الرئيسية آراء وأقلام الوجه الخفي للعمل الجمعوي : عندما يتحول الطفل إلى أداة استثمار

الوجه الخفي للعمل الجمعوي : عندما يتحول الطفل إلى أداة استثمار

IMG 20250703 WA0073
كتبه كتب في 3 يوليو، 2025 - 1:12 مساءً

زينب الجعنين : باحثة في قضايا الطفولة والشباب

في الوقت الذي تبنى فيه الجمعيات والمنظمات المدنية على مبادئ التطوع والنبل وخدمة المجتمع، يظهر وجه خفي لبعض الكيانات التي تنحرف عن رسالتها الأصلية، لتتحول إلى أدوات للاستثمار المادي على حساب فئة هشة وبريئة: الأطفال.

في المخيمات الصيفية التي تنظمها بعض الجمعيات، يفترض أن يحظى الأطفال بفرصة للتعلم، اللعب، والانفتاح على تجارب جديدة في بيئة آمنة ومفعمة بالحب والرعاية. إلا أن الواقع يكشف عن ممارسات لا أخلاقية في بعض الحالات، حيث تُستخدم هذه المخيمات كمصدر للربح السريع، بعيداً عن أي معايير تربوية أو إنسانية.

يبدأ الأمر من التضخيم في الميزانيات والتقارير المقدمة للجهات الممولة، سواء كانت حكومية أو دولية. يتم إدراج تكاليف وهمية لأنشطة لم تُنجز فعلياً، أو المبالغة في أعداد المشاركين لتبرير دعم مالي أكبر. أما على أرض الواقع، فيتم تقليص الخدمات، تقليل الوجبات، خفض جودة التجهيزات، وتكديس الأطفال في ظروف غير صحية أو آمنة.

ولا يتوقف الجشع عند حد المال فقط، بل يصل أحياناً إلى استغلال الأطفال في التسويق الجمعوي، حيث يتم تصويرهم باستمرار في مشاهد “الفرح والانبهار”، لتُعرض هذه الصور لاحقاً في تقارير الأداء أو على صفحات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من الدعم والتمويل.

الخطير في الأمر أن هذا السلوك يخلق تشوهاً في المفهوم الجمعوي لدى الناشئة، ويزرع الشك في قلوب الآباء والمجتمع تجاه العمل المدني بشكل عام، ما قد يؤدي إلى عزوف حقيقي عن الانخراط أو دعم أي مبادرة، حتى وإن كانت نزيهة وصادقة.

إن الرقابة الحقيقية لا يجب أن تقتصر على التحقق من الفواتير والميزانيات، بل يجب أن تمتد لتشمل تقييم الأثر الحقيقي على الأطفال، ومطابقة ما يُعلَن مع ما يُنفذ. فكل طفل يُستغل مادياً أو يُعامل كرقم في تقرير، هو وصمة عار على جبين كل من ساهم في ذلك، بصمته أو تواطئه.

في النهاية، تبقى المخيمات فرصة ذهبية لبناء جيل واثق، سعيد، ومحب للمجتمع. ومن الظلم أن تتحول هذه المساحات إلى مسارح للاستغلال. فالأطفال ليسوا أدوات تزيين تقارير، بل هم مسؤولية وذمة في أعناق من اختاروا خدمتهم.

مشاركة