الرباط، 19 يونيو 2025 – في إطار أشغال الندوة الدولية حول “مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود”، التي ينظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشراكة مع وزارة العدل الفرنسية، ألقى السيد هشام البلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، كلمة هامة أبرز فيها حجم التحديات التي تفرضها الجريمة المنظمة على المنظومة العدلية والأمنية، محذرا من تصاعد خطرها وتعقيد أساليبها، ومشيداً بأهمية التعاون الدولي في مواجهتها.
وفي مستهل كلمته، نوه السيد رئيس النيابة العامة بحسن اختيار موضوع الندوة، مشيراً إلى راهنيته وأهميته في ضوء التنامي الخطير لهذا النوع من الإجرام، الذي لم يعد يعترف بالحدود الجغرافية للدول، بل بات يستغلها لتوسيع أنشطته العابرة للقارات، مستفيداً من الطفرات التكنولوجية ومناخ الأزمات الدولية.

وأشار إلى أن الجريمة المنظمة لم تعد مجرد تهديد أمني، بل أصبحت إشكالية عابرة لمجالات متعددة، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة وحتى الأمن القومي، مذكرا بما جاء في تقارير دولية من قبيل تقرير “المؤشر العالمي للجريمة المنظمة لسنة 2023” الذي أكد أن أكثر من 83% من سكان العالم يعيشون في دول تعاني من مستويات مرتفعة لهذا النوع من الجريمة.
كما تطرق السيد هشام البلاوي إلى خطورة استغلال الشبكات الإجرامية للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، واستخدامها لبؤر التوتر والصراعات لتمويل التطرف وتبييض الأموال، وهي كلها تحديات تفرض، حسب قوله، تطوير أنظمة البحث والتحري وتعزيز قدرات القضاء وأجهزة إنفاذ القانون.
وفي هذا الإطار، شدد على التزام رئاسة النيابة العامة في المغرب بمكافحة مختلف صور الجريمة المنظمة، مؤكداً أن هذه المسؤولية أصبحت ضمن أولويات السياسة الجنائية الوطنية، وهو ما تُرجم إلى توجيه دوريات لقضاة النيابة العامة تحثهم على التصدي الفعال لجرائم الاتجار بالبشر، والمخدرات، والفساد المالي، وتهريب المهاجرين، وجرائم غسل الأموال.
وفي السياق ذاته، أبرز رئيس النيابة العامة أهمية آليات التعاون القضائي الدولي، مشيراً إلى أن النيابات العامة بمحاكم المملكة تلقت خلال سنة 2024 ما مجموعه 320 إنابة قضائية دولية من 35 دولة، بزيادة تقارب 23% عن سنة 2023، إلى جانب إصدار السلطات القضائية المغربية لـ 90 طلب تسليم، ما يعكس الانخراط الجاد في آليات المساعدة القضائية المتبادلة.
ودعا السيد البلاوي في كلمته إلى ضرورة تحديث التشريعات الوطنية، وإرساء منظومات فعالة لتبادل المعلومات بين الدول، وتكثيف برامج التكوين المستمر والتنسيق المؤسساتي، بما يضمن التصدي الناجع لهذا الخطر المتعاظم الذي تتغذى منه عصابات دولية تهدد الأمن والاستقرار العالمي.
وختم كلمته بالتأكيد على استعداد رئاسة النيابة العامة للانخراط في كافة المبادرات الرامية إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، ومواكبة كل مجهود يرمي إلى توحيد الجهود ضد آفة الجريمة المنظمة