بألم يعتصر القلوب، تلقت هيئة المحامين بالدار البيضاء ومعها الأسرة القضائية والقانونية الوطنية، نبأ رحيل الأستاذ محمد السناوي، المحامي بهيئة الدار البيضاء، الذي أسلم الروح إلى بارئها بعد معاناة طويلة مع المرض، تاركًا خلفه فراغًا كبيرًا وسيرة مهنية وإنسانية ناصعة ستظل محفورة في الذاكرة الجماعية.
لم يكن الأستاذ السناوي مجرد محامٍ يؤدي واجبه داخل ردهات المحاكم، بل كان قامة علمية وقانونية مرموقة، تميّز طوال مسيرته المهنية بثقافة قانونية رفيعة، وأسلوب متزن في الترافع، وفكر عميق في التأصيل القانوني، فضلاً عن نبل في التعامل، وهيبة في الحضور، وصدق في الالتزام بمبادئ العدالة والحق.
لقد عرف الراحل بسعة اطلاعه في القانون المدني والجنائي، كما كان مرجعًا يُستأنس برأيه في قضايا كبرى أرخت بظلالها على الحياة القانونية بالمغرب. فكان من الذين يضيئون طريق العدالة لا بالضجيج، بل بالحجة والعقلانية، وكان حضوره في قاعة الجلسات دائمًا مفعمًا بالثقة والهدوء وقوة المنطق.
على المستوى الإنساني، يُجمع كل من عرف الأستاذ السناوي على خصاله الفذة: التواضع، الشهامة، النبل، ودماثة الخلق. لم يكن متعالياً، رغم قامته الكبيرة، بل كان يحتفي بالزملاء الشباب، ويحتضنهم بتوجيهاته ونصائحه، ويُشجع كل ما يخدم سمعة المهنة ويصون كرامتها. كما كان دائمًا حاضرًا في قضايا الوطن، مُؤمنًا بأن للمحاماة رسالة أسمى من مجرد الترافع، إنها شراكة في بناء دولة القانون والمؤسسات.
رحل محمد السناوي، لكنه ترك مواقف خالدة تشهد له بها الذاكرة المهنية، وترويها الأجيال القادمة كدروس في الصمود والنزاهة والشرف. لقد كان وفيًا لقسم المحاماة حتى آخر رمق، ولم يغادر الصفوف الأولى للدفاع عن العدالة إلا حين أنهكه المرض وأخذ جسده، دون أن ينال من روحه العالية وقيمه النبيلة.
اليوم، تبكيه قاعات المحاكم، ويفتقده زملاؤه، ويستحضره كل من عرفه أو سمع عن مآثره. فوداعًا للأستاذ السناوي، الذي رحل جسدًا، وبقي أثره ناطقًا في القلوب والعقول، شاهداً على أن المهنة كانت يومًا في حضرة رجل بحجم محمد السناوي.
إنا لله وإنا إليه راجعون