الرئيسية سياسة العمل السياسي الهاوي نتاج حكومات متتالية عاجزة

العمل السياسي الهاوي نتاج حكومات متتالية عاجزة

fotonnnnnnnnn.jpg
كتبه كتب في 2 مايو، 2019 - 4:04 مساءً

د.عبد الله مشنون

لقد أصبح واقعنا المعيش غارقا في المرارة و الملابسات المتراكمة كنتيجة حتمية لعشرات السنين من العمل السياسي الهاوي و الذي أضحى الطابع المميز لجل القطاعات الخدماتية . إن المغرب كان و مازال في ظل حكومات متتالية عاجزة عن الإبداع في التدبير و حل الأزمات ،حقلا للتجارب السياسية الخاطئة و للمشاريع المفلسة و الغير المكتملة ، و ذلك نظرا لسوء تقدير و حنكة المسؤولين عن الشأن العام . فما يؤسف له اليوم هو أنه و على الرغم مما بذل من جهود للدفع بالمغرب إلى مصاف الدول ذات الاقتصاد الفاعل و المهيكل مازالت الأوضاع المعيشية لعدد كبير من المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية دون التطلعات و المستوى المنشود .هذا ما أفرز حراكات و احتجاجات بمطالب اجتماعية و اقتصادية تم الاستجابة للبعض منها و بقي البعض الآخر مع وقف التنفيد أو دون معالجة حقيقية .

إن الباحث عن أسباب مقنعة لعدم تقديم أجوبة حقيقية على مطالب المواطنين في كثير من المناطق بدءا بالحسيمة سيجد أن أهمها يتلخص في غياب إرادة سياسية صادقة و ايجابية لدى الفاعل الحكومي أو السلطة التنفيدية و في غياب المنطق و الرؤيا الاستراتيجية خصوصا عندما يتعلق الأمر بترتيب الأولويات أو تدبير الميزانيات المرصودة .

إنطلاقا من هذا المعطى نجد أنفسنا أمام بعض التساؤلات المنطقية وأولها مايتعلق بأداء و منطق السلطة التنفيدية نفسها و منتخبي الجهات التي شهدت حراكات مشروعة لم يتم احتوائها و التفاعل معها بشكل إيجابي بعيدا عن سياسة الإنتظار و الترقب و مراكمة الأخطاء. فعوض مد جسور حوار إيجابي و بناء من طرف المسؤولين عن الشأن العام مع الساكنة المطالبة فقط بتحسين ظروفها اليومية و تجويد الخدمات الأساسية حفظا لكرامتها ،عوض ذلك نصطدم بمن يريد إطالة عمر الاحتجاجات ضدا عن مصلحة الوطن و المواطن بعيدا عن البحث في الآليات الكفيلة بإيجاد منطقة التقاطع بين مطالب و مسؤوليات كل الأطراف حتى نضمن جميعا منطلقا جديدا من أجل تكريس الهذف الأسمى ألا و هو استقرار و أمن الوطن .

من ناحية أخرى نتسائل عن الغرض و الفائدة بالنسبة للبعض من الإستمرار في التظاهر عندما يجلس الأطراف إلى الحوار و طرح المشاكل و الأولويات قصد المرور إلى المرحلة الموالية .فالدفع إلى إتساع دائرة الحراكات و لو بدعوى السلمية كغطاء لأهداف أخرى ليس في مصلحة أحد ، بل هو استنزاف مجاني فقط لجهود الأطراف و مجهود إضافي للأجهزة المكلفة بحفظ النظام العام و السهر على سلامة الأشخاص و الممتلكات .

لا يمكن الإنكار من ناحية أخرى بأن الأمل كان و مازال قائما في إتخاذ القرارات الصائبة من طرف ملك البلاد الذي مافتئ يدفع في إتجاه حلحلة الواقع من أجل تصحيح الأوضاع و الخروج ببدائل منسجمة مع مطالب الشعب، تحقيقا لمزيد من العدالة و الإستقرار الإجتماعي.

إن من خرجوا في الحسيمة و في جرادة و غيرها من المناطق الهشة إنما خرجوا احتجاجا على أوضاعهم و إحساسا بالقهر و التهميش، بل وخرجوا حبا في الوطن أرضا و ملكا و شعبا لأنهم ببساطة الأمر هم جزء من هذا الوطن و متشبعون بانتمائهم لأرضه و لتربته . لكن و بالمقابل على من يصطادون في المياه العكرة و يبتغون تحريف الأمور أن ينتبهوا للحقيقة التالية : فكما أنه لا يمكن القبول بتخوين أبناء الريف أو غيرهم ووصفهم بما يهضم حقوقهم و
تاريخهم المشرق في الدفاع عن الوطن و عن ثوابته و مقدساته ؛فكذلك لا يقبل أن ترفع في الإحتجاجات و المظاهرات شعارات و أعلام غير العلم الوطنى كرمز للسيادة المغربية .

كما أن من يطالبون بمصالحة وطنية و بضرورة الإنتقال إلى صفحة أخرى من أجل الحاضر و المستقبل عليهم أن يدركوا بأن المصالحة لا تكون مع جزء فقط من الوطن بل مع كل الوطن ،كما هو الشأن بالنسبة لتكافؤ الفرص في الحقوق و الإلتزامات .و عليهم أن يدركوا كذلك بأن من لم يحقق المصالحة مع ذاته و مع أرضه لن يحققها مع وطنه و ليس له أن يطالب أو يزايد بها .

مشاركة