الإرهاب السيناريو المتكرر

نشر في: آخر تحديث:


بقلم الاستاذ مصطفى أمجكال

لقد كانت أخبار طالبان تغري الشباب بالمتابعة و كانت طريقة الزنداني تربط بين العلم و المعرفة اليقينية و بين حمل هم الدين و الدعوة إليه و جهاد الكفار الملاحدة و الشيوعيين، و لعل طالبان كانت النموذج الذي يحتدى به في التعلق بالدين و الجنة . لكن لم يكن يخطر ببال الشباب حينها السؤال الكبير و المهم : من أين كانت موارد طالبان العسكرية في حربها ضد السوفييت ؟ كيف ينهزم الاتحاد السوفياتي صاحب القوة العسكرية الضخمة و العتاد الكبير و الطائرات الحربية النفاتة أمام رجال يتوسدون الصخور و ينامون في الجبال؟ أهي الكرامات الربانية كما عبر عنها الزنداني في شريطه كرامات المجاهدين؟ أم هو المدد الملائكي أم هي التجربة و القدرة على تصنيع الأسلحة المضادة؟

بعد هزيمة الاتحاد السوفياتي و تأسيس الدولة الإسلامية على يد طالبان و ظهور العصيان والعقوق تجاه الراعي الرسمي للجهاد ، الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها الذين يشكلون القنوات الرسمية لتمرير الأسلحة و العتاد ، برز عدو جديد للعالم و أصبح يشكل خطرا حقيقيا على الأمن والاستقرار الدوليين ، إنه طالبان نفسها ! فلا يعقل أن يعصي التلميذ شيخه و يخرج على طوعه و هو الذي كان في الأمس القريب يمول بالدولار و يضرب الملاحدة بسلاح الغرب الكافر .

إن هذا السيناريو الطويل الذي دامت أحداثه سنوات على أرض أفغانستان كان الرابح الأكبر فيه الدول المصنعة التي تبيع السلاح و مضادات السلاح ، في المقابل تدمر مقدرات البلدان المادية و اللامادية تحت مسميات عديدة من ظمنها مسمى الجهاد.

و اليوم نعيش فيلما سيمنائيا مشابها بشخصيات جديدة ، كان الملا عمر ثم الظواهري و بن لادن ثم ابو بكر البغدادي و لا تزال ساحة هوليود تعج بالشخصيات ، و ها هو اليوم ينصب ابو ابراهيم القرشي خليفة جديدا للتنظيم المزعوم

هناك مستويات عدة لفهم قضية هذه المنظمات الجهادية و معرفة كيف ظهرت وكيف تعمل ، هل هي منظمات غبية جدا لدرجة ان القوى العظمى تلعب بها و تسيرها كيفما تشاء ثم حين تنتهي صلاحيتها تعمل على تدميرها و لو كلف ذلك تدمير دول بأكملها؟ ام هي تنظيمات لها فكرها الخاص و تحركها إيديولوجية معينة و تستغلها القوى العظمى لتمرير مخططاتها الاستعمارية و الفكرية أيضا ؟

الذي لا يكاد يختلف عليه الدارسون لقضايا الجماعات الجهادية عبر العالم ان كل تنظيم من هذه التنظيمات الا و تنهل من مرجعية فكرية معينة ، و لها تراثها الديني الذي يؤسس حركتها في المجتمع، فقراءة النص الديني من منظور الصراع الأبدي بين الكفر و الإيمان يجعل هاجس الحرب الأبدية قائمة و ينبغي استحضارها كلما سنحت الفرصة لذلك

لذلك نلاحظ أن الدول العظمى تعي هذه الأيديولوجية بشكل كبير جدا ، و تعمل بكل طاقتها على برمجة مخططاتها وفق البناء التصوي لهذه المنظمات و فكرها التراثي ، و هذا ما لاحظناه ميدانيا في الساحة العراقية و السورية و اليمن و غيرها ممن عانت من الحرب الطائفية و المذهبية، حروب طاحنة باسم السنة و الشيعة و بسلاح أمريكي روسي .

إنها فقط لمحة سريعة حول واقع متكرر منذ زمن ، المقدمات و النتائج واحدة و الشخصيات البوليودية متنوعة.

اقرأ أيضاً: