ارتفاع أسعار كراء الغرف للطلبة الجامعيين في مراكش: أزمة تتطلب التدخل العاجل إلى متى ستستمر هذه المهزلة؟

نشر في: آخر تحديث:

حسن هلول
باحث بسلك الدكتوراه، جامعة القاضي عياض-مراكش-

إن استمرار هذه الوضعية دون تدخل فعّال من السلطات سيؤدي إلى تفاقم معاناة الطلبة الجامعيين وأسرهم. التعليم حق لكل مواطن، ويجب أن يكون السكن جزءاً من هذا الحق، وليس عقبة تعترض طريق الطلبة نحو تحقيق طموحاتهم. يجب على الجميع، من سلطات وأفراد المجتمع، الوقوف ضد هذا الاستغلال وتوفير بيئة آمنة ولائقة للطلبة، تضمن لهم الكرامة وتساعدهم على التحصيل العلمي دون أن تتحول معاناة السكن إلى هاجس يومي يثقل كاهلهم.
في هذا الإطار سأتحدث عن بعض النقط وهي كالتالي:

واقع الطلبة الوافدين: البحث عن سكن قريب وبأسعار معقولة
تستقطب الكليات في مراكش، وغيرها من المدن الكبرى، آلاف الطلبة سنوياً من مختلف أنحاء المملكة، مما يجعل الحاجة إلى السكن القريب من هذه الكليات أمراً ضرورياً. ومع بُعد المسافة وصعوبة التنقل اليومي من وإلى الكلية، يلجأ الطلبة إلى كراء بيوت في أحياء قريبة من مؤسساتهم التعليمية. غير أن هذه العملية ليست بالسهولة المتوقعة؛ إذ تواجههم تحديات جمة بسبب ارتفاع الأسعار والظروف غير الملائمة للسكن.
إن الطلبة غالباً ما يجدون أنفسهم مضطرين للاستئجار بأثمنة مرتفعة تصل ابتداء من 1000 إلى 2000 درهم شهرياً للغرفة المتوسطة التي تتسع لشخصين اوثلاثة، بينما تصل تكلفة الغرف الفردية، التي لا تتسع إلا لطالب واحد، إلى نحو 800 درهم. هذه الأرقام تفوق قدرة الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود التي تنحدر من المناطق الفقيرة، مما يضع الطلبة وأسرهم تحت ضغوط مالية هائلة.
تدهور شروط السكن: بين الإهمال والاستغلال
ليس ارتفاع الأسعار وحده هو المشكلة؛ بل إن السكن الذي يُؤجر للطلبة غالباً ما يكون في حالة سيئة، حيث يفتقر إلى أبسط شروط الصحة والسلامة. المنازل القديمة والمتهالكة، الغرف الضيقة، وعدم توفر الشروط الصحية الملائمة هي سمات مشتركة لمعظم هذه العقارات. في حي ديور المساكين بمراكش، على سبيل المثال، تنتشر منازل هشة ومتهالكة تُؤجر بأثمنة خيالية رغم افتقارها لأدنى مقومات العيش الكريم.
هذا الوضع يعكس استغلال أصحاب المنازل والسماسرة لحاجة الطلبة إلى السكن، حيث يتم استغلال ارتفاع الطلب لتحقيق أرباح غير مبررة على حساب راحة وسلامة الطلبة. فالطمع والجشع يتغلبان على حس المسؤولية، ويتم تجاهل حقوق الطلبة في الحصول على سكن لائق بسعر معقول، مما يفاقم من معاناتهم اليومية.
دور السلطات في تنظيم القطاع وحماية الطلبة

أمام هذا الوضع المأساوي، يبرز التساءل حول دور السلطات في حماية الطلبة من هذا الاستغلال. الكراء العشوائي وغياب المراقبة يزيدان من تفاقم الأزمة، إذ تظل الكثير من البيوت غير خاضعة لأي رقابة قانونية، ما يسمح لأصحابها بتحديد أسعار خيالية دون رقيب أو حسيب.

ينبغي على السلطات التدخل العاجل لوضع ضوابط صارمة لتنظيم عملية الكراء، والتأكد من توفر شروط الصحة والسلامة في المنازل التي تُؤجر للطلبة. يمكن تحقيق ذلك عبر إجراءات عديدة، منها

  1. تفعيل الرقابة والتفتيش: يجب أن تقوم السلطات المحلية بدوريات تفتيشية للتحقق من حالة البيوت المُؤجرة ومدى مطابقتها لشروط السلامة والصحة.
  2. تحديد سقف للأسعار: يجب وضع آليات لتحديد سقف للإيجارات بما يتناسب مع وضعية الطلبة وقدرتهم الشرائية.
  3. تحفيز إنشاء إقامات جامعية: تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في بناء إقامات جامعية بأسعار معقولة يمكن أن يخفف من الضغط على السوق ويوفر خيارات سكن أفضل للطلبة.
  4. التوعية والدعم: يجب أن تُقام حملات توعية للطلبة بحقوقهم في السكن والتشجيع على الإبلاغ عن أي تجاوزات من طرف أصحاب المنازل.

اقرأ أيضاً: