الرئيسية آراء وأقلام الجزائر من العزلة السياسية الى الإخفاق الاقتصادي (السقوط)

الجزائر من العزلة السياسية الى الإخفاق الاقتصادي (السقوط)

images 21.jpeg
كتبه كتب في 3 يونيو، 2023 - 5:41 مساءً

بقلم:عبد السلام اسريفي /رئيس التحرير

كعادتها ، تسعى وسائل الاعلام الجزائرية، الناطقة بإسم الآلة العسكرية تزييف الحقائق و تحويل الإخفاقات الى انتصارات رغبة منها في امتصاص الغضب الشعبي،الذي يزداد يوما بعد يوم.

حيث تعمل جاهدة الى خلق انتصارات وهمية ،لتخدير الشارع الجزائري و ترويج خطاب ” القوة الضاربة”، هذا في الوقت الذي مازالت طوابير الخبز والحليب واللحم،والماء الصالح للشرب، والخضروات،..شاهدة على عجز هذا النظام على تلبية الاحتياجات الضرورية لشعب يطمح للعيش كباقي الشعوب الغنية بالغاز والبترول.

سياسيا، أصبح النظام الجزائري العسكري، يعيش عزلة سياسية خانقة، وفشل ديبلوماسي ذريع ،باستثناء أبواقه التقليدية ، التي تعرت بدورها اثناء احتفال بعيد الاستقلال يوم 5 يوليوز 2022 حيث رغم الحملة الإعلامية فلم يحضر رؤساء الصف الأول بل حضر فقط  رئيس تونس و النيجر والسلطة الفلسطينية و ممثل عن سوريا…فيما بعث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون برسالة تهنئة بطعم العزاء بتذكيره بالاوروبيين ضحايا مجزرة وهران في نفس يوم الاستقلال 5 يوليوز 1962،ما حتم على مستشاري”تبون” اللعب بورقة الغاز، أو ما يسمى ب “ديبلوماسية الغاز “التي ينهجها النظام من اجل فك عزلته السياسية والتودد للقوى الكبرى، ولو على حساب الوضع الداخلي ،لأن ما يهمه هو إيقاف موجة الاعترافات الإيجابية للدول الأوروبية بقوة مبادرة الحكم الذاتي بعد كل من ألمانيا واسبانيا ،وانجلترا، واسرائيل،والبرتغال والعديد من الدول الافريقية.

اقتصاديا، تصل ايرادات الجزائر من الغاز والبترول حسب شركة سوناطراك الحكومية للنفط والغاز الى 21.5 مليار دولار مقارنة مع 12.6 مليار في الفترة نفسها من سنة 2021.

السؤال المطروح،هو أين تذهب هذه الأموال اذا لم يتم صرفها داخل الجزائر على شكل بنيات تحتية ومشاربع استثمارية، أو اطلاق صناديق استثمارية خاصة وتنويع الدخل وتشجيع القطاع الخاص…..

الجواب باختصار شديد، الايرادات تنفق على الجيش وأجور القطاع العام،بالاضافة الى تهريبها الى الخارج وشراء افخم الاقامات والقصور بباريس ولندن ودول امريكا اللاتينية.

حيث تضمنت ميزانية 2023، زيادة الإنفاق العام بنسبة 100% ويبدو أن المستفيد منه هو الجيش ثم القطاع العام ثم القطاع العسكري والمخابراتي.

وتفضل الحكومة سياسة الريع من خلال زيادة الدعم الحكومي على اصلاح أساس المشكلة والإستعداد لانهيار عائدات المبيعات مجددا بعد انتهاء الظرفية الحالية التي قد لا تستمر طويلا، حيث الركود الاقتصادي في الدول الكبرى سيؤدي لامحالة إلى تراجع شراء الطاقة.

ويعد هذا محبطا للكثير من المراقبين من داخل البلاد وخارجها ممن ينتظرون تغييرا في السياسة المالية والإقتصادية للبلاد بحيث تستفيد من ارتفاع عائدات مبيعات النفط والغاز لتطوير مشاريع جديدة في قطاعات مختلفة وحل الكثير من المشاكل التي تعاني منها الجزائر منها ضعف الدينار أيضا وهو العملة الأرخص في شمال أفريقيا مقابل الدولار الأمريكي واليورو.

في ذات السياق ، أشارت معطيات للبنك الدولي، أن “نصيب الفرد من الناتج المحلي الجزائري بلغ 3691 دولارا سنة 2021 ، وهي آخر سنة تتوفر عنها الإحصائيات ، مقابل 3807 دولارات لتونس و 3795 دولارا بالنسبة للمغرب”.

البنك الإفريقي للتنمية صنف المغرب في آخر تصنيف له نونبر 2022 كثاني أكبر بلد صناعي في القارة الإفريقية، فيما جاءت الجزائر في المركز ال 11 ، مشيرا إلى أن المغرب سيحتل المرتبة الأولى، قريبا، ليتجاوز جنوب إفريقيا التي أصبحت الفجوة بينه وبينها أقل من 1 في المائة.

