الرئيسية آراء وأقلام السرقة الجماعية للخرفان: إفلاس منظومة القيم، أم انفلات أمني عابر

السرقة الجماعية للخرفان: إفلاس منظومة القيم، أم انفلات أمني عابر

IMG 20200802 WA0080
كتبه كتب في 2 أغسطس، 2020 - 11:47 مساءً

بقلم : ّ محمد السعيد مازغ/ يوسف العيصامي:صوت العدالة

نسمع، نرى، نعاين الفوضى التي تعرض لها أحد الأسواق بالدار البيضاء، سرقات خرفان في واضحة النهار، صراع اللصوص على الغنيمة، جر وجذب وصياح، والكل يتفرج على مهزلة اسمها أزمة قيم،واحتضار أخلاق، وواقع مرير جعلنا نبتلع ألسنتنا، ونفضل الصمت، ونركن إلى الحكواتي، نضحك تارة من جهلنا وإفلاس مؤسساتنا التربوية والتعليمية، نعض على الأنامل تارة من عجزنا وفشلنا في التربية و إعادة التربية فضلا عن إيجاد بديل للمقاربة الأمنية التي تعتمد العقوبات الحبسية كحل وحيد واوحد لأوجاعنا، الزنازن امتلأت عن آخرها، والجريمة آخذة في الاتساع، والمحاكم من كثرة القضايا المعروضة كحانوت عطار، تختلف فيها ألوان الأعشاب، ومذاقها، وأهميتها، ومدة فاعليتها، شهر، سنة، 10 سنوات وما فوق
لم نعد نسمع ما يفرح، أو يطمئن على تواجدنا داخل مجتمعنا، وعلى مستقبل أبنائنا وحفدتنا. كلما تتبعنا ما يجري من احداث ومظالم واعتداءات، إلا وبرزت من جديد الفوارق الفردية، العطالة، الفقر، الطلاق، الأمراض المجتمعية العويصة، السياسات الحكومية المبتذلة، جرائم المال العام، وطبيعي أن يتولد عن الضغوط الإنفجار، وقد يكون مجرد ردة فعل طائشة، وقد يتحول إلى عقدة نفسية ومرض عضال، لن تجدي معه مسكنات، ولا قيم ولا اخلاق
نهمس في خوف وريبة:” اين انت ايتها الحقيقة المتخفية في سرداب الفقراء!! ؟ ، من أين لي ان أفك شفراتك الملغومة!! ؟، وأتذَوَّق عسليتك المُثَبَّلة بطعم المرارة!! ؟، وأدفن أفكاري بين طيش الأنامل على دفتي مذكرتي البالية، يجيبني الصدى وقد ضاق درعا بجنون البشر، وتبدل الأحوال ، وسيادة الارتجال
ماذا عساك تقول، وقد تِهْتَ ايها الفيلسوف التّافه في متاهات السؤال، وتزاحَمَتِ الأجوبة المُنْفلتة من عقال الروايات الشعبية، وباتت كالطفلة اليتيمة المشرَّدة، كلما رأت زوجة ابيها ارتعشت فرائصها، وازدادت خوفا من القادم من الأيام، من تلك الوجوه البئيسة التي لا تجد ما تسدُّ به رمقها، وتلك المرأة التي تجاهلت ان بنتها الصغيرة تتابع خطواتها وهي تصارع من اجل اغتصاب حق الآخر، وتأخذ نصيبها من الغنيمة..
كلنا تتبعنا مجريات الشريط مرة ومرات، حتى ترسخت بعض مشاهده في الدماغ، وصار الجميع يهدي، يحلل، يناقش، يطالب.. وينسى ان الكلام لا ينفع عند مَوت الضمير، ولا يجدي الترياق حين تعمى البصائر، وبزوال الخوف من هول الفعل، ونهاية المصير، وإفلاس منظومة القيم.
لم افهم كيف تطاوع النفس اشخاصا صوروا أحداث سوق الحي الحسني المؤلمة، وحرصوا على نقل تفاصيل الخطف والنهب بدقة متناهية، وعملية استئساد القوي على الضعيف، والانفراد بالغنيمة، دون أن يكلف أحد من الحشود المتواجدة بالسوق، من سائقي الحافلات، الشناقة، الزبائن، ” الحضاية ” ….الوقوف في وجه الفساد، أو الاحتجاج، الكل يتفرج، والكل يتكلم ويروي الحكاية، ولا من يحرك ساكنا، أو يغير متكرا.
ماذا أصاب هذا المجتمع الذي كان يضرب به المثل في الشهامة والنبل ومناصرة المظلوم،و التكافل الاجتماعي ؟، لماذا اجتمعت الأمة على موقف المتفرج، ولم تَمْلُ عليهم ضمائرهم تقديم المساعدة للضحايا او التبليغ عن جرائم ضد مواطنين ابرياء، كيف يبرز نجم اللصوص، وتنطفئ شموع الحراسة ويتقطر شمعها على حراس الأمن والنظام العام، في عز النهار، ويتحسر الكساب على شقاء سنة عجفاء، وحين لاح بصيص الفرج، يأتي من يسرق رزقه، ويغتصب حقه، بلا رحمة ولا شفقة، والمؤلم أن الهدف الأسمى من الأضاحي هو ليتقرب بها إلى الله، فكيف تتم هذه الشعيرة، وقد اختلط فيها المقدس بالمدنس.. والحابل بالنابل

مشاركة