صوت العدالة- أعمر امحمد
تشهد “أوجو” التابعة لجماعة تزغت – إقليم طاطا، وضعاً مائياً مقلقاً بعدما تحولت العيون والينابيع الطبيعية التي غذّت الساكنة لقرون إلى مصدر نضوب وجفاف متزايد، بسبب الانتشار العشوائي لظاهرة حفر الآبار.
فقد سجلت المنطقة خلال السنوات الأخيرة تراجعاً خطيراً في منسوب “إفري أوجو” و”تييكر”، كما أدى الاستغلال المفرط إلى جفاف ينابيع تاريخية مثل “تلعينت، نعبد رحمان”، وعين ا”سلان بأمريغن”، وهي ينابيع شكلت عبر العصور ركيزة أساسية في استقرار الإنسان والفلاحة التقليدية بالمنطقة.
الأخطر من ذلك، أن هذا الاستنزاف بات يهدد أقدم عيون امريغن عين “أسكا” التي تؤكد المصادر الشفوية أنها لم تجف حتى في أقسى فترات الجفاف التي عرفها المغرب، وظلت المورد الرئيسي للماء الشروب لساكنة والمناطق المجاورة، إلى جانب ثلاث عيون أخرى في اسافن كلها. غير أن الحفر العشوائي للآبار جعل هذه الثروة المائية في مهب الضياع.
ولنا في واحة إسافن خير مثال حيّ: فقد كانت تمتد في الماضي من مشارف اغرم إلى مركز إسافن نزولاً إلى الوادي وصولاً إلى واحة تزكي، حيث كانت البساتين والحقول تعكس غنى المنطقة بالموارد المائية. غير أن موجة حفر الآبار منذ ثمانينات القرن الماضي، دون أي مراقبة أو احترام للتوازن البيئي، تسببت في جفاف العيون وانكماش الواحة، تاركة خلفها أراضي جرداء قاحلة تمتد على مد البصر.
اليوم، دقّت ساكنة المنطقة ناقوس الخطر، محذّرة من أن استمرار الحفر العشوائي سيؤدي إلى فقدان آخر موارد المياه الطبيعية، ما يهدد الأمن المائي والبيئي، ويعجّل بهجرة السكان نحو المدن بحثاً عن بدائل.
ويطالب السكان السلطات الإقليمية وعلى رأسهم السيد العامل والجهات الوصية بالتدخل العاجل لإيقاف النزيف، عبر ضبط عمليات حفر الآبار العشوائية في هذه الصحراء، وتشجيع استغلال المياه بطرق مستدامة، حفاظاً على ما تبقى من العيون التاريخية التي تشهد على ذاكرة مائية ضاربة في عمق التاريخ.

