، بحضور ثلة من الخبراء والباحثين وأساتذة القانون، حيث أدار النقاش الأستاذ عز الدين الماحي، رئيس شعبة الموارد البشرية لدى النيابة العامة، في لقاء عكس انخراط المؤسسة القضائية في النقاش العمومي حول قضايا السيادة الاقتصادية.

الندوة افتتحت بمداخلة الأستاذ محمد محبوبي، المستشار بديوان رئاسة النيابة العامة وأستاذ الحقوق بجامعة محمد الخامس، الذي شدد على أن الأمن الاقتصادي بات يمثل جوهر الأمن الإنساني، بالنظر لارتباطه المباشر بجميع مناحي الحياة من صحة وتعليم وتنمية، مضيفاً أن المغرب جعل من تعزيز هذا الأمن رهاناً استراتيجياً في عهد الملك محمد السادس، من خلال مخططات طموحة تهدف إلى تطوير البنية الاقتصادية وتحقيق الاستدامة. وتوقف محبوبي عند دور العلامة التجارية كركيزة أساسية في التسويق الاقتصادي الحديث، مبرزاً أنها تشكل جسر الثقة بين المنتج والمستهلك، كما ذكّر بالتشريعات التاريخية التي أرست حماية الملكية الصناعية بالمملكة منذ ظهير 1916، وصولاً إلى القانون 17.97.

أما الأستاذ سمير الستاوي، رئيس وحدة تتبع تقارير تقييم الأداء القضائي، فقد تناول المنظومة الزجرية في منازعات الأعمال، مؤكداً أن المغرب راكم تجربة غنية في هذا المجال من خلال دوريات وتوجيهات رئاسة النيابة العامة منذ سنة 2017، والتي ركزت على ضرورة حماية النظام الاقتصادي الوطني من الاختلالات والممارسات المشبوهة. وأوضح أن نسبة المحاضر المتعلقة بمخالفات قانون الصرف عرفت تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وهو ما اعتبره مؤشراً على نجاعة المقاربة الزجرية وتحسّن مناخ الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين ومؤسسات الدولة.
من جانبه، سلط الأستاذ منير مهدي، عضو مجلس المنافسة وأستاذ التعليم العالي، الضوء على الإشكاليات المرتبطة بضبط المنافسة في ظل نظام السوق المفتوحة، مؤكداً أن المشرّع المغربي وضع أُسساً واضحة لتنظيم الولوج إلى السوق، وحماية المتدخلين، وعلى رأسهم المستهلك، باعتباره الفاعل الحاسم في تقييم أداء السوق وفرض التوازن داخله، بل واعتبر أن المقاطعة أصبحت أحد أقوى أسلحة الردع الشعبي للمنتجات التي تفتقد للنزاهة التسويقية أو السعر العادل.

واختتم الأستاذ روشان الطاكي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق عين الشق، هذا اللقاء بمداخلة حول حرية الأسعار باعتبارها عنصراً أساسياً في تحقيق المنافسة العادلة، متسائلاً عن مدى عدالة الأسعار في المغرب في ظل تدخلات العرض والطلب، ومبرزاً الحاجة إلى دور أكبر للبرلمان في تقييم السياسات العمومية في مجال التسعير.
وقد شكلت هذه الندوة، التي تأتي في سياق ثقافي ومعرفي بامتياز، فرصة لإبراز يقظة النيابة العامة ومواكبتها الدقيقة للمتغيرات الاقتصادية، وسعيها لتأطير النقاش الوطني حول حماية الأمن الاقتصادي في ظل رهانات الاستقرار والتنمية والتنافسية