في مشهد يحمل دلالات سياسية وقارية عميقة، صوّت ممثل جنوب إفريقيا لصالح القاضي المغربي محمد رضوان في انتخابات رئاسة المجموعة الإفريقية للاتحاد الدولي للقضاة، التي جرت يوم الثلاثاء 23 أبريل 2025 بمدينة الدار البيضاء، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر القاري المنعقد تحت شعار: “من أجل قضاء إفريقي مستقل”.
هذا التصويت، الذي جاء من دولة لطالما عُرفت بمواقفها السياسية المتباعدة عن المغرب في عدد من القضايا الإقليمية، يُعد سابقة في سجل العلاقات الإفريقية، ويعكس التحوّل الهادئ والفاعل الذي تقوده الدبلوماسية المغربية خارج القنوات السياسية التقليدية، من خلال ما يمكن تسميته بـ”الديبلوماسية القضائية”.
ففي الوقت الذي تعثّرت فيه المساعي السياسية لتحقيق تقارب بين الرباط وبريتوريا، استطاع القضاء المغربي، من خلال حضور قوي وفعّال في المحافل الدولية، أن يُحدث اختراقًا بالغ الأهمية في جدار التباعد. فقد جاء تصويت ممثل جنوب إفريقيا تتويجاً لمسار من العمل المؤسساتي الراسخ الذي قادته الودادية الحسنية للقضاة برئاسة محمد رضوان، في إطار ترسيخ استقلال القضاء وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، خارج الاصطفافات السياسية والرهانات الجيوسياسية الضيقة.
ويُظهر هذا الحدث أن ثقة الدول الإفريقية في المغرب لم تعد تُبنى فقط على أساس المصالح السياسية أو التحالفات الدبلوماسية، بل باتت تُترجم أيضاً عبر ثقة حقيقية في ما يمثله المغرب من نموذج مؤسساتي متماسك، خصوصاً في مجال العدالة واستقلال السلطة القضائية.
فاز محمد رضوان برئاسة المجموعة الإفريقية للاتحاد الدولي للقضاة بعد منافسة قوية مع مرشحة من ساحل العاج كانت تشغل المنصب، ومرشح من تونس الشقيقة، لكن الدعم الذي حصل عليه من وفود دول كجنوب إفريقيا كشف عن منسوب جديد من التقدير والاحترام الذي بات يحظى به المغرب في الساحة الإفريقية.
وقد لقي هذا الفوز ترحيباً واسعاً في الأوساط القضائية، واعتُبر تجسيداً لنجاح المغرب في توسيع نفوذه الإيجابي داخل المؤسسات الإفريقية، لا عبر الضغوط أو الاصطفاف، وإنما من خلال بناء الثقة، وتقديم النموذج، واحترام استقلالية المؤسسات.
إنها لحظة مفصلية، لا تكرّس فقط فوز قاضٍ مغربي برئاسة مؤسسة إفريقية مرموقة، بل تؤشر على صعود نوع جديد من التأثير المغربي الهادئ، المبني على الحكمة، والكفاءة، واحترام الآخر.
إنها لحظة يُنجز فيها القضاء ما عجزت عنه السياسة.