وبالنسبة لمناخ الأعمال ،وحسب تقارير فرنسية،تحتل الجزائر المرتبة 33 ( 162 عالميا) ، وبعيدا جدا وراء عدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.

هذا في الوقت الذي نجد فيه المغرب، الذي لا يملك لا غاز ولا بترول، يقلع بالفعل خلال العشرين عاما الماضية، ويبرز اليوم بكونه الدولة العربية الوحيدة التي تمتلك صناعة سيارات حقيقية والبلد الإفريقي الوحيد المتوفر على قطارات فائقة السرعة.

وبالإضافة إلى ذلك ، أضحى المغرب فاعلا رئيسيا على الساحة الإفريقية ، حيث أصبح المستثمر الإفريقي الثاني في القارة ، مع شبكة بنكية متطورة بشكل خاص في عدة بلدان إفريقية.

وخسب التصنيف السنوي الأخير الذي نشرته، في مارس الماضي، مجلة “جون أفريك” الذي يؤكد أن لدى المغرب ما لا يقل عن 56 مقاولة من بين 500 مقاولة إفريقية كبرى عام 2021 ، مقابل 12 فقط للجزائر.

وبينما يشهد المغرب زيادة مطردة في احتياطياته من العملة الصعبة على مدى السنوات القليلة الماضية، ووصلت إلى مستوى تاريخي بلغ 35.5 مليار دولار مع متم مارس 2023 ، أدى اعتماد الجزائر الكبير على المحروقات إلى انهيار احتياطيات البلاد من العملة الصعبة موازاة مع انفجار مديونيتها.

وبالفعل، ووفق ذات المصدر، فقد انخفض احتياطي العملة الصعبة بالجزائر من 193 مليار دولار مطلع 2014 إلى 45.3 مليار دولار مع متم 2021 ، أي بانخفاض سنوي، في المتوسط، قدر ب 18.5 مليار دولار.

وحسب ذات المصادر ، واعتبارا لسياسة التنويع التي ما تزال جنينية مقارنة مع جيرانه المغاربيين، فإن الوضع الاقتصادي للجزائر سيتدهور أكثر، وذلك لعودة أسعار المحروقات إلى مستواها الذي كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا والمنحى التنازلي المتواصل من أسعارها، هذا فضلا عن بروز قوة الطاقات المتجددة

وحسب الموقع الأخباري التونسي “كابيتاليس”. فإن وصول احتياطيات العملة الصعبة إلى 66.1 مليار دولار متم مارس 2023 ، ومع افتراض انخفاض سنوي إلى 10 مليارات دولار فقط ، مقابل 13.2 مليار خلال الفترة ما بين 2018-2021 ، لن تكون الجزائر قادرة إلا على تغطية أربعة أشهر ، فقط، من الواردات منتصف 2028 ، بمعنى المستوى الذي يعتبر فيه أي بلد على شفير الإفلاس

مخلصا ، إلى أن من شأن هذه الوضعية، “التي يبدو من الصعب تجنبها مع سياسة التنويع المتواضعة التي يتم انتهاجها حاليا ” ، أن تجبر الجزائر على اللجوء إلى المؤسسات المالية الدولية وتنفيذ إصلاحات مؤلمة ، ل”تجنب الإفلاس الشامل ابتداء من السنة المقبلة ، السيناريو المشابه لذلك الذي شهدته فنزويلا ، كبلد كبير منتج للنفط والغاز “.

كخلاصة، نقول،أن النظام الجزائري، حاول ويحاول لعب دور الزعيم في منطقة غير متكافئة، دون الاعتماد على شراكات محلية،تسنده في ظل وجود ازمات اقتصادية وتراجع الطلب على الغاز والبترول،وبروز بدائل بيئية تبنتها كل الدول بما فيها البترولية.

وهذا الهراء،الذي تحاول السلطة بالجزائر ترويجه حتى داخليا، الغرض منه إسكات موجة الغضب الداخلي،التي ترى في شعار”الجزائر الجديدة”أكبر عملية نصب واحتيال يتعرض لها الشعب الجزائري،ويطالب كبديل بنظام مدني اجتماعي ديمقراطي،كما أن جل الدول الاجنبية بما فيها فرنسا، باتت تعلم ،أن النظام الجزائري،فقد البوصلة ،ولم يعد يقوى على الاستمرار، فزادت في استنزافه من خلال استغلال الغاز والبترول بالمجان او حتى بأثمنة تفضيلية،وهي بالمناسبة ،سعيدة بوجود هذا النظام،لأنه يضمن لها بقاء ونجاح مصالحها بالجزائر،بل وتعتبره قاعدة عسكرية خلفية لباريس.

ويسعى “تبون” وصانعه “شنقريحة” الى ربح المزيد من الوقت،من خلال اختلاق أحداث وهمية وقصص خرافية لإلهاء الشعب عن مطالبه المشروعة، وضخ المزيد من الأموال في جيوب عناصر البوليساريو، محاولة منهما التشويش على المغرب،وعرقلة مساره التنموي، وبالتالي ايجاد قنوات لصرف وتبديد المال العام،دون أن يخضعا للمحاسبة من قبل الشعب.

مشاركة