الرئيسية آراء وأقلام أكتب لأنني أريد فقط أن أكتب .

أكتب لأنني أريد فقط أن أكتب .

IMG 20190727 WA0029.jpg
كتبه كتب في 27 يوليو، 2019 - 1:49 مساءً

مراسلة :حبيب سعداوي.
صوت العدالة

أكتب لأنني أريد أن أكون سعيدا ، متحررا ، صريحا مع ذاتي ، منبعثا من داخلي ، متبحرا في عالمي ، معبرا عن قدراتي ، أشعر أنني فجرت ما بي داخلي من مشاعر صادقة و أحاسيس معبرة ، و أحلام مجرد ما خطها قلمي دخلت في برنامجي بدون ما أشعر .

فالكتابة رمت علي أطرافها منذ صغري ، حيث كنت أشعر دائما بالسيطرة التي تكاد أن تكون مطلقة. كنت أشك في قدرتي على الكتابة وليس عيباً أن أشك فيها…وأنا اكتب يمكنني أن أكون أي شيء ، لا يهمني شيء ، سوى كتابة مبنية على أساس وواقع معاش ، أخبر بالخبر وانظر بلا نظر ” واللي جابها الله مرحبا بها ” ، ولا أخاف من عواقب ، وممن لم تعجبه كتابتي أو تفضح سلوكه المشين.

أحب ان أستلقي مع أفكاري وبنات خاطري وأنا هادئ ، لا تهمني السمعة ، او أبحث عن شهرة أو مال ، ولا أهتم بنشر غسيل أحد ، أحاول إيصال صوت الطبقة الصامتة أحيانا على قدر المستطاع ، لعله يجد أذان صاغية ، فبينما تكون نفسي هادئة ، الكتابة تزيد من تهدئني . وتجعلني متأملا وتساعد في إبقائي ساكنا وسلميا في عالم مجنون قلت فيه النزاهة والشفافية والموضوعية والقيم والأخلاق والسلوك النبيلة ، واختلط فيه الحابل بالنابل ، رهنا بالمكان وطبيعة الأحداث.

نعم أنا اعتبرها كما يقال بالعامية ” بَلْيَة ” كما يبتلى القناص ببندقيته، والفارس بفرسه ، واعتبرها ورقة مرور لمدى حريتي ، بالرغم أن النخب السياسية تشعر بأن الكتابة تهددها ، فكثير هم من يهوون الكتابة في المناطق التي يعاني منها الكاتب التميز والاضطهاد هم خلف القضبان ، وكثير هم من تركوا الساحة لضعف العزيمة والإصرار على المواقف الثابتة ، لأن كتابتهم تخضع للمراقبة ، ويخضعون هم أنفسهم للتهديد في كل لحظة ، لا لشيء لأنهم يحبون ما أحب أنا ، لكن الفرق كبير وكبير جدا بين إعجاب وحب الكتابة ، ذلك الحب الذي لا يدركه الكثيرون.

فالكتابة اخواني في هذا الزمن تعتبر تحديا كبيرا ، تحتاج قدرا عاليا من الدراية والجرأة والشجاعة ، ليس ببلدنا فقط ، بل حتى في الدول النامية ، التي تتباهى بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، فإن الكاتب إذا زاغ قلمه ولو بالحق تكسرت أطرافه ، إما بالعقاب وإما بالمساومة ” هاك كول ودخل لسوق راسك “…فالكتابة تجعلني أشعر أنني سيد نفسي، متأثرا بأي شيء قرأته ، وهذا التأثر تارة مكشوفا وتارة مستترا .

أحب أن أجلس على شكل من الأشكال حينما أكتب ، مرة أصيب ومرة أخطأ ولا عيب في الخطأ ، فمنه يتعلم الناس ، لكن خطئي بعيد عن أعراض الناس وغسيلهم ” كل الشاة كاتعلق من كراعتها ” ..خطئي ولست معصوم من الأخطاء ما دام الكمال للخالق وحده ، يتجلى أحيانا في الصياغة ، وأحيانا في الأسلوب ، ومن كثرة حبي للكتابة صرت أجالس كتاب وأساتذة وصحفيين وسياسيين وهيئات مجتمعية ، حيث نشأ بيننا تعارف وصداقة ، وأصبحت أحضر لقاءات ودورات تكوينية ، وبدأت أقوم بتغطيات ، أدون صباح مساء ، وارتبطت بأناس يحبون أيضا الكتابة وما سالت به الأقلام ، أناس أحبوا الكتابة في مختلف المجالات.

وقد ازددت شغفا على الكتابة لكثرة المواضيع التي لا حصر لها في مجتمعنا…مواضيع يومية لعلها لم تحظ بقدر واف من التقليب والتناول ، وتعلمت أنه يجب أن تكون الكتابة صريحة ونزيهة ، ومستحقة للثقة ومعولا عليها ، بعيدة عن الاسترزاق والابتزاز والمساومة ، لأنها تنقل كاتبها عبر عتبات الطهر والنزاهة إلى الطبقات العليا للذات ، وبالتالي تسهم في نشوء وتعزيز التماسك القيمي والاجتماعي…يتبع .

مشاركة