الرئيسية أخبار عالمية شعار “رجعونا لبلادنا” والاستثناء المغربي

شعار “رجعونا لبلادنا” والاستثناء المغربي

IMG 20200513 WA0020
كتبه كتب في 13 مايو، 2020 - 6:36 مساءً

شعار “رجعونا لبلادنا” والاستثناء المغربي

سعيد باعزير

بعد التأثير السلبي لمحاولة الحكومة تمرير مشروع قانون رقم 22.20 يتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، على الوجه الحقوقي للبلاد على المستوى الدولي، وتوجيه أصابع الاتهام إلى حكومتها، بدعوى استغلال هذه الظروف الحرجة من أجل إرساء منظومة قانونية تراجعية في مجال الحقوق والحريات، تأتي خطوة أخرى، نتاج ضعف الأداء الحكومي، وهذه المرة من خلال تنظيم وقفات احتجاجية لعشرات المغاربة العالقين بالخارج أمام مقرات العديد من القنصليات والسفارات المغربية، تحت شعار “رجعونا لبلادنا”.
إنها تصرفات حكومية، من شأنها محو كل الصور الايجابية العالقة بأذهان العديد من الفاعلين الدوليين، جراء المبادرات الاستباقية والوقائية والحمائية التي اتخذتها بلادنا للحد من تفشي فيروس كرونا ـ كوفيد 19، بتوجيهات ملكية سامية، والتي ساهمت في تفادي سقوطها في الأسوأ.
فلا أحد يجادل أن التدابير والإجراءات الاحترازية التي اتخذت من أجل تعليق جميع الرحلات الجوية والبحرية وإغلاق الحدود، ابتداء من يوم الأحد 15 مارس 2020، بعد يومين من تسجيل أول حالة إصابة محلية بفيروس كورونا – كوفيد 19، كانت محط إجماع وإشادة الجميع، بمن فيهم المغاربة العالقون بالخارج والمدينتين السليبتين، حفاظا على الأمن الصحي للبلاد، لكن مع توالي الأيام، ومرور حوالي شهرين، وتفاقم الوضع الاجتماعي للمعنين، في وقت أعلنت فيه الحكومة على وجود طاقم إداري يشتغل على دراسة التدابير والحلول الممكنة لإنهاء أزمة المغاربة العالقين بالخارج، دون أن يتم الكشف عن نتائجه، ونسبة تقدم أشغال هذا الطاقم، والحلول المقترحة من طرفه حتى يتم التداول بشأنها، وطمأنتهم بموعد إعلان الأمل والعودة إلى أرض الوطن، تسلل إليهم الملل.
رئيس الحكومة، تراجع على ما جاء في بلاغ المجلس الحكومي ليوم 07 ماي 2020، ولم يربط الملف بتطور الوضع الوبائي الداخلي واتخاذ القرار على المستوى الوطني، وتوفير الأمن الصحي، بل ذهب أبعد من ذلك، وتعهد بعودتهم مباشرة، يقول رئيس الحكومة “عندما يفتح المغرب حدوده”، دون أن ينتبه أن ما يقوله يتعلق بانطلاق جميع الرحلات الجوية والبحرية وعودة الحياة العادية، وبالتالي السماح للجميع بحرية التنقل عبر الخروج من التراب الوطني، والعودة إليه، وأن العديد من الدول باعتبارها أطرافا معنية بفتح الحدود، أعلنت عن تمديد إغلاقها، كما أن المفوضية الأوربية أوصت بتمديد المنع المؤقت للرحلات غير الضرورية إلى أراضيها حتى 15 يونيو المقبل، متجاهلا في الوقت نفسه، أن الملف يحتاج إلى تدبير استثنائي، وفق ما قامت به العديد من الدول الأكثر هشاشة من بلادنا على مستوى القطاع الصحي، والتي عملت على إجلاء مواطنيها، ونقلهم إلى أرض وطنهم، ومن هذا التصريح، أجزم أن رئيس الحكومة كان صادقا في قوله أنه لا يتوفر على تصور في العديد من القضايا الاستراتيجية رغم أن بعض أعضاء حكومته أعلنوا عن تصوراتهم القطاعية، وأنه يشتغل وفق مقولة “كم من حاجة قضيناها بتركها”.
أما وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أكد منذ حوالي عشرين يوما، أن الحكومة بصدد إعداد تصور لتدبير عودة المغاربة العالقين في الخارج على أن تتم في ظروف مثلى، مؤكدا أن حق العودة طبيعي وغير قابل للنقاش، إلا أن ما هو طبيعي ليس بالضرورة ملائماً في هذا الظرف الاستثنائي، ومايزال في كلامه هذا إلى حدود اللحظة، فوزارته على أتم الاستعداد لإجلائهم، لكن… للأسف، متى توفرت الشروط الضرورية على المستوى الوطني، وهي شروط تقترن بالوضعية الوبائية التي تحددها وزارة الصحة، أي أن تكون المنظومة الصحية جاهزة لاستقبالهم.
هكذا حاول التهرب، ورمى بملف المغاربة العالقين بالخارج في حلبة وزير الصحة، نعم هناك تنسيق مع قطاعات أخرى، لكن الكل ينتظر تلقي الضوء الأخضر من وزارة الصحة، ودراسة إمكانيات الاستقبال والرعاية الطبية، فلم يبق أمام الحكومة، إلا تغيير تسميتها وجعلها وزارة الصحة والمغاربة العالقين بالخارج.
إن هذه الفئة تعيش أوضاعا اجتماعية وصحية مزرية، وهي في حاجة ماسة إلى حل سريع، لوضع حد لمعاناتها، سيما الحالات الإنسانية التي تتطلب تدخلا عاجلا، الأمر الذي دفع بعشرات الأفراد إلى تنظيم وقفات احتجاجية بالخارج، بعدما تبين لهم أن حكومة بلادهم تهاونت في تدبير ملفهم، ولم تتجاوب حتى مع مقترحاتهم، بعدما أعلنوا رغبتهم في أداء مصاريف تنقلهم وخضوعهم للحجر الصحي في أي مكان تقترحه عليهم السلطات العمومية المغربية، بل الأكثر من ذلك يقترحون إمكانية إخضاعهم لتحاليل مخبرية قبل وبعد إجلائهم.
فأملهم الوحيد في الوقت الراهن، هو عودتهم إلى أرض الوطن في أقرب وقت ممكن، خاصة بعدما تبين أن تدخل القنصليات والسفارات لم ينفع معظمهم في شيء، ولم يخفف من معاناتهم اليومية وخوفهم من شبح الإصابة بالفيروس في بلد الاستقبال، بسبب أوضاعهم الاجتماعية المأسوية، وظروفهم الصحية والمالية المتأزمة، وفقدان الثقة في الحكومة، جراء تهرب أعضائها وتحميل مسؤولية تدبير عودتهم للقطاع الصحي، وتدبدب رئيس الحكومة في تصريحاته، في ظل عدم توفره على أي تصور.
ولنطو خيبة الأمل، ولنفتح نافذتها، بإعلان تاريخ محدد للعودة إلى أرض الوطن، ولنحافظ على صورة البلاد أمام المنتظم الدولي.

مشاركة