الرئيسية أخبار القضاء العدل أساس الملك والعدالة أساس استقراره والقضاة فرسانها

العدل أساس الملك والعدالة أساس استقراره والقضاة فرسانها

IMG 7443
كتبه كتب في 13 يناير، 2025 - 1:43 صباحًا

بقلم عزيز بنحريميدة

العدل قيمة عليا ارتبطت عبر التاريخ بنجاح الدول وازدهارها واستقرارها. فهو الركيزة الأساسية التي تُبنى عليها المجتمعات القوية والمستدامة، وهو الرابط الذي يحفظ الحقوق ويمنع الظلم ويحمي كرامة الأفراد و إذا كان “العدل أساس الملك”، فإن العدالة هي التي تضمن ديمومته واستقراره، أما القضاة فهم الفرسان الذين يحملون هذه الرسالة النبيلة ويكرسون أنفسهم لتحقيقها.

لا يُمكن لأي دولة أن تزدهر وتستقر إذا غابت فيها العدالة، لأن الظلم هو أسرع وسيلة لهدم المجتمعات وتقويض الثقة في مؤسسات الدولة. عندما يشعر المواطن بأن حقوقه تُحترم وأن مظلمته ستُرفع بإنصاف، يتعزز لديه الشعور بالانتماء والثقة في الدولة. على العكس، يؤدي غياب العدل إلى الفوضى والفساد وتفكك النسيج الاجتماعي.

القضاة هم حجر الزاوية في منظومة العدالة. يُلقَى على عاتقهم مسؤولية عظيمة تتمثل في تطبيق القانون بإنصاف وتجرد، دون تأثير أو انحياز. نزاهة القضاة وحيادهم هما الضمان الأساسي لتحقيق العدل وترسيخ الثقة في القضاء. ولأجل ذلك، يتوجب على الدولة أن تضمن استقلالية السلطة القضائية وتُحصنها من أي تدخلات سياسية أو ضغوط خارجية.

العدالة ليست مجرد تطبيق للقوانين المكتوبة، بل هي أيضًا روح وقيم يُفترض أن تتجسد في كل قرار يُتخذ. القوانين قد تكون صماء إذا لم يُحسن تطبيقها بما يتماشى مع مبادئ الإنصاف. وهنا يظهر دور القاضي كحارس للعدل، يوازن بين النصوص القانونية وروح العدالة التي تخدم المجتمع بأسره.

فإقامة العدل ليست مجرد مطلب اجتماعي، بل هي واجب شرعي وأخلاقي لضمان استقرار المجتمعات وازدهارها، فلا يمكن الحديث عن تقدم حضاري حقيقي دون عدالة راسخة وحكم قانوني قوي،القضاة هم فرسان العدالة الذين تقع على أكتافهم مسؤولية الحفاظ على هذا التوازن الدقيق، وهم العماد الذي يقوم عليه استقرار الدول واستمرار ملكها.

رغم أن القضاة هم فرسان العدالة وحماتها، إلا أنهم يظلون أفرادًا من المجتمع يعيشون تحت نفس الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المواطنون، ولهذا، فإن ضمان نزاهتهم واستقلالهم لا يقتصر فقط على وضع القوانين التي تنظم عملهم، بل يتطلب من الدولة توفير تحصين اجتماعي ومادي شامل يحميهم من أي مغريات أو ضغوط قد تؤثر على حيادهم واستقلال أحكامهم.

مع الارتفاع المتزايد في تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار، يصبح القاضي الذي يعاني من ضائقة مالية أكثر عرضة للمساومة أو التأثير على نزاهة أحكامه. وهنا تبرز ضرورة تحسين أوضاعهم المادية لضمان استقلالهم الكامل عن أي إغراءات أو تهديدات قد يتعرضون لها. القاضي المستقر ماليًا ونفسيًا يكون أكثر قدرة على مقاومة أي محاولات للتأثير على قراراته القضائية، ما يعزز الثقة العامة في القضاء كسلطة مستقلة وعادلة.

تحصين القضاة لا يقتصر على تحسين أجورهم فقط، بل يتعدى ذلك إلى توفير بيئة اجتماعية تحترم مكانتهم وتعزز من استقلاليتهم المهنية،ويشمل ذلك تأمين الرعاية الصحية الشاملة، وتوفير حماية قانونية قوية ضد أي ضغوط أو تهديدات قد يتعرضون لها أثناء أداء واجبهم، كما يجب أن تمنح الدولة القضاة مزايا اجتماعية تضمن لهم حياة كريمة وتؤمن لهم ولأسرهم مستقبلًا مستقرًا بعيدًا عن أي قلق اقتصادي.

فتحقيق العدالة النزيهة لا يمكن أن يتم إلا إذا كان القضاة يتمتعون بالحماية الاجتماعية والمادية اللازمة التي تمكنهم من أداء واجبهم دون تأثير خارجي، لذلك، فإن الدولة مطالبة بجعل تحصين القضاة أولوية لضمان استمرار سيادة القانون وتعزيز الثقة في منظومة العدالة، لأن العدالة المستقلة والنزيهة هي أساس استقرار المجتمع وتقدمه.

مشاركة