واقعة تثير القلق وتمس بعمق جوهر حرية التعبير والعمل الصحفي، بعدما أقدم باشا مدينة سيدي بنور، في خطوة وصفت بالتعسفية، على إصدار أوامر لأعوان السلطة بحجز آلة التصوير الخاصة بمراسل جريدة صوت العدالة، وذلك أثناء مزاولته لعمله المهني، أثناء توثيقه لقيام السيد القائد و رجال السلطة المحلية و القوات المساعدة بعملية تحرير الملك العمومي في ساعة متأخرة من يومه الاحد و في خرق صارخ للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية التي تكفل حرية الصحافة.
الحادثة، التي وقعت في سياق لا يزال ملتبسًا، تطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى احترام بعض ممثلي الإدارة الترابية لحرية الإعلام، وتعيد إلى الواجهة تساؤلات حارقة بشأن حدود تدخل السلطة الإدارية في عمل الصحافيين، خاصة عندما يتعلق الأمر بتغطية وقائع تهم الرأي العام.
ويعد حجز معدات التصوير دون أمر قضائي، وبعيدًا عن أية مسوغات قانونية، انتهاكًا صريحًا للفصل 28 من الدستور المغربي الذي يضمن حرية الصحافة، كما يشكل مساسًا بمضامين القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، الذي ألغى العقوبات السالبة للحرية وأكد على حماية الوسائل التقنية للصحفيين، معتبرًا أن أي مساس بها يجب أن يتم وفق المساطر القضائية وتحت إشراف النيابة العامة.
كما أن هذه الممارسات تضرب عرض الحائط التزامات المغرب الدولية، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على الحق في التعبير وتلقي المعلومات ونشرها دون مضايقة.
إننا في صوت العدالة، إذ نستنكر بشدة هذا السلوك الذي يمس بمبدأ حرية الصحافة ويقوض الدور الرقابي الذي تضطلع به وسائل الإعلام في الدولة الديمقراطية، نوجه رسالتنا إلى كل من السيد عامل إقليم سيدي بنور والسيد وزير الداخلية، من أجل فتح تحقيق جدي في ملابسات هذا التجاوز، وترتيب الجزاءات القانونية المناسبة، ضمانًا لاحترام القانون وصونًا لكرامة الصحفيين.
فالمغرب، الذي راكم إنجازات هامة في مجال الحقوق والحريات، لا يمكن أن يقبل بأن تنسفها ممارسات فردية غير مسؤولة تعيدنا إلى عهود التضييق والمنع ومصادرة الكلمة.
حرية الصحافة ليست امتيازًا، بل حق دستوري لا يقبل العبث