الرئيسية آراء وأقلام السيد كورونا الضيف الثقيل الذي غير سلوكات وعادات

السيد كورونا الضيف الثقيل الذي غير سلوكات وعادات

IMG 20200415 WA0019
كتبه كتب في 15 أبريل، 2020 - 12:35 صباحًا

بقلم : محمد الصديق اليعقوبي

صوت العدالة

لم أكن أنوي الخوض موضوع وباء كورونا الذي ألمّ بالبلاد والعباد وذلك لاعتبارات شتى، منها أنني لم أعد أفهم ما يجري ويدور حولنا، كوننا نحن أمام أحداث تتسارع بوتيرة كبرى، واستغربت من أمر بعض النخبويين الذين يهمزون ويلمزون ويغمزون بين الفينة والأخرى.

كما أذكر أنني سجلت فيديو قبل شهور تحت عنوان « سوق فيروس كورونا الصيني حلقة من حلقات مسلسل الرعب صنعته شركات الأدوية العالمية » حاولت من خلاله القيام بقراءة تحليلية متواضعة لأهم الزوابع والترهات والأوبئة بدءا بموضة “جنون البقر” التي ظهرت وترعرعت في أواخر التسعينات ، وكيف دبّ الهلع في العالم أجمع من هذا المرض الجديد والخطير، ومرورا على موضة “الحمى القلاعية” وكيف إنتشرت وشاعت مرض الإلتهاب الرئوي الحاد إلى“سارس” الذي بدأ في الصين وبعض مناطق شرق آسيا وإمتدت إشاعاته الى أمريكا الشمالية إلى قصة “الجمرة الخبيثة” وموضة أنلفونزا الطيور سنة 2004، و أنفلونزا الخنازير التي أخذت مجدها عام 2009 وصولا إلى أن سوق “الفيروسات” برأيي هي إحدى حلقات مسلسل الرعب الطويل وهي واحدة من الأعمال الكاملة التي يروّج لها بين الفترة الثانية من قبل لوبيات الإعلام العالمي ، وشركات الأدوية والأمصال ، وربما تديرها صراعات غذائية وإقتصادية كبرى التي تتنافس على إقتحام الأسواق العالمية وإرهاب البشرية من منتجات محددة…

ومن البواعث التي دفعتني إلى كتابة هذه الأسطر أيضا هو أن فيروس كورونا وبعد إرخاء ظلاله وانتشاره، كشف لنا المعدن الحقيقي لجزء هام من الدول الغربية التي ما فتئت تقدم نفسها عربونا للتضامن والتآزر والتضحية، حيث كشفت عيوبها، وأظهر حقيقتها التي كانت مغلفة بأغلفة متعددة،كما بدى للعيان بشاعة التكالب على الكسب المادي دون مراعات ويلاته على الإنسانية هذا من جهة،
ومن جهة ثانية وخاصة بعد إقدام الجهات الرسمية ببلادنا والمتعلقة بإجراءات وتدابير إحتياطية لتفادي إنتقال وإنتشار وباء كورونا المستجد، وكيف أقدم العديد من المواطنون والمواطنات بشكل هيستيري على تصرفات أنانية و بعيدة كل البعد عن قيم التضامن و التأزر و التضحية و المواطنة المفترض أن تسود في مثل هذه الأزمات بين جميع فئات الشعب .

فبالرغم من كل ما ذكر ورغم ما خلقته كورونا من هلع وذعر، فلقد حطمت كل الأساطير وجعلتنا نُعيد التفكير بأن كل شيء في هذه الحياة قابل للخسارة في لمحة بصر، وكسرت كل أغلال التفوّق، وأعادت للعلم والعلماء هيبتهم ومكانتهم، وغيبت نجوم التفاهة والتضبيع وأباطرة الرقية الشرعية وفك السحر والعين والحسد ومعالجة كل الأمراض، وأباطرة الكلام بإسم السماء من آل التيارات الإيديو-تدينية ومحترفو السياسوية والشعبوية والهمزوية. كما أعادت الحب والألفة إلى الكثير من البيوت التي كانت تفتقد إلى الإجتماع، كما أعادت الألفة والمحبة بين الناس، كما أظهرت بعض مساويء العولمة،
وقامت بتنظيم مجتمعات أعجزت عن تنظيمه المؤتمرات.
فشكرًا كورونا لأنك أعلنت للعالم أجمع أن المغرب النموذج قوي بأبنائه وإنسانيته.
شكرًا لأنك ألهمتنا للتخلي عن أنانيتنا وللتضحية من أجل حماية الذات وحماية الآخرين.
شكرًا لأنك كنت نداء الاستيقاظ الذي ذكّرنا بمدى هشاشة هذا العالم الذي نعيش فيه.
شكراً لأنك جمعت العائلة ووحدت الاسرة في وقت كنا قد نسينا فيه جمال التلاقي.
فشكرا لك كورونا لقد غيرت نظرتنا للحياة وجعلتنا ننظر مستقبلا لكل ما حولنا بقناعة تامة تدفعنا إلى إدراك النعم التى لم نكن ندركها من قبل فكل محنة تخفي خلفها منحة فلفد إستوعبنا الدرس فنسأل الله عز وجل الفرج القريب.

مشاركة