الرئيسية آراء وأقلام عائشة حموضة قيادية نقابيية من فلسطين: ” العدالة الاجتماعية ليست شعارًا، بل شرط بقاء “

عائشة حموضة قيادية نقابيية من فلسطين: ” العدالة الاجتماعية ليست شعارًا، بل شرط بقاء “

IMG 20250416 WA0011
كتبه كتب في 16 أبريل، 2025 - 12:53 صباحًا

في ظلّ الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعصف بفلسطين، والتي فاقمتها الحروب المتتالية والحصار المستمر، تبدو معاناة العمال الفلسطينيين في قلب المشهد، كعنوانٍ لواقع قاسٍ يهدد الكرامة الإنسانية ويفتك بمقوّمات الصمود. هذا الواقع، كما وصفته عايشة حموضة، عضو الأمانة العامة، ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل أزمة وجود تمسّ الإنسان الفلسطيني في جوهر قدرته على الحياة والبقاء.
معدلات البطالة التي تجاوزت كل الحدود المعقولة، وخسارة أكثر من 500 ألف فرصة عمل نتيجة العدوان، تكشف حجم الكارثة التي يواجهها سوق العمل الفلسطيني. تآكل البنية التحتية، وانهيار القطاعات الإنتاجية، وتراجع الحماية الاجتماعية، كلها تدفع نحو ضرورة تحرك استراتيجي عاجل يعيد الاعتبار لقيم العدالة الاجتماعية، ويصون حقوق العمال والفئات الأكثر هشاشة.
وفي ظل هذا المشهد، أكدت حموضة أن أولى خطوات المواجهة تبدأ من الداخل، عبر تعزيز الحوكمة داخل النقابات والمؤسسات العمالية، ورفع راية الشفافية والمساءلة، لتعود النقابات صوتًا حقيقيًا للعامل لا مجرد إطار تنظيمي هش. فالشفافية ليست خيارًا تجميليًا، بل ركيزة لاستعادة ثقة القواعد العمالية، التي كثيرًا ما شعرت بالتهميش في ظلّ تفاقم الأزمات.
كما شددت حموضة على ضرورة اعتبار الحماية الاجتماعية حقًا غير قابل للتفاوض، ينبغي أن يكون في صلب أي حوار وطني أو اقتصادي، بما يتماشى مع المعايير الدولية. فحين يعيش أكثر من 60% من العمال تحت خط الفقر، فإن الصمت لم يعد مقبولًا، ولا بد من نظام ضمان اجتماعي عادل وفاعل يعيد للعمال الحد الأدنى من الأمان.
ولأن العدالة الاجتماعية لا تنفصل عن التنمية، دعت إلى إصلاح التشريعات العمالية بما يحقق توازنًا بين أطراف الإنتاج، ويضمن إنفاذ القانون بصورة عادلة وسريعة، لا سيما عبر إنشاء محاكم عمالية متخصصة تسهم في تسريع الفصل في النزاعات وحماية الأجور من التآكل تحت وطأة الغلاء.
وفي ظلّ بطالة خانقة تُنهك الشباب، خصوصًا الخريجين، الذين تتجاوز نسب البطالة في صفوفهم 70%، شددت حموضة على أهمية تمكينهم إلى جانب النساء وذوي الإعاقة، سواء من خلال مشاركتهم الفاعلة في العمل النقابي أو عبر سياسات تشغيل عادلة تكافح كل أشكال التمييز.
التحديات المناخية والتحولات الرقمية بدورها لم تغب عن خطاب حموضة، حيث أكدت أن مواجهة التغير المناخي لا يمكن أن تكون عادلة دون إشراك العمال في مسار الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والرقمي، بما يضمن توزيعًا منصفًا للفرص ودمجًا حقيقيًا للفئات المهمّشة في مستقبل العمل الجديد.
وفي ختام حديثها، دعت إلى صياغة عقد اجتماعي جديد يُعيد التوازن إلى العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، ويؤسس لنموذج اقتصادي تضامني يتجاوز منطق الربح والخسارة إلى مفهوم الشراكة الوطنية من أجل الصمود. النقابات، في رؤيتها، هي ركيزة هذا الصمود، لكنها لا تستطيع الاستمرار دون دعم مؤسسي وقانوني يعزز استقلاليتها وفعاليتها.
“العدالة الاجتماعية ليست شعارًا، بل شرط بقاء”، بهذه العبارة الحاسمة لخّصت عايشة حموضة رؤيتها للمرحلة القادمة، مؤكدة أن مستقبل فلسطين لا يُبنى بالحبر على الورق، بل بإرادة جماعية تترجم التوصيات إلى واقع حيّ، يحفظ كرامة العامل الفلسطيني، ويمنحه الحق في الأمل من جديد

مشاركة