بقلم : حسن مبارك اسبايس
أثارت تصريحات زعيم حزب الحرية الهولندي اليميني المتطرف المعادي للإسلام خيرت فيلدرز ضد أبنائنا من المهاجرين المغاربة في هولندا ووصفهم ب”حثالة المجتمع” في مستهل حملته الانتخابية لاستحقاق 15 مارس القادم للانتخابات البرلمانية في هولندا، ردود أفعال متباينة عبر العالم وخاصة بهولندا، من خلال الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، كما أدانتها أحزاب هولندية وبعض من أنصار الحزب أيضا الذين قدموا استقالاتهم من الحزب احتجاجا على تهجم زعيمهم على مواطنين هولنديين من أصول مغربية.
موقف فيلدرز وحزبه وبعض أنصاره، وردود الأفعال التي تلت تصريحاته تلك، جاءت لتدين الصمت الرسمي للمغرب على هذا الاعتداء الشنيع على مواطنينا في هولندا، والتحريض ضدهم مما يعرض حياتهم للخطر من قبل المتطرفين من أنصار هذا المعتوه المتطرف والحقود على الإسلام والمسلمين وعلى الخصوص على المغاربة الذين خصهم دون غيرهم بكلامه مما يدل على أنه يقصد العرق والجنسية بعينها وليس الانتماء السياسي أو الديني لأن المغاربة في هولندا ليسوا المسلمين الوحيدين على أرضها.
وكان على الخارجية المغربية، خارجية تصريف الأعمال في انتظار الحكومة التي طال انتظارها، أن تبادر بلهجة شديدة تجاه ما أقدم عليه هذا الكائن السياسي المتطرف وتحمل السلطات الهولندية الرسمية في البلاد مغبة ومسؤولية أي خطر قد يلحق بأبنائنا وإخواننا من مغاربة هولندا سواء المهاجرين أو الهولنديين من أصول مغربية من أبناء الجيل الثاني والثالث، لأن تصريحات كتلك التي أطلقها ذلك “القذر” ضد المغاربة دون غيرهم فيها إهانة لكل المغاربة من طنجة إلى الكويرة.
إننا نطالب كل الجهات الرسمية في المملكة أن تدين بشدة وأن تحتج رسميا أمام الحكومة الهولندية وتحملها المسؤولية الكاملة على سلامة أبنائنا هناك، وأن ترفع دعوى قضائية عاجلة ضد خيرت فيلدرز بتهمة الإهانة والتحريض على القتل وتعريض مغاربة هولندا للخطر، كما ندعو كل القوى الحية والأحزاب والجمعيات الحقوقية وغير الحقوقية والمواطنين إلى التظاهر ضد هذه الإهانة التي أطلقها فيلدرز وأنصاره ضد “جنسيتنا وهويتنا المغربية” بتخصيصه المغاربة في خطابه.
كما ندعو الدول الإسلامية أيضا إلى رفع دعوى قضائية ضد هذا المتطرف الذي يستهدف الإسلام كدين ويتطاول عليه وعلى مقدساته، فكما لا نرضى أن ينال متطرفونا من الآمنين في الغرب ومن بينها هولندا، لا نرضى أيضا أن يمارس فيلدرز وأتباعه التطرف ضدنا وضد مقدساتنا ومعتقداتنا وديننا وهويتنا، وأن يدعو رئاسة الوزراء الهولندية ورئاسة البرلمان الهولندي لاتخاذ إجراءات تأديبية وقانونية ضد هذا العنصري المريض المدعو خيرت فيلدرز.
في أكتوبر الماضي كنت في زيارة عمل لهولندا، في مدينة أمستردام، وخلال جولة في سيارة أجرة داخل المدينة سألني سائقها من أين؟ فأجبته: من المغرب. فبادرني بالسؤال هل سمعت بالنائب البرلماني وزعيم حزب االحرية المتطرف خيرت فيلدرز؟ قلت نعم، فقال لي إنه وغد سياسي يتطاول على المغاربة بشكل لافت ويكرهكم كرها معلنا، والأدهى، يضيف سائق سيارة الأجرة، أن أنصاره يتكاثرون وأنه من الممكن أن يحصل على مقاعد مهمة في الانتخابات القادمة المقررة في شهر مارس 2017! واليوم وهو يقود حملة حزبه بهذه الطريقة المتطرفة وبتلك التصريحات الوقحة ضد أبنائنا المغاربة في هولندا تذكرت ما سمعته من ذلك الرجل وبدأت أستشعر الخوف على مستقبل إخواننا هناك خصوصا وأن مغاربة هولندا أو على الأقل البعض ممن
قابلتهم هناك يشرفون المغرب فعلا بأخلاقهم وحرصهم على هويتهم المغربية وانتمائهم لبلدهم على اختلاف مشاربهم والمناطق التي ينحدرون منها.
صحيح هناك الصالح والطالح في أي بلد وفي أي مكان وزمان، لكن ما لاحظته هو كثرة الحميد وإن كان البعض سيرد بالقول إن هناك أناس منحرفون في السلوك ويقومون بأشياء وسلوكات تنفر الهولنديين منهم ولكني أؤكد أن أولئك قلة ولا يمثلون إلا أنفسهم، وإن كنت على يقين أن من يقصدهم فيلدرز بكلامه ليست تلك الشريحة القليلة المنحرفة الماضية في طريق المخذرات والإجرام والتهور واستغلال مجال الحريات الفردية هناك، بل يقصد من تعفف وتعففت بلبس الحجاب وإعفاء اللحية، وقد قابلت خلال مباراة لكرة القدم هناك في ملعب أمستردام أرينا شباب مغاربة يلعبون في نادي من العاصمة حل ضيفا على فريقها الأول أياكس ويدعى الفريق أوتريخت، حيث يلعب له لاعب مغربي قمة في الاحترام والأخلاق اسمه ناصر بارازيت وآخر اسمه ياسين وآخر اسمه سفيان أمرابط، شقيق نور الدين أمرابط، وكلهم غاية في الاحترام والالتزام، متشبثين بقيم دينهم ويمثلون بلدهم خير تمثيل؛ وفيلدرز يقصد مثل هؤلاء لأنهم يختلفون مع عقليته العنصرية المريضة. فهل سنرى تحركا من مسؤولينا يرد بعض الاعتبار لإخواننا في هولندا الذين خصهم فيلدرز بوصف”الحثالة” دون غيرهم وفي ذلك الكثير من الإشارات.