الرئيسية غير مصنف مليكة اشكورة… قاضية بحجم الوطن تتحدى التشويش بثبات القانون وسمو الضمير

مليكة اشكورة… قاضية بحجم الوطن تتحدى التشويش بثبات القانون وسمو الضمير

IMG 4953
كتبه كتب في 16 يونيو، 2025 - 5:09 مساءً

بقلم عزيز بنحريميدة

في صرح العدالة، حيث يُختبر معدن الرجال والنساء أمام رهانات الوطن وشرف المسؤولية، تبرز أسماء صادقة في عطائها، نقية في جوهرها، لا تساوم على المبادئ ولا تضعف أمام حملات التشويش. ومن بين هذه الأسماء التي تترسخ في الذاكرة القضائية والوطنية، اسم الأستاذة مليكة اشكورة، وكيلة الملك بالمحكمة الاجتماعية بالدار البيضاء، وعضو المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة.

امرأة من طينة الكبار، نسجت لنفسها مسارًا قوامه النزاهة، الجدية، الكفاءة والمروءة المهنية. قاضية عُرفت بدماثة الأخلاق، وبفهمها العميق للقانون، وبقدرتها على الإنصات، وبصلابتها في الحق دون تفريط أو محاباة. في محكمة يختلط فيها الاجتماعي بالقانوني، والملف الإنساني بالواقع المعيشي، ظلت الأستاذة اشكورة صوتًا للعدالة الهادئة، وعنوانًا للمسؤولية الرزينة.

لقد اشتغلت بصمت، وآمنت أن العدالة لا تحتاج إلى الأضواء بقدر ما تحتاج إلى رجال ونساء يؤمنون بدورها في حماية الحقوق وصون الكرامة. اختارها زملاؤها لتكون عضوًا في المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، وهو اختيار يعكس حجم التقدير الذي تحظى به داخل الأسرة القضائية، لما تمثله من اتزان وصدق ونزاهة في الرأي والموقف.

لكن كما علمتنا التجارب، فإن الشرفاء في هذا الوطن، كلما تقدموا خطوة نحو الصواب، كلما تعرضوا لمحاولات النيل من صورتهم عبر حملات مشبوهة وممنهجة، تستهدفهم لأنهم اختاروا الانتماء إلى الضمير، لا إلى الصخب. واليوم، تتعرض الأستاذة مليكة اشكورة، كما تعرض كثيرون قبلها، لمحاولات واهنة لن تزيدها إلا إصرارًا وثباتًا، ولن تضعفها عن أداء رسالتها النبيلة في خدمة العدالة ورعايا صاحب الجلالة.

لكن من رأى ليس كمن سمع. ومن عرف الأستاذة اشكورة عن قرب، أدرك كم هي صلبة في وجه الظلم، وكم هي متزنة حين تمارس السلطة بحكمة القانون، لا بجبروت المنصب. لم يكن المنصب لديها امتيازًا، بل تكليفًا يثقل كاهلها كل يوم، ويجعلها في مواجهة مباشرة مع قضايا اجتماعية معقدة، تتطلب حسًا إنسانيًا عاليًا ومهارة قانونية دقيقة.

في زمن تتداخل فيه النيات، وتُشهر فيه منصات التشهير بدل أدوات المحاسبة، تظل مليكة اشكورة مثالًا للقاضية التي لم تُغْرِها السلطة، ولم تُرْهبها الحملات. بل بقيت كما عرفها الجميع: امرأة في ثوب العدالة، وضمير يُؤْمن أن القانون لا يُطبَّق انتقائيًا، بل يُمارَس بعدالة على الجميع.

إنها قاضية تمثل مدرسة في التواضع والمروءة والإيمان بالدولة والمؤسسات. وإننا إذ نكتب عنها اليوم، لا نرد على حملات التشويه، بل نُسلط الضوء على قيمة قضائية نفتخر بها، ونُذكِّر بأن المغرب لا يزال يزخر بنساء ورجال أوفياء، يحملون رسالة القضاء على أكتافهم، ويخوضون معاركهم بصمت في خدمة الوطن والعدالة، بعيدًا عن الضجيج.

مشاركة