حذرنا الشباب مرارا من خطورة التشدد و الجمود والتقليد و لكن الغالب الله

نشر في: آخر تحديث:

متابعة

من قال بالتحقيق …قيل عنه زنديق

للأسف الشديد أصبحت كلمة : تحقيق ، نقد ، مراجعة ، تمحيص ، مسائلة ، و غيرها الكلمات العلمية الدقيقة التي ينادي بها المفكرون و الدعاة الغيورين على الأمة ، أصبحت تثير الرعب الفكري و تجلب الويلات على أصحابها ، بدءا من التشكيك في إيمان الشخص إلى التكفير و الزندقة و الاتهام بالعمالة للغرب أو الشرق …. و رحم الله الشيخ محمد عبده حين قال : من قال بالتحقيق ، قيل عنه زنديق .
اليوم و في ظل تنوع الأزمات التي تعيشها الأمة ، إن على المستوى الاقتصادي أو الفكري أو الديني أيضا ، لابد لنا من وقفة حقيقة مع الذات ، هذه الذات الجماعية التي لا تزال تفتخر بالأمجاد في حين أن أطرافها تتآكل من جراء الوباء الفتاك الذي ينخر قواها و يشل عضدها و يذهب بريحها ألا و هو داء الجهل و الفرقة و التمزق .
اليوم مثلا يوم داعش ، و داعش ليست بدعا في زماننا هذا ، بل هي امتداد لفكر قديم و منهج كان و لا يزال يدرس في الجامعات و المعاهد ، فكر أسس على فتاوى مرحلية اعتقدها الناس صالحة لكل زمان و مكان ، فصاروا يروجونها على أنها الدين الحق و المنهج الرباني الذي ارتضاه الله لعباده ، و ليتهم اكتفوا و كفوا ، بل تمادوا في شرح ذلك فألفوا فيه الرسائل الطويلة العريضة ، تأصيلا لمباحثه و تفصيلا لفصوله ، فكان الواقع اليوم خير شاهد على فداحة هذا الفكر و جراءته على الله و رسوله و على الدين و الأمة .
إن الدعوة إلى تمحيص هذا الموروث الفقهي العقدي من هذه الفتاوى و النصوص الدخيلة و الفهم السقيم لبعض الآيات و الأحاديث النبوية ، دعوة أصيلة لابد من تثمينها و الشد على يدها ، بل لابد من الجرأة العلمية في غربلة التراث مهما كانت مصادره حتى نستطيع الوصول إلى صورة حقيقية عن الدين الذي ارتضاه الله للبشرية جمعاء ، و حتى نصل إلى الصورة الحقيقية لرسول رب العالمين الذي أرسله الله تعالى بشيرا و نذيرا و رحمة ، و حتى تكون هذه الأمة فعلا خير أمة أخرجت للناس : بالرحمة و العدل و المساواة و عمارة الأرض .
إن هذه الدعوة اليوم لمراجعة التراث الإسلامي دعوة صادقة ، فهي تهدف إلى تصفية مصادرنا العقدية و الفقهية و الفكرية و الأصولية و الحديثية من كل الشوائب التي علقت بها ، سواء كانت بقصد الدس و تشويه صورة الإسلام ، أو كانت بسبب سوء الفهم الذي جعل من المرحلي شاملا، و من الجزئي كليا ، حتى صار ديننا و كتاب ربنا لا يتمتعان بصفة الصلاح لكل زمان و مكان .
ثم إن هذه الدعوة اليوم دعوة تقتضي الصبر و الحلم و الأناة و قبل كل ذالك الإخلاص لله رب العالمين ، فهي دعوة لوضع التراث في الميزان ، و هو تراث مقدس عن البعض ، محفوظ مصان بسيوف لها صليل تسمع المخالفين كل أنواع التكفير و التضليل و التخوين و العمالة و ما شابه ذالك مما يعتبر عندهم كفرا بواحا !!!! ، لذلك لابد من تجريد الإخلاص و الصبر و لابد من منهجية علمية دقيقة واضحة لا مكان فيها للسب و الشتم و التنقص ,,,… بل البيان ، و البيان فقط .

اقرأ أيضاً: