في كلمة له بالرباط بمناسبة الذكرى 20 لعيد العرش المجيد 1999 -2019، خلال الندوة العلمية في موضوع: ” 20 سنة من الامل والثقة” والمنظمة من طرف حزب التجمع الوطني للأحرار أكد محمد أوجار وزير العدل أن :
العهد الجديد بقيادة صاحب الجلالة نصره الله شكل قطيعة مع الماضي مدشنا لمرحلة جديدة من الإصلاحات والمبادرات والمنجزات على كافة المستويات، فمنذ أول خطاب للعرش يوم 30 يوليوز 1999 تلقى المغاربة قاطبة إشارات قوية تعلن عن المعالم الكبرى لدولة مغربية حداثية وديمقراطية أساسها الحقوق والحريات وسيادة القانون بحس اقتصادي وتنموي واجتماعي متميز وإرادة قوية في الإصلاح، لتتوالى السنون وحبلى بالمنجزات والمشاريع التي ارتقت بوضعية المملكة المغربية بين الدول وكرست مفهوم التمييز المغربي في تجربته وغناه وعززت ريادته الإقليمية والقارية.
وإن المتتبع لمسيرة الإصلاح والنماء خلال 20 سنة الأخيرة سيقف على إصلاحات ومنجزات أساسية على كل الواجهات : الدستورية والمدنية والسياسية الحقوقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتضامنية، منجزات أسهمت مجتمعة في تعزيز التجربة المغربية.
فعلى المستوى الدستوري: مثل اعتماد دستور 2011 نقلة نوعية على كافة الأصعدة بوثيقة كرست الديمقراطية كخيار أساسي، و فَصَلت بين السلط على أساس تعاونها وتوازنها، وأسست لسلطة قضائية مستقلة، وخصصت بابا للحقوق والحريات والحكامة الأمنية، وأكدت على سمو الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة على التشريعات الوطنية، وكرست مفهوم المساواة بين الجنسين، ودسترت توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والعديد من الهيئات والمؤسسات الوطنية، كما دسترت اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للمملكة إلى جانب اللغة العربية، واعتمدت مفهوم الجهوية كخيار سياسي واقتصادي واجتماعي… في وثيقة مرجعية حداثية حقوقية تعتبر من الدساتير الأكثر تقدما في العالم، وثيقة تمثل تعاقدا تاريخيا جديدا بين العرش والشعب.
وعلى مستوى العمل السياسي: ما فتئ جلالة الملك يؤكد على العلاقة التفاعلية من الديمقراطية وحقوق الإنسان وعلى أن إرساء خيار الديمقراطية مدخله الأساسي “الحق في الانتخاب” و ” حرية الانتخاب” وقد حرص جلالته شخصيا على ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفي مواعيدها القانونية، مع إيجاد الوسائل الكفيلة بالتصدي لكل تلاعب أو ممارسة مسيئة، وتوفير الضمانات القانونية والقضائية والإدارية لنزاهة الاقتراع وتخليق المسلسل الانتخابي والحياة السياسية.
وهو ما أسهم في ضمان تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة وفق المعايير الديمقراطية المتعارف عليها دوليا. وقد كان من نتائج هذا الحرص وهذه الضمانات وصول حزب من المعارضة إلى الحكومة بعد استحقاقي 2011 و2017 بكل ما يعنيه ذللك من دلالات.
وعلى مستوى الحقوق والحريات: فقد تعززت التجربة المغربية خلال السنوات العشرين الأخيرة وامتدت آفاقها وتنوعت مجالاتها، حيث أضحت حقوق الانسان توجهـا أساسيا للدولة واختيارا استراتيجيا لها، فتم تحقيق قطائع إيجابية مع بعض الممارسات التي ميزت العهود السابقة، كما تعددت مجالات هذه الحقوق واتسعت آفاقها لتشمل كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتضامنية. وقد مثلت تجربة هيئة الانصاف والمصالحة عنوانا أساسيا للعهد الجديد في مجال حقوق الإنسان، في إطار ما سُمي بتجربة العدالة الانتقالية وطي سنوات انتهاكات حقوق الإنسان، من خلال تبني نهج جديد للدولة في التعاطي مع مجالي الحريات الأساسية وحقوق الإنسان.
وقد أطلقت مخرجات وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ومخرجات تقرير الخمسينية حول التنمية بالمغرب مسارات إصلاحية مهيكلة على كافة المستويات المؤسساتية والتشريعية وبرامج العمل، مع مواصلة انخراط المملكة المغربية في منظومة حقوق الانسان الدولية، وتعزيز التعاون مع الآليات الأممية وخاصة مجلس حقوق الانسان والمفوضية السامية لحقوق الانسان واستقبال 12 مقررا خاصا منذ سنة 2000 بالإضافة إلى رفع العديد ن التحفظات الوطنية عن الاتفاقيات التي صادقت عليها المحكمة.
وأضاف السيد الوزير أنه بالموازاة مع مسلسل التوسيع التدريجي لحقل الحقوق والحريات الذي تشهد عليه مجموعة من المبادرات من قبيـل إصدار مدونة الأسـرة وإصـلاح قـانون الجنسـية كخطـو تين نحـو تحقيـق المسـاواة بـين الجنسـين، واعتماد مدونة الشغل، وتعزيز الحكامـة العموميـة وإطلاق مشروع المبادرة الوطنية للتنميـة البشـرية كبرنامج وطني للتعـاطي مـع المعضـلات الاجتماعيـة وإدماج البلاد في تنمية بشرية فعالة ومستدامة، مـن خـلال إشـراك المسـتفيدين وإعمـال البعـد الـترابي في التخطـيط وإدارة الـبرامج والمشـاريع التنمويـة، ومع إطلاق مخطط المغرب الأخضر وعدد من المشاريع الكبرى اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، أطلقت المملكة المغربية مبادرتها بشأن مقترح الحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية في إطار جهود الدفع نحو التسوية السلمية والعادلة والدائمة للخلاف المتعلق بالصحراء، في إطار سيادة المملكة وسلامتها الإقليميـة ووحدتها الوطنية وخيار الجهوية المتقدمة.